لِلْأَبْعَدِ اعْتِرَاضٌ) ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي التَّزْوِيجِ (وَلَوْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ) أَيْ أَحَدُ الْمُسْتَوِينَ (بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ) أَيْ رِضَا بَاقِيهِمْ (لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ؛ لِأَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ فَاعْتُبِرَ رِضَاهُمْ بِتَرْكِهَا كَالْمَرْأَةِ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَلَهُمْ الْفَسْخُ) ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ يَقْتَضِي الْخِيَارَ لَا الْبُطْلَانَ كَمَا فِي عَيْبِ الْبَيْعِ، (وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ) أَوْ ابْنِهِ (بِكْرًا صَغِيرًا أَوْ بَالِغَةً غَيْرَ كُفْءٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا) أَيْ رِضَا الْبَالِغَةِ (فَفِي الْأَظْهَرِ) التَّزْوِيجُ (بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْغِبْطَةِ كَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ عَلَى خِلَافِهَا بَلْ أَوْلَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ يُحْتَاطُ فِيهِ (وَفِي الْآخَرِ يَصِحُّ وَلِلْبَالِغَةِ الْخِيَارُ وَلِلصَّغِيرَةِ) أَيْضًا (إذَا بَلَغَتْ وَلَوْ طَلَبَتْ مَنْ لَيْسَ الْأَوْلَى لَهَا) خَاصًّا (أَنْ يُزَوِّجَهَا السُّلْطَانُ) أَوْ الْقَاضِي (بِغَيْرِ كُفْءٍ فَفَعَلَ لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ (فِي الْأَصَحِّ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْحَظِّ وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا فِي الْوَلِيِّ الْخَاصِّ
(وَخِصَالُ الْكَفَاءَةِ) ، أَيْ الصِّفَاتُ الْمُعْتَبَرَةُ فِيهَا لِيُعْتَبَرَ مِثْلُهَا فِي الزَّوْجِ خَمْسَةٌ، (سَلَامَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلْخِيَارِ) ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ فَمَنْ بِهِ بَعْضُهَا كَالْجُنُونِ أَوْ الْجُذَامِ أَوْ الْبَرَصِ لَا يَكُونُ كُفُؤًا لِلسَّلِيمَةِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُ صُحْبَةَ مَنْ بِهِ، ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ بِهَا عَيْبٌ أَيْضًا، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَيْبَانِ، فَلَا كَفَاءَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ اتَّفَقَا وَمَا بِهِ أَكْثَرُ، فَكَذَلِكَ وَكَذَا إنْ تَسَاوَيَا أَوْ كَانَ مَا بِهَا أَكْثَرُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ، مَا لَا يَعَافُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ كَانَ مَجْبُوبًا، وَهِيَ رَتْقَاءُ، أَوْ قَرْنَاءُ، (وَحُرِّيَّةٌ فَالرَّقِيقُ لَيْسَ كُفُؤًا لِحُرَّةٍ) أَصْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ عَتِيقَةً؛ لِأَنَّهَا تُعَيَّرُ بِهِ، وَتَتَضَرَّرُ بِأَنَّهُ لَا يُنْفِقُ إلَّا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِينَ، (وَالْعَتِيقُ لَيْسَ كُفُؤًا لِحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ) بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ وَمَنْ مَسَّ الرِّقُّ أَحَدَ آبَائِهِ لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ لَمْ يَمَسَّ أَحَدًا مِنْ آبَائِهَا أَوْ مَسَّ أَبًا أَبْعَدَ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرِّقُّ فِي الْأُمَّهَاتِ مُؤَثِّرًا، وَلِذَلِكَ تَعَلَّقَ بِهَا الْوَلَاءُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَوْلَهُ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ وَصَرَّحَ، بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَقَالَ: مَنْ وَلَدَتْهُ رَقِيقَةٌ كُفْءٌ لِمَنْ وَلَدَتْهَا عَرَبِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ (وَنَسَبٌ) كَأَنْ تَنْتَسِبَ إلَى مَنْ تَشْرُفُ بِهِ بِالنَّظَرِ إلَى مُقَابِلِهِ كَالْعَرَبِ فَإِنَّ اللَّهَ فَضَلَّهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ، (فَالْعَجَمِيُّ لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ)
ــ
[حاشية قليوبي]
مُطْلَقًا بِكْرًا أَوْ لَا فَهُوَ بَاطِلٌ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ إذَا ادَّعَى صِغَرَهَا وَقْتَ التَّزْوِيجِ، وَالزَّوْجُ غَيْرُ كُفْءٍ حَيْثُ أَمْكَنَ الصِّغَرُ وَقْتَهُ، وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ النِّكَاحِ، وَكَذَا تُصَدَّقُ هِيَ إذَا بَلَغَتْ وَادَّعَتْهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصًّا) هُوَ قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ أَمَّا مَنْ لَهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ، وَلَكِنْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ لِغَيْبَتِهِ أَوْ إحْرَامِهِ أَوْ عَضْلِهِ فَالتَّزْوِيجُ بَاطِلٌ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ كُفْءٍ) أَيْ بِغَيْرِ جَبٍّ وَعُنَّةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَصِحَّ) وَإِنْ رَضِيَتْ نَعَمْ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُكَافِئُهَا، أَوْ لَمْ يَرْغَبْ فِيهَا مَنْ يُكَافِئُهَا صَحَّ تَزْوِيجُهُ لَهَا، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لَا بُدَّ مِنْ فَقْدِ حَاكِمٍ يَرَى صِحَّةَ تَزْوِيجِهَا أَيْضًا، وَإِلَّا