الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، فإن من أعمّ النعم وأشمل المنن ما تفضّل به الرب سبحانه وتعالى علينا من الوقوف على تراث هذه الأمة والاطلاع على بعض جوانبه سائلين المولى عزّ وجلّ أن يجعل كل جهد وخاطر في ميزان الحسنات يوم يقوم الأشهاد. اللهم آمين.
فإنه لما كنت أنظر في كتاب "بهجة الناظرين" في تراجم الشافعية لرضي الدين الغزي -رحمه الله- ت ٨٦٤ هـ منذ أكثر من ثلاث سنوات لفت انتباهي كثرة استشهاده لعالم جليل وعلم مؤرخ يكثر من ذكره ويعود إلى قوله خاصة إذا كانت وفاة من يترجم له قبل عام ٨١٦ هـ وبالأخص إذا كان شاميًا، فهو يكثر أن يقول:"قال الشيخ شهاب الدين ابن حجي" في أكثر من عشرة مواضع من كتابه، مما دفعني ولله الحمد والمنة والفضل أن أراجع ترجمة هذا الإمام فأجدني أمام سيرة إمامٍ علمٍ جليل من أعلام هذه الأمة المباركة، ذكره الفضلاء في كتبهم واستفاد منه العلماء في مصنفاتهم، فقوله منثور في كتب التراجم والتواريخ من عصره إلى عصر ابن العماد الحنبلي في شذراته عبر ثلاثة قرون.
وعند التمعّن في قراءة ترجمته ومصنفاته تبيّن أنه بنى كتابه التاريخ على كتاب الحافظ العلاّمة ابن كثير -رحمه الله- ت ٧٧٤ هـ "البداية والنهاية"، وفي ترجمة المصنف -رحمه الله- عند تلميذه ابن قاضي شهبة