للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِوَضًا فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، وَالثَّانِي لَا أَثَرَ لِلتَّوَافُقِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَصْلُحُ لِلْإِلْزَامِ، فَكَأَنَّ لَا إرَادَةَ فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ حَلَفَتْ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ قَبِلَتْ، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ، فَلَا حَلِفَ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا حِلْفَ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّصْدِيقِ عَلَيْهِ، وَعَلَى كُلٍّ كَأَنْ لَا إرَادَةَ.

(وَإِنْ سَبَقَ) طَلَبَهَا لِلطَّلَاقِ بِمَالٍ كَأَلْفٍ، (بَانَتْ بِالْمَذْكُورِ) لِتَوَافُقِهِمَا عَلَيْهِ، فَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ الْكَلَامِ لَا الْجَوَابَ وَقَعَ رَجْعِيًّا، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ

(وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك كَذَا، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَطَلَّقْتُك بِكَذَا فَإِذَا قَبِلَتْ) عَلَى الْفَوْرِ (بَانَتْ وَوُجُوبُ الْمَالِ) .

وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا يَثْبُتُ الْمَالُ، لِأَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةُ شَرْطٍ، لَمْ يَكُنْ مِنْ قَضَايَاهُ، كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَك، أَوْ عَلَى أَنَّ لَك عَلَيَّ كَذَا، وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا فَسَّرَ بِالْإِلْزَامِ هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا أَيْ مَعَ إنْكَارِ الْمَرْأَةِ إرَادَةُ ذَلِكَ بِخِلَافِ إنْكَارِهَا فِي قَوْلِهِ، وَلِي عَلَيْك كَذَا حَيْثُ لَا يُقْبَلُ عَلَيْهَا قَطْعًا، لِأَنَّ الصِّيغَةَ هُنَا أَقْرَبُ إلَى الْإِلْزَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةً فِيهِ مِنْ تِلْكَ، وَالْمُصَنِّفُ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ سَاقَ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ طَرِيقَةً لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ حِكَايَةً لِلْمَذْهَبِ.

(وَإِنْ قَالَ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ، فَضَمِنَتْ فِي الْفَوْرِ بَانَتْ وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ وَإِنْ قَالَ مَتَى ضَمِنْت) ، لِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَمَتَى ضَمِنْت طَلُقَتْ) ، وَالْفَرْقُ مَا تَقَدَّمَ فِي إنْ أَعْطَيْتنِي وَمَتَى أَعْطَيْتنِي، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ قَبْلَ الضَّمَانِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا كَمَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ، (وَإِنْ ضَمِنَتْ دُونَ أَلْفٍ لَمْ تَطْلُقْ) لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، (وَلَوْ ضَمِنَتْ أَلْفَيْنِ طَلُقَتْ) ، لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ مَزِيدٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ، فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ أَنَّهُ لَغْوٌ، لِأَنَّهَا صِيغَةٌ يُشْتَرَطُ فِيهَا تَوَافُقُ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ ثُمَّ الْمَزِيدُ يَلْغُو ضَمَانَهُ، وَلَوْ نَقَصَتْ أَوْ زَادَتْ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ فَالْحُكْمُ، كَمَا ذُكِرَ هُنَا وَالْمَقْبُوضُ الزَّائِدُ عَلَى مَا عَلَّقَ بِهِ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ.

(وَلَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا، فَقَالَتْ طَلُقْتِ وَضَمِنْت أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ ضَمِنْت وَطَلُقْت، (بَانَتْ بِأَلْفٍ فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا) بَيْنُونَةَ وَلَا مَالَ لِانْتِفَاءِ الْمُوَافَقَةِ، وَفِي الْمُوَافَقَةِ يُشْتَرَطُ وُجُودُ التَّطْلِيقِ، وَالضَّمَانِ عَلَى

ــ

[حاشية قليوبي]

شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى كُلٍّ) أَيْ مِنْ صُورَتَيْ عَدَمِ الْحَلِفِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ إذَا انْتَفَى التَّصْدِيقُ وَالْقَبُولُ مَعًا وَعَلَى الثَّانِي مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (كَأَنَّ لَا إرَادَةَ) فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَبَقَ طَلَبُهَا) أَيْ وَصَدَّقَتْ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ السَّبْقَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَبَانَتْ بِإِقْرَارِهَا وَلَا مَالَ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَتْ ذِكْرَ الْمَالِ فَإِنْ وَافَقَهَا عَلَى ذِكْرِ عَدَمِ الْمَالِ، فَكَمَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْ طَلَبَهَا كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (كَأَلْفٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ بَانَتْ الْمَذْكُورُ، وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَابِهِ ذِكْرُ الْأَلْفِ، أَوْ سُكُوتُهُ عَنْ الْمَالِ فَإِنْ أَبْهَمَ كَأَنْ أَجَابَهَا بِقَوْلِهِ طَلَّقْتُك بِمَالٍ أَوْ بِهِمَا مَعًا، وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ أَبْهَمَتْ وَعَيَّنَ جُعِلَ كَأَنَّهُ ابْتَدَأَ فَإِنْ قَبِلَتْ بِهِ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا.

