للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفِي صِحَّةٍ هُنَا بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ هُنَاكَ وَجْهَانِ، (لَا بِكِنَايَةٍ) نَحْوُ أَحْلَلْتُك ابْنَتِي، فَلَا يَصِحُّ بِهَا النِّكَاحُ (قَطْعًا) بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ وَالشُّهُودُ شَرْطُ صِحَّةِ النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا اطِّلَاعَ لَهُمْ عَلَى النِّيَّةِ

(وَلَوْ قَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك) إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ) الزَّوْجُ (قَبِلْت) مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ (لَمْ يَنْعَقِدْ) بِذَلِكَ النِّكَاحُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِانْتِفَاءِ التَّصْرِيحِ فِي الْقَبُولِ بِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ، وَنِيَّتُهُ لَا تُفِيدُ، وَفِي قَوْلٍ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ لِانْصِرَافِ الْقَبُولِ مَا أَوْجَبَهُ الْوَلِيُّ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ وَبَعْضُهُمْ بِالثَّانِي. (وَلَوْ قَالَ) الزَّوْجُ (زَوِّجْنِي) بِنْتَك إلَى آخِرِهِ (فَقَالَ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُك) إلَى آخِرِهِ، (أَوْ قَالَ الْوَلِيُّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ بِنْتِي إلَخْ (فَقَالَ) الزَّوْجُ (تَزَوَّجْت) إلَى آخِرِهِ (صَحَّ) النِّكَاحُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمَا ذُكِرَ لِوُجُودِ الِاسْتِدْعَاءِ الْجَازِمِ الدَّالِ عَلَى الرِّضَا، وَفِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْبَيْعِ خِلَافٌ تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ قَدْ يَذْكُرُ فِيهِ، لِاسْتِبَانَةِ الرَّغْبَةِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ لِخَطَرِهِ عَلَى أَنَّهُ حَكَى فِيهِ الْخِلَافَ أَيْضًا

(وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) أَيْ النِّكَاحِ كَأَنْ يَقُولَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، فَقَدْ زَوَّجْتُك إلَى آخِرِهِ كَالْبَيْعِ وَأَوْلَى مِنْهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِوَجْهِ الِاحْتِيَاطِ، (وَلَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ فَقَالَ) لِجَلِيسِهِ (إنْ كَانَ أُنْثَى فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) إلَى آخِرِهِ فَقَبِلَ (أَوْ قَالَ) لَهُ (إنْ كَانَتْ بِنْتِي طَلُقَتْ) أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا (وَاعْتَدَّتْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا) فَقَبِلَ وَبَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَدَّرَ، وَإِنْ الْبِنْتُ أَذِنَتْ لِابْنَتِهَا فِي تَزْوِيجِهَا (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ النِّكَاحِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ، بِالتَّعْلِيقِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ظَانًّا حَيَاتَهُ، فَبَانَ مَيِّتًا حِين الْبَيْعِ، أَوْ التَّزْوِيجِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بَيْنَهُمَا بِجَزْمِ الصِّيغَةِ هُنَاكَ

، (وَلَا) يَصِحُّ (تَوْقِيتُهُ)

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَأَخْبَرَهُ بِمَعْنَاهَا ثِقَةٌ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ، وَأَجْنَبِيٌّ حُرٌّ أَوْ رَقِيقٌ ذَكَرٌ وَأُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ إنْ تَأَخَّرَ الْإِخْبَارُ عَنْ تَمَامِ الصِّيغَةِ، أَوْ تَأَخَّرَ إخْبَارُ أَحَدِهِمَا عَنْ لَفْظِهِ، وَإِلَّا بِأَنْ أَخْبَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَعْنَى لَفْظٍ قَبْل نُطْقِهِ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ لَفْظِ الْآخَرِ صَحَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لَا بِكِنَايَةٍ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ، فَلَوْ كَانَ لَهُ أَبْنَاءٌ أَوْ بَنَاتٌ وَنَوَى الْعَاقِدَانِ مُعَيَّنًا فِيهِمَا صَحَّ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا، وَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَظُنُونٌ فَكِنَايَةٌ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا، وَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ بِهَا مَنْ يَعْقِدُ لَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا) أَيْ الْكِنَايَةَ وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ بِالْفَوْقِيَّةِ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِهَا.

