للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي التَّلَفِ بِهِ لِاحْتِمَالِهِ (وَإِنْ جُهِلَ) الْحَرِيقُ (طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ) عَلَى وُجُودِهِ (ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ بِهِ) وَإِنْ نَكَلَ الْمُودَعُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ وَاسْتَحَقَّ، (وَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) كَالتَّلَفِ (أَوْ عَلَى غَيْرِهِ كَوَارِثِهِ أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ سَفَرِهِ أَمِينًا. فَادَّعَى الْأَمِينُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ طُولِبَ) كُلٌّ مِمَّنْ ذُكِرَ (بَيِّنَةً) بِالرَّدِّ عَلَى مَنْ ذَكَرَهُ

(وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ مُضَمِّنٌ) بِخِلَافِ إنْكَارِهَا مِنْ غَيْرِ طَلَبِهِ، وَلَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ؛ لِأَنَّ خَفَاءَهَا أَبْلَغُ فِي حِفْظِهَا.

كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ (الْفَيْءُ مَالٌ حُصِّلَ مِنْ كُفَّارٍ بِلَا قِتَالٍ وَ) بِلَا

ــ

[حاشية قليوبي]

لِلْقَبْضِ وَلَوْ وَكِيلًا أَوْ قَيِّمًا أَوْ حَاكِمًا وَمِنْهُ جَابٍ ادَّعَى الدَّفْعَ لِمَنْ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْجِبَايَةِ، وَوَكِيلٌ ادَّعَى الدَّفْعَ لِمُوَكِّلِهِ، وَأَمِينٌ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَدِيعِ بَعْدَ عَوْدِهِ مِنْ نَحْوِ سَفَرٍ، وَشَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِهِ الرَّدَّ عَلَيْهِ قَبْلَهُ، وَمَا لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْوَدِيعِ رَدَّ وَالِدِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (أَمِينًا) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَالِكُ.

قَوْلُهُ: (وَجُحُودُهَا) بِأَنْ يَقُولَ: لَمْ تُودِعْنِي يَضْمَنُ بِخِلَافِ لَا وَدِيعَةَ لَك عِنْدِي فَيُقْبَلُ بَعْدَهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ، وَيُعْذَرُ فِي دَعْوَى النِّسْيَانِ قَبْلَ التَّلَفِ لَا بَعْدَهُ.

تَنْبِيهٌ: إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ فِي التَّلَفِ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ.

فُرُوعٌ: أَوْدَعَهُ وَرَقَةً مَكْتُوبَةً بِإِقْرَارٍ أَوْ نَحْوِهِ فَتَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَ قِيمَتَهَا مَكْتُوبَةً مَعَ أُجْرَةِ مِثْلِ الْكِتَابَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَهُ ثَوْبًا مُطَرَّزًا فَتَلِفَ، كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُطَرَّزًا فَقَطْ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُنْقِصُ قِيمَةَ الْوَرَقَةِ بِخِلَافِ الطِّرَازِ فَتَلِفَ، كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مُطَرَّزًا فَقَطْ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُنْقِصُ قِيمَةَ الْوَرَقَةِ بِخِلَافِ الطِّرَازِ فِي الثَّوْبِ

وَلَوْ ادَّعَى اثْنَانِ عَلَى وَدِيعٍ بِوَدِيعَةٍ فَإِنْ صَدَّقَهُمَا فَالْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا فَلِلْآخَرِ تَحْلِيفُ الْوَدِيعِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهَا وَلَوْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَأُنْسِيتُهُ، وَكَذَّبَاهُ فِي النِّسْيَانِ ضَمِنَ، وَالْأَمْرُ فِي اللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَفِي ثَوْبٍ أَلْقَاهُ الرِّيحُ فِي دَارِهِ وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ مَالِكِهِمَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِرًا. وَيَجُوزُ لِمَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَصْرِفَهُمَا فِي مَصَارِفِهِمَا أَوْ فِي بِنَاءِ نَحْوِ مَسْجِدٍ كَرِبَاطٍ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ

ذَكَرَهُ عَقِبَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْحَاصِلَ فِيهِ، كَالْوَدِيعَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ لِأَنَّ الْمَالَ عِنْدَ الْكُفَّارِ كَالْوَدِيعَةِ لِلْمُسْلِمِينَ، كَمَا يَدُلُّ لَهُ مَعْنَى الْفَيْءِ الْآتِي، أَوْ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ قَدْ يَئُولُ أَمْرُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَالْقَسْمُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى الْقِسْمَةِ هُنَا، وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَدْلِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَبِفَتْحِهِمَا بِمَعْنَى الْيَمِينِ وَبِكَسْرِ الْقَافِ مَعَ سُكُونِ السِّينِ بِمَعْنَى النَّصِيبِ، وَمَعَ فَتْحِهَا جَمْعُ قِسْمَةٍ وَالْفَيْءُ بِفَاءٍ مَفْتُوحَةٍ فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَهَمْزَةٍ مَصْدَرُ فَاءَ إذَا رَجَعَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَالِ الرَّاجِعِ إلَيْنَا مِنْ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْكَوْنَ وَمَا فِيهِ لِمَنَافِعِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْكُفَّارِ كَالْعَارِيَّةِ، أَوْ الْوَدِيعَةِ، فَإِذَا أَخَذَهُ الْمُؤْمِنُونَ فَقَدْ رَجَعَ إلَى مَحَلِّهِ وَالْغَنِيمَةُ فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ مِنْ الرِّبْحِ وَالْمَشْهُورُ تَغَايُرُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي وَبِدَلِيلِ الْعَطْفِ، وَقِيلَ: كُلٌّ مِنْهُمَا يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ إذَا انْفَرَدَ فَإِذَا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا، كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَقِيلَ يُطْلَقُ الْفَيْءُ عَلَى الْغَنِيمَةِ دُونَ عَكْسِهِ، وَقِيلَ تُطْلَقُ الْغَنِيمَةُ عَلَى الْفَيْءِ دُونَ عَكْسِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِمْ لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَعُمُّ الْفَيْءَ بَلْ كَانَتْ الْأَنْبِيَاءُ إذَا غَنِمُوا مَالًا جَمَعُوهُ، فَتَأْتِي نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَتَأْخُذُهُ ثُمَّ أُحِلَّتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ كَالْمُقَاتِلِينَ كُلِّهِمْ نُصْرَةً وَشُجَاعَةً بَلْ أَعْظَمُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فِيمَا يَأْتِي، وَمَعْنَى أَخْذِ النَّارِ لَهُ حَرْقُهُ بِهَا فِي مَوْضِعِهِ وَهُوَ بِظَاهِرِهِ شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ فِيهِ حَيَوَانٌ فَرَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْعَلَّامَةِ الْعَلْقَمِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا يُصَرِّحُ بِاسْتِثْنَاءِ الْحَيَوَانِ مِنْ الْحَرْقِ لَكِنْ يُنْظَرُ مَا إذَا كَانَ يَفْعَلُ بِهِ، وَقَدْ يُقَالُ بِجَوَازِ حَرْقِهِ فِي شَرَائِعِهِمْ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا كَشَرْعِنَا مَعَ أَنَّهُ فِي شَرْعِنَا قَدْ يَجُوزُ حَرْقُ الْحَيَوَانِ، كَمَا فِي النَّمْلِ وَالْقَمْلِ إذَا تَعَذَّرَ دَفْعُهُ إلَّا بِالْحَرْقِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِشْكَالَ سَاقِطٌ مِنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَرْقَ هُنَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْبَشَرِ وَلِلَّهِ أَنْ يَفْعَلَ فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (مَالٌ) وَكَذَا غَيْرُهُ، وَلَوْ أَسْقَطَ اللَّامَ لَشَمِلَهُ. قَوْلُهُ: (حَصَلَ) أَيْ لَنَا بِمَعْنَى دُخُولِهِ فِي قَبْضَتِنَا؛ لِأَنَّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. قَوْلُهُ: (مِنْ كُفَّارٍ) وَلَوْ غَيْرَ حَرْبِيِّينَ أَوْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ مِمَّا حَوْلَهُمْ فَخَرَجَ صَيْدُ دَارِهِمْ فَهُوَ كَدَارِنَا، وَخَرَجَ مَالُ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ.

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُودِعِ إلَخْ) لَوْ ادَّعَى أَنَّ مُوَرِّثَهُ مَنْ رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ قَبْلَ مَوْتِهِ صُدِّقَ عَلَى الْأَصَحِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَالِكِ) خَرَجَ بِهِ دَعْوَى الرَّدِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ.

كِتَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَالٌ) هُوَ بِاعْتِبَارٍ وَإِلَّا فَالِاخْتِصَاصَاتُ كَالْأَمْوَالِ قِيلَ لَوْ قَيَّدَ الْحُصُولَ بِكَوْنِهِ عَلَى سَبِيلِ الْغَلَبَةِ لَخَرَجَ مَا أَوْرَدَ مِنْ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ غَنِيمَةٌ لَا فَيْءٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>