قَوْلُهُ: (قَبِلَتْ) وَلَوْ بِلَفْظِ ضَمِنَتْ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الْقَصْدِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ انْتَفَى الْقَصْدُ فَهُوَ جَوَابٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَعَ إنْكَارِ الْمَرْأَةِ) تَمْهِيدٌ لِلْفَرْقِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ، وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ جَرَيَانُ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَنِّفُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ حَيْثُ لَا طُرُقَ وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ الْغَزَالِيَّ حَكَى الْمُقَابِلَ عَنْ الْأَصْحَابِ، فَهُوَ وَجْهٌ وَأَنْكَرَ مُقَابِلَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ نَقَلَ الْوَجْهَيْنِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، فِيمَا إذَا فُسِّرَ بِالْإِلْزَامِ فَهُوَ قَاطِعٌ فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ الْمُخَالِفِ لِطَرِيقِ الْقَطْعِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (إنْ ضَمِنَتْ إلَخْ) أَوْ عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (فَضَمِنَتْ) بِلَفْظِ الضَّمَانِ فَلَا يَكْفِي نَحْوُ قَبِلَتْ وَلَا شِئْت وَلَا الْتَزَمْت خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي هَذِهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ يَنْظُرُ فِيهِ إلَى اللَّفْظِ الْمَنْطُوقِ بِهِ. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ) مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالدَّفْعِ لَهُ فَوْرًا فِي نَحْوِ إنْ وَمُطْلَقًا فِي نَحْوِ مَتَى. قَوْلُهُ: (طَلِّقِي نَفْسَك إلَخْ) أَوْ عَكْسُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَضَمِنَتْ) بِلَفْظٍ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (فَلَا بَيْنُونَةَ) أَيْ وَلَا طَلَاقَ أَصْلًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِعَدَمِ سَبْقِهِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْفَوْرِ) لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِأَنْ وَمِثْلُهَا إذَا كَمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ بِنَحْوِ مَتَى لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالِالْتِزَامُ) أَيْ الَّذِي

ــ

[حاشية عميرة]

مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وَعَلَى كُلٍّ كَأَنْ لَا إرَادَةَ) أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا هَذَا قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَاسْتَشْكَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ تَحْتَمِلُ الْحَالِيَّةَ فَتَكُونُ مُقَيَّدَةً، وَقَدْ ادَّعَى إرَادَةَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْوُقُوعَ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا قَطْعًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ سَبَقَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (طَلَبُهَا لِلطَّلَاقِ بِمَالٍ كَأَلْفٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهَا سَأَلَتْ بِمُعَيَّنٍ قِيلَ، وَهُوَ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْمَذْكُورِ، أَمَّا إذَا كَانَ السُّؤَالُ بِمُبْهَمٍ، فَإِنْ أَجَابَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَهُوَ كَابْتِدَاءٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إيجَابٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ قَبِلَتْ بَانَتْ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ أَجَابَ بِمُبْهَمٍ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَالًا طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَبِلَتْ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ بِلَفْظِ ضَمِنْت كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ. قَوْلُهُ: (شَرْطٌ) أَيْ إلْزَامِيٌّ أَمَّا التَّعْلِيقِيُّ فَلَا كَلَامَ فِي اعْتِبَارِهِ. قَوْلُهُ: (هَلْ يُقْبَلُ أَوْ لَا) أَيْ وَيَقَعُ بَائِنًا بِالْعِوَضِ الْمُسَمَّى.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَذْكُرْهُ اخْتِيَارًا لِنَفْسِهِ، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْغَزَالِيِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ لَفْظًا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَكْفِي الْإِعْطَاءُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الضَّمَانِ، وَقَالَ أَيْضًا مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَقُولَ ضَمِنْت، فَلَوْ قَالَتْ شِئْت لَمْ يَقَعْ بِدُونِ قَبِلْت.

اهـ وَلَوْ كَانَ لَهُ عَلَى شَخْصٍ أَلْفٌ، فَضَمِنَتْهَا فَكُلًّا ضَمَانٌ فِيمَا يَظْهَرُ أَعْنِي أَنَّ الصِّفَةَ لَا تَحْصُلُ بِهِ. قَوْلُهُ: (لَفْظًا إلَخْ) وَأَمَّا ضَمِنْت فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَتَكُونُ كَالْإِعْطَاءِ هُنَاكَ. قَوْلُهُ: (بَانَتْ بِأَلْفٍ) عَلَّلَ اشْتِرَاطَ الْإِتْيَانِ بِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَرْطٌ فِي الْآخَرِ، يُعْتَبَرُ اتِّصَالُهُ بِهِ فَهُمَا قَبُولٌ وَاحِدٌ فَاسْتَوَى تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا وَتَأْخِيرُهُ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الضَّمَانِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ شَرْطًا فِي الطَّلَاقِ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ قَوِيٌّ إذَا جَعَلْنَا التَّفْوِيضَ إلَيْهَا تَوْكِيلًا كَمَا لَوْ قَالَ لِآخَرَ طَلِّقْهَا إنْ ضَمِنَتْ لِي أَلْفًا اهـ. قَوْلُهُ: (فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ فَوْرًا فِي إنْ وَإِذَا دُونَ مَتَى وَنَحْوِهَا، كَمَا سَلَفَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ عِلْمُهُ بِوَضْعِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حُصُولَ الْمِلْكِ إلَخْ) هُوَ قَوِيٌّ بِالنَّظَرِ إلَى الْقَوَاعِدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>