للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْجٍ فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ وَطَلْقُ حَامِلٍ، وَبَعْدَ الْوَضْعِ مَا لَمْ تَنْفَصِلْ الْمَشِيمَةُ) وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النِّسَاءُ الْخَلَاصَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ تَسْتَعْقِبُ الْهَلَاكَ غَالِبًا، وَوَجْهُ عَدَمِ إلْحَاقِهَا بِالْمَرَضِ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْ بَدَنَ الْإِنْسَانِ فِيهَا شَيْءٌ، وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلْقِ إلَى آخِرِهَا قَوْلَانِ وَفِيمَا قَبْلَهَا طَرِيقَانِ حَاكِيَةٌ لِقَوْلَيْنِ وَقَاطِعَةٌ فِي التَّقْدِيمِ لِقِصَاصٍ بِعَدَمِ الْإِلْحَاقِ، وَفِي غَيْرِهِ بِالْإِلْحَاقِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ لَا تَبْعُدُ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، وَالْعَفْوُ طَمَعًا فِي الثَّوَابِ أَوْ الْمَالِ وَلَا خَوْفٌ فِي أَسْرِ مَنْ لَمْ يَعْتَدْ قَتْلَ الْأَسْرَى كَالرُّومِ، وَلَا فِيمَا إذَا لَمْ يَلْتَحِمْ الْقِتَالُ، وَإِنْ كَانَ يَتَرَامَيَانِ بِالنُّشَّابِ، وَالْحِرَابِ، وَلَا فِي الْفَرِيقِ الْغَالِبِ، وَلَا فِيمَا إذَا كَانَ الْبَحْرُ سَاكِنًا وَقَوْلُهُ: " مُتَكَافِئَيْنِ " الْمَزِيدُ عَلَى الْمُحَرَّرِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا أَوْ مُسْلِمِينَ وَكُفَّارًا أَوْ مُسْلِمِينَ وَكُفَّارًا

(وَصِيغَتُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ (أَوْصَيْت لَهُ بِكَذَا أَوْ ادْفَعُوا إلَيْهِ) بَعْدَ مَوْتِي كَذَا (أَوْ أَعْطُوهُ بَعْدَ مَوْتِي) كَذَا (أَوْ جَعَلْته لَهُ) بَعْدَ مَوْتِي (أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى) قَوْلِهِ (هُوَ لَهُ فَإِقْرَارٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ هُوَ لَهُ مِنْ مَالِي فَيَكُونُ وَصِيَّةً) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ

(وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ) بِالنُّونِ مَعَ النِّيَّةِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ، وَغَيْرِهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ بِلَا خِلَافٍ، وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ مِنْ الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ فِيهَا الْأَظْهَرُ. (وَالْكِتَابَةُ) بِالتَّاءِ (كِنَايَةٌ) وَإِذَا كَتَبَ وَقَالَ نَوَيْت الْوَصِيَّةَ صَحَّتْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ بَحْثًا وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ كَمَا هُنَا

(وَإِنْ وَصَّى لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْمُوَافِقُ لَهَا مِنْ الْحَاكِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مُخَالَفَةُ طَرِيقِ الْقَطْعِ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ. قَوْلُهُ: (وَلَا خَوْفٌ) أَيْ لَيْسَ مِنْ الْمَخُوفِ بِلَا خِلَافٍ. قَوْلُهُ: (مُسْلِمِينَ) هُوَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى، وَانْظُرْ لَوْ كَانَا مُفْرَدَيْنِ.

قَوْلُهُ: (وَصِيغَتُهَا إلَخْ) هُوَ الرُّكْنُ الرَّابِعُ وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا إلَى هُنَا لِلْمُنَاسَبَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَوْصَيْت إلَخْ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ مَوْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِي) وَمِثْلُهُ بَعْدَ عَيْنِي، وَإِنْ قَضَى اللَّهُ عَلَيَّ بِالْمَوْتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى ادْفَعُوا لَهُ كَذَا فَهُوَ تَوْكِيلٌ يَرْتَفِعُ بِالْمَوْتِ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْطُوهُ كَذَا فَوَعْدُ هِبَةٍ أَوْ إقْرَارٌ بِوَدِيعَةٍ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى جَعَلْته لَهُ احْتِمَالُ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ إحْدَاهُمَا بَطَلَ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْته كَذَا أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْهِ أَوْ حَبَوْته أَوْ مَلَكْته فَهِبَةٌ نَاجِزَةٌ فَإِنْ زَادَ بَعْدَ مَوْتِي فَوَصِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ مَا فِي جَرِيدَتِي أَيْ دَفْتَرِي قَدْ قَبَضْته فَإِقْرَارٌ بِمَا عُلِمَ أَنَّهُ فِيهَا وَوَصِيَّةٌ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَيُجْعَلُ كِنَايَةً) هُوَ الْمُعْتَمَدُ