قَوْلُهُ: (قَبِلْت) وَمِثْلُهُ قَبِلْته وَقَبِلْنَا وَقَبِلْنَاهُ وَقَبِلْنَا الْعَقْدَ أَوْ ذَلِكَ الْعَقْدَ. كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَلَا يَنْعَقِدُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ ذِكْرِ لَفْظِ النِّكَاحِ فِيهِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (الِانْصِرَافُ إلَخْ) وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْكِنَايَةِ وَقَدْ مَرَّ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ بِنْتِي إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِلضَّمِيرِ لَا لِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِهِ. قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ الِاسْتِدْعَاءِ) أَيْ مَعْنَى فِي الْأَوْلَى وَلَفْظًا أَيْضًا فِي الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (لِاسْتِبَانَةِ الرَّغْبَةِ) أَيْ ظُهُورِهَا. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) فَتَرَك الْمُصَنِّفُ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ إمَّا لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ عِنْدَهُ، وَإِمَّا لِعَدَمِ اعْتِدَادِهِ بِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) نَعَمْ فِي إنْ شِئْت مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَكَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَضُرُّ إنْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ كَذَا قَالُوهُ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي الْإِطْلَاقِ، فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي الْعُقُودِ لَا يَضُرُّ بِخِلَافِ الْعِبَادَاتِ لِمَكَانِ النِّيَّةِ فِيهَا الْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْجَزْمُ. قَوْلُهُ: (أَذِنْت) أَيْ أَوْ كَانَتْ مُجْبَرَةً، وَقَدْ وَجَبَتْ فِيهَا الْعِدَّةُ بِنَحْوِ اسْتِدْخَالِ مَنِيٍّ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بُشِّرَ بِوَلَدٍ) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ أُنُوثَتَهُ وَلَمْ يَظُنَّهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَخَرَجَ مَا لَوْ عَلِمَ أُنُوثَتَهُ أَوْ بُشِّرَ بِبِنْتٍ، وَصَدَقَ الْمُخْبِرُ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَتَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا قِيلَ بِالصِّحَّةِ هُنَا فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْبُطْلَانِ، وَيَنْدَفِعُ التَّنَاقُضُ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِهِمْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إنْ كَانَتْ بِنْتِي) أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهَا الْمَذْكُورِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ عَلَى نَظِيرِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لِفَسَادِ الصِّيغَةِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ فَمَعَ الْعِلْمِ يَتَسَاوَى مَا هُنَا وَمَا هُنَاكَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (بِجَزْمِ الصِّيغَةِ هُنَاكَ) بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ فِيهَا فَإِنْ عَلَّقَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا هُنَا أَيْ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ الصِّحَّةُ لَوْ جَزَمَ هُنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ يُقَالُ الْبُطْلَانُ هُنَا لِلتَّرَدُّدِ فِي أُنُوثَةِ الْوَلَدِ فِي الْأُولَى، وَفِي طَلَاقِ بِنْتِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا يَصِحُّ مَعَ عَدَمِ التَّعْلِيقِ أَيْضًا

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا بِكِنَايَةٍ) لَوْ كَانَتْ الْكِنَايَةُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، كَأَنْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي وَنَوَيَا وَاحِدَةً قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يَصِحُّ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَنَّ الشُّهُودَ، لَا يَطَّلِعُونَ عَلَى النِّيَّةِ قَالَ رَافِعِيٌّ وَالِاعْتِرَاضُ مَتِينٌ

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إلَخْ) . اعْلَمْ أَنَّهُمْ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ الْبَيْعِ قَالُوا: يَنْعَقِدُ وَيَكُونُ صَرِيحًا، وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُقَدَّرُ كَالْمَلْفُوظِ لَزِمَ الِانْعِقَادُ فِي النِّكَاحِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي الْبَيْعِ اهـ.

فَائِدَةٌ: إذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ هُنَا فَهِيَ فِي النِّكَاحِ، وَالْمُسَمَّى بِخِلَافِ قَبِلْت نِكَاحَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا خَصَّ النِّكَاحَ بِالْقَبُولِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمُسَمَّى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَوْلُهُ: (أَيْ بِنْتِي إلَخْ) . يُوهِمُ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ الْبِنْتُ أَذِنَتْ) هَذَا تَصْوِيرٌ مُشْكِلٌ وَقَدْ صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا قَالَتْ الْبِنْتُ أَذِنْت لِأَبِي فِي تَزْوِيجِي إنْ طَلُقْت، وَاعْتَدَدْت، ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ بَعْضَهُمْ صَوَّرَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ بِالْمَجْنُونَةِ قُلْت، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ طَلُقْت، وَاعْتَدَدْت بِمَعْنَى أَذِنْت إذْنًا نَاجِزًا ثُمَّ قَالَ: إنْ كَانَتْ طَلُقَتْ إلَخْ، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَبُ عَالِمًا بِالْحَالِ أَمْ لَا. اهـ قُلْت وَيُشْكِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>