للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ لِلْمُودِعِ الِاسْتِرْدَادُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ أَوْ نَائِبٌ عَنْهُ وَلِلْمُودَعِ عِنْدَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْحِفْظِ

(وَأَصْلُهَا الْأَمَانَةُ وَقَدْ تَصِيرُ مَضْمُونَةً بِعَوَارِضَ مِنْهَا أَنْ يُودِعَ غَيْرَهُ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُودِعِ (وَلَا عُذْرَ) لَهُ (فَيَضْمَنُ) سَوَاءٌ أَوْدَعَ زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ وَعَبْدَهُ وَالْقَاضِيَ وَغَيْرَهُمْ (قِيلَ إنْ أَوْدَعَ الْقَاضِي لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّ أَمَانَةَ الْقَاضِي أَظْهَرُ مِنْ أَمَانَتِهِ، (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ) بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَكَسْرِ الزَّايِ (يَدَهُ عَنْهَا جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِمَنْ يَحْمِلُهَا إلَى الْحِرْزِ أَوْ يَضَعُهَا فِي خِزَانَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ (مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ مَثَلًا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْقَفَّالِ (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا فَلْيَرُدَّ) الْوَدِيعَةَ (إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ) إنْ كَانَ (فَإِنْ فَقَدَهُمَا) لِغَيْبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا (فَالْقَاضِي) أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبُولُهَا (فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٍ) أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ تَأْخِيرَ السَّفَرِ، فَإِرَادَتُهُ عُذْرٌ فِي الرَّدِّ إلَى غَيْرِ الْمُودِعِ، (فَإِنْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ) وَسَافَرَ (ضَمِنَ) إنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا مَنْ يَذْكُرُ، (فَإِنْ أَعْلَمَ بِهَا أَمِينًا يَسْكُنُ الْمَوْضِعَ، لَمْ يَضْمَنْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ إعْلَامَهُ بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهِ، وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَلَوْ سَافَرَ بِهَا) مِنْ الْحَضَرِ (ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّ حِرْزَ السَّفَرِ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ، (إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ أَوْ غَارَةٌ وَعَجَزَ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ كَمَا سَبَقَ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَأَصْلُهَا) أَيْ وَضْعُهَا، وَالْمُنَاسِبُ فِيهَا، وَالْغَالِبُ عَلَيْهَا الْأَمَانَةُ، وَإِنْ حَرُمَتْ أَوْ كُرِهَتْ. قَوْلُهُ: (بِعَوَارِضَ) أَيْ عَشَرَةٍ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

عَوَارِضُ التَّضْمِينِ عَشْرٌ وَدْعُهَا ... وَسَفَرٌ وَنَقْلُهَا وَجَحْدُهَا

وَتَرْكُ إيصَاءٍ وَدَفْعُ مُهْلِكٍ وَمَنْعُ رَدِّهَا ... وَتَضْيِيعٌ حُكِيَ وَالِانْتِفَاعُ وَكَذَا

الْمُخَالَفَةُ فِي حِفْظِهَا إنْ لَمْ يُرِدْ مَنْ خَالَفَهْ

وَأَخْصَرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلِي

عَوَارِضُهَا عَشْرٌ ضَيَاعُ وَدِيعَةٍ ... وَنَقْلٌ وَجَحْدُ مَنْعِ رَدٍّ لِمَالِكٍ

مُخَالَفَةٌ فِي الْحِفْظِ تَرْكُ وَصِيَّةٍ ... وَسَفَرٌ بِهَا نَفْعٌ بِهَا تَرْكُ هَالِكٍ

قَوْلُهُ: (فَيَضْمَنُ) أَيْ يَصِيرُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا) بِأَنْ اسْتَمَرَّ الْإِيدَاعُ. قَوْلُهُ: (بِمَنْ) أَيْ بِثِقَةٍ أَوْ صَبِيٍّ مَأْمُونٍ مُطْلَقًا أَوْ غَيْرِهِمَا، وَلَازِمُهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الشَّرِيكِ فِي الْخِزَانَةِ. قَوْلُهُ: (يَحْمِلُهَا) وَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهِ حَمْلُهَا، وَلَاقَ بِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا) أَيْ مُبَاحًا وَإِنْ قَصُرَ إنْ رَدَّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ السَّفَرُ بِالْمُبَاحِ، أَيْ رَدُّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَنَائِبِهِ لَا يَجُوزُ، إلَّا فِي السَّفَرِ الْمُبَاحِ وَرَدُّهَا لَهُمَا يَجُوزُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُبَاحِ، بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ بِالسَّفَرِ لِجَوَازِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ وَكِيلِهِ) وَلَوْ عَامًا أَوْ وَلِيِّهِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَحْوِهَا) كَحَبْسِ الْمَالِكِ وَتَوَارِيهِ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ قَبُولُهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَخْذُهَا مِنْ الْوَدِيعِ حِفْظًا لَهَا. بِخِلَافِ دَيْنِ غَائِبٍ وَأَخْذِ مَغْصُوبٍ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُمَا أَحَرَزُ لِلْمَالِكِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ يَرُدُّهَا إلَيْهِ) أَيْ يُعْلِمُهُ بِهَا وَبِمَحَلِّهَا، وَلَا يَلْزَمُ الْإِشْهَادُ فِي رَدِّهَا لِوَاحِدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي السَّفَرِ بِهَا وَعَيَّنَ لَهُ طَرِيقًا أَوْ مَحَلًّا تَعَيَّنَ، وَإِلَّا لَزِمَهُ سُلُوكُ أَكْثَرِ الطَّرِيقَيْنِ أَمْنًا فَأَقْصَرَهُمَا، وَإِذَا رَجَعَ لَزِمَهُ أَخْذُهَا مِمَّنْ دَفَعَهَا لَهُ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ الْمَالِكُ وَأَقَرَّهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَفَنَهَا بِمَوْضِعٍ) وَلَوْ حِرْزًا لِمِثْلِهَا ضَمِنَ وَالدَّفْنُ لَيْسَ قَيْدًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ إعْلَامَهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ إعْلَامَ مُؤَخَّرٍ عَنْ إعْلَامِ الْمَالِكِ وَوَكِيلِهِ وَالْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (يَسْكُنُ) لَيْسَ قَيْدًا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَوْضِعِ حِرْزًا لَهَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَافَرَ بِهَا) أَيْ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ، وَبِغَيْرِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْأَمَانَةَ مَقْصُودَةٌ مِنْهَا بِحَسَبِ وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ، وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ كَمَا فِي الرَّهْنِ وَمَالِ الْقِرَاضِ وَأَشْجَارِ الْمُسَاقَاةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَائِدَةٌ قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا، وَأَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهَا فَهُوَ إيدَاعٌ فَاسِدٌ لِاقْتِرَانِهِ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ فَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ اللُّبْسِ، لَمْ يَضْمَنْ إلْحَاقًا لِلْفَاسِدِ بِالصَّحِيحِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ اللُّبْسِ فَيَضْمَنُ إلْحَاقًا لِفَاسِدِ الْعَارِيَّةِ بِصَحِيحِهَا. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا عُذْرٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُ التَّضَجُّرُ مِنْ الْحِفْظِ عَلَى الْمَذْهَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَضْمَنُ) وَلَهُ تَضْمِينُ الثَّانِي أَيْضًا ثُمَّ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي حَالِ الْجَهْلِ دُونَ حَالِ الْعِلْمِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَضْمَنُ أَيْضًا) قِيلَ هُوَ مُسْتَدْرَكٌ لِإِغْنَاءِ مَا قَبْلَهُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَانَ بِأَحَدٍ وَيَدُهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ جَائِزٌ مِثْلُ أَنْ يُرْسِلَهَا مَعَ وَلَدِهِ لِلسَّقْيِ وَنَحْوِهِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا لَمْ يُزِلْ يَدَهُ عَنْهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا بَصَرَهُ فَإِنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا) أَيْ وَإِنْ قَصُرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْقَاضِي) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَتَى حَمَلَهَا إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِحَمْلِهَا لَهُ وَيَعْلَمَ يَضْمَنَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ فَقَدَهُ فَأَمِينٌ) فَإِنْ تَرَكَهَا بِمَنْزِلِهِ وَسَافَرَ، وَلَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ وَهَذَا أَمْرٌ يَقَعُ لِلنَّاسِ كَثِيرًا فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَمِينًا) قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ انْتَهَى قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يُحْمَلَ الْأَمِينُ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْوَكِيلَ وَالْحَاكِمَ وَالْعَدْلَ عَلَى التَّرْتِيبِ السَّابِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يَسْكُنُ) مِثْلُهُ الْمُرَاقَبَةُ مِنْ غَيْرِ مَسْكَنٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا إذَا وَقَعَ حَرِيقٌ إلَخْ) هَذَا إذَا تَأَمَّلْته اقْتَضَى أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الرَّدِّ إلَى مَنْ سَلَّفَ لَا يُبِيحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>