قَوْلُهُ: (وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ بِالنُّونِ) وَمِنْهَا ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ بَطَلَتْ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الرَّافِعِيِّ. حَيْثُ قَالَ فِي الشَّرْحِ إنَّ انْعِقَادَ الْوَصِيَّةِ بِالْكِنَايَةِ لَا خِلَافَ فِيهِ مَعَ ذِكْرِهِ خِلَافًا فِي الْمُحَرَّرِ لِقَوْلِهِ الْأَظْهَرُ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهُ فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْكِتَابَةُ بِالتَّاءِ كِنَايَةٌ) سَوَاءٌ مِنْ النَّاطِقِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ، وَفِي الْإِشَارَةِ مَا مَرَّ فِيهِ أَيْضًا، وَمِنْهَا مَا لَوْ قِيلَ لِمَرِيضٍ: أَوْصَيْت بِكَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ مَثَلًا أَنْ نَعَمْ فَقَوْلُهُ: وَقَالَ: نَوَيْت أَيْ كَتَبَ نَوَيْت مُطْلَقًا أَوْ تَلَفَّظَ النَّاطِقُ بِهِ

. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَعْسُرُ عَدُّهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ) وَلَا يَتَعَيَّنُ فُقَرَاءُ بَلَدِ الْمُوصِي. قَوْلُهُ: (لِمُعَيَّنٍ) مِنْهُ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ، وَمِثْلُهُ مَنْ أَرْضَى بِعِتْقِهِ، وَنَفَقَةُ هَذَا عَلَى الْوَارِثِ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَإِذَا أَعْتَقَهُ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ بِشَرْطِهِ، وَيَتَعَيَّنُ أَنَّ كَسْبَهُ لَهُ مِنْ الْمَوْتِ، وَلَوْ نَادِرًا وَمِنْ الْمُعَيَّنِ الصَّبِيُّ فَيَقْبَلُ لَهُ وَلِيُّهُ وَمِنْهُ نَحْوُ الْمَسْجِدِ فَيَقْبَلُ نَاظِرُهُ قَوْلُهُ: (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) أَيْ لَفْظًا فَلَا يَكْفِي الْفِعْلُ وَلَا التَّصَرُّفُ كَرَهْنٍ، وَلَوْ قُبِلَ الْبَعْضُ صَحَّ فِيهِ، وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ اكْتَفَى عَنْ الْفِعْلِ بِنَحْوِ الْهَدِيَّةِ. قَوْلُهُ: (كَالْفُقَرَاءِ) فِي اللُّزُومِ بِالْمَوْتِ وَعَدَمِ الْقَبُولِ وَعَدَمِ التَّسْوِيَةِ إلَّا إنْ عَيَّنَ مَحَلًّا، وَسَهُلَ عَدُّ مَنْ فِيهِ. وَهَذَا يَجْرِي فِي الْفُقَرَاءِ أَيْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِمْ وَتَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ حَيْثُ سَهُلَ عَدُّهُمْ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ طَرِيقَةٌ قَاطِعَةٌ بِأَنَّ الطَّلْقَ مَخُوفٌ فَكَلَامُ النَّوَوِيِّ عَلَى إطْلَاقِهِ. قَوْلُهُ: (طَرِيقَانِ حَاكِيَةٌ لِقَوْلَيْنِ) هِيَ الصَّحِيحَةُ قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) . قَدْ يَدَّعِي احْتِمَالَ الرُّجُوعِ فِي الزِّنَا الثَّابِتِ بِالْإِقْرَارِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ إرَادَةَ التَّطَهُّرِ بِالْحَدِّ يَبْعُدُ مِنْهُ الرُّجُوعُ، وَإِنْ أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ. قَوْلُهُ: (لَا تَبْعُدُ مِنْهُ الرَّحْمَةُ) لَوْ قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ، وَأَقَارِبُ الْمَقْتُولِ كُفَّارٌ تَخَلَّفَ هَذَا التَّوْجِيهُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَلَّفَ هَذَا الْخِلَافَ لِذَلِكَ

. قَوْلُهُ: (تُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْوَصِيَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْهِبَةَ النَّاجِزَةَ وَيَحْتَمِلُ الْوَصِيَّةَ.

قَوْلُهُ: (فِيهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَتَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ قَوْلُهُ: (وَلِذَلِكَ أَسْقَطَ) فَاعِلَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَعَلَّ الَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ مِنْ كِتَابَةٍ بِالتَّاءِ، وَقَوْلُهُ عَقِبَهُ وَالْكِتَابَةُ كِنَايَةُ بَيَانِ كِنَايَةٍ. قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلْمُحَرَّرِ.

قَوْلُهُ: (بَحْثًا) مُقَابِلُهُ نُقِلَ عَنْ التَّتِمَّةِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ بِالْكِتَابَةِ بِالتَّاءِ.

فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ: كُلُّ مَنْ ادَّعَى عَلَيَّ بَعْدَ مَوْتِي هُوَ إقْرَارٌ بِمَجْهُولٍ فَيُرْجَعُ فِيهِ لِتَفْسِيرِ الْوَارِثِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَزِمَتْ بِالْمَوْتِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الصِّيغَةُ: أَعْطُوهُمْ كَذَا حَتَّى يَمْلِكَ الْأَكْسَابَ الْحَاصِلَةَ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْإِعْطَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ.

فَائِدَةٌ: لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمْ أَيْضًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ) أَيْ كَالْهِبَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَصِحُّ قَبُولُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: كَانَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ يَنْزِعُ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ تَرَاخِيهِ عَنْ الْمَوْتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>