للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَبِ فَمَنْ أَبُوهُ عَجَمِيٌّ وَأُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ، لَيْسَ كُفُؤًا لِمَنْ أَبُوهَا عَرَبِيٌّ وَأُمُّهَا عَجَمِيَّةٌ، (وَلَا غَيْرُ قُرَشِيٍّ) مِنْ الْعَرَبِ (قُرَشِيَّةٌ) أَيْ كُفْءُ قُرَشِيَّةٍ لِحَدِيثٍ «قَدِّمُوا قُرَيْشًا، وَلَا تَقَدَّمُوهَا» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، (وَلَا غَيْرُ هَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ) ، مِنْ قُرَيْشٍ كُفُؤًا (لَهُمَا) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ» ، وَحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «نَحْنُ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَبَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، أَكْفَاءُ، وَغَيْرُ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ أَكِفَّاءُ بَعْضٍ» ، كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ

(وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ النَّسَبِ فِي الْعَجَمِ كَالْعَرَبِ) ، وَالثَّانِي لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَنُونَ بِحِفْظِ الْأَنْسَابِ، وَلَا

ــ

[حاشية قليوبي]

عَرَبِيَّةٍ) هُوَ جَارٍ عَلَى أَصْلِ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَرَبِ وَالْوَاقِعُ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (كَانَ يُنْتَسَبُ) أَيْ الشَّخْصُ إلَى أَبٍ يَشْرُفُ ذَلِكَ الشَّخْصُ بِنِسْبَتِهِ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ إلَى مُقَابَلَةٍ مِنْ أَبٍ تُنْسَبُ الزَّوْجَةُ إلَيْهِ وَتَشْرُفُ بِهِ. قَوْلُهُ: (كَالْعَرَبِ) وَكَذَا الْعُلَمَاءُ وَالصُّلَحَاءُ بِخِلَافِ عُظَمَاءِ الدُّنْيَا وَالظَّلَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَبِ) أَيْ إلَّا فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ أَوْلَادَ بِنْتِهِ فَاطِمَةَ وَهُمْ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَأَوْلَادُهُمَا مِنْ الذُّكُورِ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ، وَهُمْ الْأَشْرَافُ فِي عُرْفِ مِصْرَ وَإِنْ كَانَ الشَّرَفُ أَصَالَةً لَقَبًا لِكُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَأَمَّا أَوْلَادُ زَيْنَبَ بِنْتَ فَاطِمَةَ، وَكَذَا أَوْلَادُ بَنَاتِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَأَوْلَادُهُمَا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَى آبَائِهِمْ وَإِنْ كَانَ يُقَالُ لِلْجَمِيعِ أَوْلَادُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذُرِّيَّتُهُ.

فَائِدَةٌ: قَالَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَعْقُبْ مِنْ أَوْلَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ فَإِنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَزَيْنَبَ، وَتَزَوَّجَتْ زَيْنَبُ هَذِهِ بِابْنِ عَمِّهَا عَبْدِ اللَّهِ فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا عَلِيٌّ وَعَوْنٌ الْأَكْبَرُ وَعَبَّاسٌ وَمُحَمَّدٌ وَأُمُّ كُلْثُومَ، وَكُلُّ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ يُقَالُ لَهُمْ أَوْلَادُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذُرِّيَّتُهُ لَكِنْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْهُمْ إلَّا الذُّكُورُ مِنْ أَوْلَادِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ خَاصَّةً لِنَصِّهِ عَلَى ذَلِكَ اهـ. وَتَقَدَّمَ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْوَصِيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَقَدَّمُوهَا) بِحَذْفِ إحْدَى التَّاءَيْنِ أَوْ مِنْ قَدَّمَ بِمَعْنَى تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (مِنْ كِنَانَةَ) أَيْ مِنْ ابْنِهِ وَهُوَ النَّضْرُ. قَوْلُهُ: (نَحْنُ) أَيْ بَنُو هَاشِمٍ. قَوْلُهُ: (وَبَنُو هَاشِمٍ إلَخْ) نَعَمْ الْأَشْرَافُ الْأَحْرَارُ مِنْهُمْ لَا يُكَافِئُهُمْ غَيْرُهُمْ، وَخَرَجَ بِالْأَحْرَارِ مَا لَوْ تَزَوَّجَ هَاشِمِيٌّ بِرَقِيقَةٍ بِشَرْطِهِ، وَوَلَدَتْ بِنْتًا فَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِرَقِيقٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ وَإِنْ كَانَتْ هَاشِمِيَّةً؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا بِالْمِلْكِيَّةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ بِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ فِي كَلَامِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَغَيْرُ قُرَيْشٍ مِنْ الْعَرَبِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ يُقَدَّمُ عَلَى بَعْضٍ فَتُقَدَّمُ مُضَرٌ ثُمَّ رَبِيعَةُ ثُمَّ عَدْنَانُ ثُمَّ قَحْطَانُ، وَهَكَذَا الْمُعْتَبَرُ فِي الْعَرَبِيِّ النِّسْبَةُ إلَى قَبِيلَةٍ مِنْ قَبَائِلِهِمْ، وَإِلَّا فَإِنْ عُرِفَ لَهُ نَسَبٌ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَعَجَمِيٌّ. قَوْلُهُ: (فِي الْعَجَمِ) فَيُقَدَّمُ بَنُو إسْرَائِيلَ لِكَثْرَةِ الْأَنْبِيَاءِ فِيهِمْ ثُمَّ الْفُرْسُ لِكَثْرَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِمْ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (وَعِفَّةٌ) وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْكُفَّارِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ فَاسِقٌ إلَخْ) أَيْ بِالزِّنَا إنْ تَابَ كَمَا مَرَّ. وَبِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَتُبْ وَالْفَاسِقُ كُفُؤٌ لِفَاسِقَةٍ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُ فِسْقِهِمَا وَاتَّحَدَا فِي قَدْرِهِ أَوْ زَادَ فِسْقُهَا وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَحِرْفَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْحِرَافِ الشَّخْصِ إلَيْهَا لِطَلَبِ الرِّزْقِ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنَهَا أَوْ غَالِبًا، وَمِنْهَا الْعِلْمُ وَالْقَضَاءُ وَضِدُّهُمَا، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الصِّنَاعَةِ؛ لِأَنَّهَا لِمَا كَانَ بِآلَةٍ بِخِلَافِ الْحِرْفَةِ وَالدَّنِيئَةِ مِنْهَا كُلُّ مَا دَلَّتْ مُلَابَسَتُهَا عَلَى انْحِطَاطِ مُرُوءَةٍ أَوْ سُقُوطِ نَفْسٍ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ كُفْءٌ أَرْفَعَ مِنْهُ) وَذَلِكَ مُعْتَبَرٌ بِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ وَإِنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ وَفِي غَيْرِهِ بِعَادَةِ بَلَدِ الزَّوْجَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ حِرْفَةٍ، مَا هُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهَا، فَإِنْ نَسَبَ لِكُلٍّ اُعْتُبِرَ الْأَدْنَى وَلَوْ تَرَكَ حِرْفَةً لِأَرْفَعَ مِنْهَا أَوْ عَكْسُهُ اُعْتُبِرَ قَطْعُ نِسْبَتِهِ عَنْ الْأُولَى وَلَيْسَ تَعَاطِي الْحِرْفَةِ الدَّنِيئَةِ لِتَوَاضُعٍ، أَوْ كَسْرِ نَفْسٍ أَوْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ مُضِرًّا فِي الْكَفَاءَةِ. قَوْلُهُ: (فَكَنَّاسٌ) أَيْ هُوَ أَوْ أَحَدُ آبَائِهِ أَوْ أُمَّهَاتِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَرَاعٍ) وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ صِفَةُ مَدْحٍ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَعَدَمِ الْكِتَابَةِ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَوْلُهُ: (وَقَيِّمُ حَمَّامٍ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِالْبَلَّانِ الَّذِي يُكَيِّسُ النَّاسَ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْ الْخَمْسَةِ كُفْءَ بِنْتِ خَيَّاطٍ، وَمِثْلُهُمْ الْفَصَّادُ وَالْحَاقِنُ وَالْقَمَّامُ وَالْقَصَّارُ وَالزَّبَّالُ وَالْحُكَّالُ وَالدَّبَّاغُ وَالْإِسْكَافُ وَالْجَزَّارُ وَالْقَصَّابُ وَالسَّلَّاخُ، وَالْجَمَّالُ وَالدَّلَّالُ وَالْحَمَّالُ، وَالْحَائِلُ وَالْمَلَّاحُ وَالْجَلَّادُ، وَالْهَرَّاسُ وَالْفَوَّالُ وَالْحَدَّادُ وَالصَّوَّاغُ وَيَرْجِعُ فِيهِمْ لِعَادَةِ الْبَلَدِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (تَاجِرٌ) وَهُوَ أَصَالَةً: مَنْ يُقَلِّبُ الْمَالَ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَاعْتُبِرَ فِيهِ فِي الْعُرْفِ الْآنَ كَوْنُهُ مُلَازِمًا لِحَانُوتٍ وَالْبَزَّازُ مَنْ يَبِيعُ الْبَزَّ وَقِيلَ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَرَبِيَّةٍ) ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ الْمُرَادُ بِالْعَرَبِ مَنْ كَانَ مُنْتَسِبًا إلَى أَحَدِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، فَإِمَّا الْحَضَرُ، وَالْمُتَوَلِّدَةُ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَضْبُوطُ النَّسَبِ فَكَالْعَرَبِ وَإِلَّا فَكَالْعَجَمِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) . عَلَّلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْعَرَبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَعِفَّةٍ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} [السجدة: ١٨] . قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَصَاحِبُ حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ لَيْسَ كُفُؤًا أَرْفَعَ مِنْهُ) أَيْ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى خِسَّةِ النَّفْسِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَيِّمُ الْحَمَّامِ) هُوَ الْبَلَّانُ كَذَا رَأَيْته مُخَرِّجًا لَهُ بِهَامِشِ التَّكْمِلَةِ وَعَلَيْهِ صَحَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>