زَوَّجَهَا وُجُوبًا فَإِنْ امْتَنَعَ فَلَهَا تَحْكِيمُ مَنْ يَرَى الصِّحَّةَ أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ الْأَوَّلُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (مِنْ تَرْكِ الْحَظِّ) أَيْ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ مَنْ هُوَ كَالنَّائِبِ فَلَا يَرِدُ الْجَبُّ وَالْعُنَّةُ فِيمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (الْمُعْتَبَرَةُ) أَيْ حَالَةَ الْعَقْدِ نَعَمْ الْفَاسِقُ بِالزِّنَا لَا يَعُودُ كُفُؤًا بِالتَّوْبَةِ. قَوْلُهُ: (فِيهَا) ظَاهِرُ كَلَامِهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْكَفَاءَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ رَاجِعٌ لِلزَّوْجَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ الْمُقَاوَمِ وَهُوَ الْأَنْسَبُ بِمَا بَعْدَهُ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ لِقَوْلِهِ: مِثْلُهَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (خَمْسَةٌ) أَيْ اتِّفَاقًا وَفِي السَّادِسِ وَهُوَ الْيَسَارُ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
شَرْطُ الْكَفَاءَةِ خَمْسَةٌ قَدْ حُرِّرَتْ ... يُنْبِيكَ عَنْهَا بَيْتُ شِعْرٍ مُفْرَدُ
نَسَبٌ وَدِينٌ حِرْفَةٌ حُرِّيَّةٌ ... فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدُ
وَالْحَاصِلُ فِيهَا أَنَّ كُلًّا مِنْ الدِّينِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْعِفَّةِ وَالْحِرْفَةِ وَفَقْدِ الْعُيُوبِ يُعْتَبَرُ فِي الشَّخْصِ وَآبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ، وَأَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالنَّسَبَ يُعْتَبَرَانِ فِي الْآبَاءِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ بِهِ) أَوْ بِأَحَدِ آبَائِهِ أَوْ أُمَّهَاتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيَجْرِي الْخِلَافُ) أَيْ بِتَصْحِيحِهِ فَلَيْسَ كُفُؤًا لَهَا وَالْمُعْتَبَرُ هُنَا رِضَاهَا دُونَ الْوَلِيِّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (الْمُعْتَقَةُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ الْعَتِيقَةُ، وَالْمُبَعَّضُ كُفُؤٌ لِلْمُبَعَّضَةِ إنْ اسْتَوَيَا أَوْ زَادَتْ حُرِّيَّتُهُ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ) هُوَ مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ رِقُّ الْأُمَّهَاتِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ:
[حاشية عميرة]
بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ بِحَالَةِ جَهْلِ الْأَبِ وَقَطَعَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالْبُطْلَانِ، كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَتَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيِّ فَلْيُنْظَرْ عَلَى هَذَا أَيُّ حَالَةٍ يَثْبُتُ فِيهَا الْخِيَارُ لِلْأَوْلِيَاءِ وَلِلْمَرْأَةِ بِالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَالْجَوَابُ أَنَّ صُورَتَهُ مَا لَوْ أَذِنَتْ الْبَالِغَةُ فِي مُعَيَّنٍ فَبَنَى الْوَلِيُّ الْحَالَ عَلَى ظَنِّ السَّلَامَةِ، ثُمَّ بَانَ مَعِيبًا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَجَوَابُهُ إذَا ظَنَّتْ زَيْدًا كُفُؤًا وَأَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ فَلَا خِيَارَ، وَالتَّقْصِيرُ مِنْهَا وَمِنْ الْوَلِيِّ، حَيْثُ لَمْ يَبْحَثَا، وَلَيْسَ هَذَا كَظَنِّ سَلَامَةِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ فِيهِ يُبْنَى عَلَى الْغَالِبِ، وَهُنَا لَا يُقَالُ: الْغَالِبُ كَفَاءَةُ الْخَاطِبِ. اهـ وَهَذَا كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ عِنْدَ جَهْلِ الْعَيْبِ، وَأَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا النِّكَاحُ نَظَرًا لِلْمُوَلِّيَةِ، جَهِلَ الْوَلِيُّ الْحَالَ، أَوْ عَلِمَ، وَالتَّخْصِيصُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ أَخَذْته مِنْ كَلَامٍ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ الْحَاشِيَةِ الْمُسَطَّرَةِ فِي رَأْسِ الصِّفَةِ الَّتِي عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهَا أُخْرَى، وَهِيَ مَا لَوْ أَذِنَتْ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَكَانَ الْوَلِيُّ جَاهِلًا قَوْلُهُ: (مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا بِالْكُلِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ زَوَّجَ السُّلْطَانُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ لِغِيبَةِ الْخَاصِّ أَوْ إحْرَامِهِ وَنَحْوِهِمَا، فَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَهُوَ فَاسِقٌ مَثَلًا، وَلَيْسَ بَعْدَهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ: لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُمْ حَظٌّ فِي الْكَفَاءَةِ كَالْوَكِيلِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَصِحُّ كَمَا إلَخْ) قَوَّى هَذَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاسْتَدَلُّوا بِظَاهِرِ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوَّجَهَا وَاخْتَارَهُ الْجُوَيْنِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْعَبَّادِيُّ، وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمُقَابِلُهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute