للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ اسْتِنَابَةٌ فِي الْحِفْظِ.

(وَيُشْتَرَطُ صِيغَةُ الْمُودِعِ كَ اسْتَوْدَعْتُكَ هَذَا، أَوْ اسْتَحْفَظْتُك أَوْ أَنَبْتُك فِي حِفْظِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا وَيَكْفِي الْقَبْضُ) وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ وَالثَّالِثُ يُشْتَرَطُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ، نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ دُونَ صِيغَةِ الْأَمْرِ، كَمَا حُفِظَ هَذَا وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ

(وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ مَالًا لَمْ يَقْبَلْهُ فَإِنْ قَبِلَ ضَمِنَ) وَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى وَلِيِّ أَمْرِهِ

(وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا مَالًا فَتَلِفَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُودِعَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَالصَّبِيِّ) فِي إيدَاعِهِ، وَالْإِيدَاعُ عِنْدَهُ وَهُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِالسَّفِيهِ

(وَتَرْتَفِعُ) الْوَدِيعَةُ مِنْ حَيْثُ الْإِيدَاعِ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا أَيْ تَنْتَهِي (بِمَوْتِ الْمُودِعِ أَوْ الْمُودَعِ وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ) كَالْوَكَالَةِ

(وَلَهُمَا الِاسْتِرْدَادُ وَالرَّدُّ كُلَّ وَقْتٍ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ. قَوْلُهُ: (اُسْتُحِبَّ) أَيْ الْقَبُولُ بَلْ يَجِبُ إذَا تَعَيَّنَ لِعَدَمِ غَيْرِهِ، أَوْ لِلْأَمْنِ مِنْ عِنْدِهِ دُونَ غَيْرِهِ مَعَ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَلَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ضَيَاعِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ حِرْزِهِ مَجَّانًا، وَيُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَيْهَا إنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأُمَنَاءُ وَجَبَ عَلَى الْمَسْئُولِ خَوْفَ التَّوَاكُلِ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهَا تَعْتَرِيهَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَنُوزِعَ فِي الْإِبَاحَةِ فِيمَا مَرَّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَا وَضَعَهُ عَلَى النَّدْبِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَى الْإِبَاحَةِ فَرَاجِعْهُ

قَوْلُهُ: (الْمُتَعَلِّقِينَ بِهَا) أَيْ فَإِنَّهُمَا رُكْنَانِ كَالصِّيغَةِ وَالْعَيْنِ، فَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا ذَكَرَ شُرُوطَهُمَا صَرِيحًا أَوْ تَأْوِيلًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (شَرْطُ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) فَلَا يُودَعُ كَافِرٌ مُصْحَفًا وَلَا مُسْلِمًا وَلَا مُحْرِمٌ صَيْدًا وَلَا أَعْمَى عَيْنًا وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ فِي الْجَمِيعِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ، لَكِنْ لَا تُوضَعُ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِ الْأَوَّلَيْنِ وَيُوَكِّلُ الْأَعْمَى مَنْ يَقْبِضُ لَهُ. قَوْلُهُ: (صِيغَةٌ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اعْتِبَارَ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ اللَّفْظِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَلَوْ مُتَرَاخِيًا، كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْإِيصَاءِ، وَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهُ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا يَقَعُ بَعْدَهُ فِعْلٌ فَظَاهِرٌ، فَلَوْ قَالَ لَهُ: احْفَظْ مَتَاعِي هَذَا مَثَلًا فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ وَدِيعًا، وَيُغْنِي عَنْ الْقَبُولِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ، وَلَمْ يَرْتَضِ هَذِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا غَيْرَ وَدِيعَةٍ فَوَدِيعَةٌ أَبَدًا أَوْ عَكْسَهُ فَأَمَانَةٌ غَيْرُ وَدِيعَةٍ أَبَدًا، وَلَوْ قَالَ: خُذْهُ يَوْمًا وَدِيعَةً وَيَوْمًا عَارِيَّةً أَوْ عَكْسَهُ عُمِلَ بِمَا قَالَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَبَعْدَهُمَا أَمَانَةٌ أَبَدًا غَيْرُ وَدِيعَةٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي الْأُولَى مَضْمُونٌ أَبَدًا، وَلَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا وَأَذِنَهُ بِلُبْسِهِ، فَهُوَ عَقْدَانِ فَاسِدَانِ وَهُوَ قَبْلَ لُبْسِهِ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَبَعْدَهُ مَضْمُونٌ؛ إذْ فَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْدَعَهُ) أَيْ أَوْدَعَ غَيْرَ كَامِلٍ بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَرُشْدٍ وَلَوْ حُكْمًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقْبَلْهُ) فَيَحْرُمُ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: " ضَمِنَ مَنْ " إلَى أَنَّ فَاسِدَ الْعَقْدِ هُنَا لَيْسَ كَصَحِيحِهِ، لِامْتِنَاعِ وَضْعِ الْيَدِ وَلَوْ بِلَا عَقْدٍ، أَوْ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ فَيَكُونُ ضَامِنًا مُطْلَقًا، أَوْ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ. قَوْلُهُ: (بِالرَّدِّ) وَإِتْلَافُ الصَّبِيِّ لَهَا عِنْدَ الْوَدِيعِ مُبَرِّئٌ لَهُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ شَيْخِنَا: وَلَوْ أَتْلَفَ نَحْوُ صَبِيٍّ وَدِيعَتَهُ بُرِّئَ الْوَدِيعُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَا يُمْكِنُ انْضِبَاطُهُ، وَتَضْمِينُهُ مَالَ نَفْسِهِ مُحَالٌ فَتَعَيَّنَتْ بَرَاءَةُ الْوَدِيعِ انْتَهَى وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَجْنُونَ وَالسَّفِيهَ كَالصَّبِيِّ فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ نَحْوِ الصَّبِيِّ حِسْبَةً لِيَرُدَّهُ لِوَلِيِّهِ، وَخَشِيَ ضَيَاعَهُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَضْمَنْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْدَعَ) أَيْ كَامِلٌ بِمَا مَرَّ غَيْرَ كَامِلٍ لِكَوْنِهِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا كَمَا يَأْتِي أَوْ رَقِيقًا، وَلَوْ بَالِغًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الرَّقِيقِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمْ إنْ أَتْلَفَ لَا إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ. تَتِمَّةٌ: لَوْ أَوْدَعَ نَاقِصٌ نَاقِصًا لِمَضْمُونٍ مُطْلَقًا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَ فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ هَكَذَا تَحَرَّرَ مَعَ شَيْخِنَا فِي دَرْسِهِ وَاعْتَمَدَهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ حَيْثُ الْإِيدَاعُ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الْأَمَانَةُ، بَلْ هِيَ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ يَجِبُ عَلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا أَوْ وَلِيِّهِ إعْلَامُ مَالِكِهَا بِهَا فَوْرًا، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَيْثُ تَمَكَّنَ

قَوْلُهُ: (وَلَهُمَا) أَيْ حَيْثُ لَمْ تَجِبْ كَمَا مَرَّ قَوْلُهُ: (أَيْ لِلْمُودِعِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ عَلَى التَّوْزِيعِ، وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ خِلَافَهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (شَرْطُ مُوَكِّلٍ وَوَكِيلٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ اسْتِيدَاعُ الْمُحَرَّمِ وَلَا الْكَافِرِ الْمُصْحَفَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَاسْتَوْدَعْتُكَ إلَخْ) هِيَ صَرَائِحُ الْكِنَايَةِ خُذْهُ، وَنَحْوُهَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَكْفِي الْقَبْضُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْقَلْ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْعِبَارَةِ خِلَافَ ذَلِكَ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ التَّهْذِيبِ، أَنَّهُ لَوْ قَالَ: ضَعْهُ فَوَضَعَهُ كَانَ إيدَاعًا. فَائِدَةٌ قَدْ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ اشْتِرَاكُ الْوَدِيعَةِ مَعَ الْوَكَالَةِ فِي الْعَاقِدِ وَالصِّيغَةِ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الْمُودَعَةِ لِاشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالْمُوَكَّلِ فِيهِ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ إلَخْ) نَظَرًا إلَى أَنَّهَا عَقْدٌ لَا مُجَرَّدُ إذْنٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَوْدَعَهُ صَبِيٌّ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: حُكْمُ الْعَبْدِ كَالصَّبِيِّ إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهَا إذَا تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِ الْعَبْدِ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ قَبِلَ ضَمِنَ) أَيْ فَلَيْسَ الْفَاسِدُ هُنَا كَالصَّحِيحِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا) مِثْلُهُ الْمَجْنُونُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَتَرْتَفِعُ) أَيْ وَبَعْدَ الِارْتِفَاعِ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَقِيلَ: يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّالِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِغْمَائِهِ) اسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ إفْرَادَ الضَّمِيرِ هُنَا. وَتَثْنِيَتَهُ فِيمَا يَأْتِي، وَقَالَ الْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ فِي الْإِفْرَادِ لِتَقَدُّمِ الْعَطْفِ بِأَوْ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ) يَعْنِي أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>