للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَوْرِ، وَقِيلَ يَكْفِي وُجُودُهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إعْطَاءُ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ هُنَا الْقَبُولُ، وَالِالْتِزَامُ دُونَ الضَّمَانِ الْمُفْتَقِرِ إلَى الْأَصَالَةِ.

(وَإِذَا عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ مَالٍ فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ طَلُقَتْ) ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إيَّاهُ مِنْ الْقَبْضِ إعْطَاءٌ مِنْهَا، وَهُوَ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْقَبْضِ مُفَوِّتٌ لِحَقِّهِ، وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ (وَالْأَصَحُّ دُخُولُهُ) أَيْ الْمُعْطَى (فِي مُلْكِهِ) لِمُلْكِ الْمَرْأَةِ الْبُضْعَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِوَضَانِ يَتَقَارَنَانِ فِي الْمِلْكِ، وَالثَّانِي لَا يَدْخُلُ فِي مُلْكِهِ لِأَنَّ حُصُولَ الْمِلْكِ لَهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ مُمَلِّكٍ مِنْ جِهَتِهَا بَعِيدٌ فَيُرَدُّ الْمُعْطَى وَيُرْجَعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ.

(وَإِنْ قَالَ إنْ أَقَبَضْتنِي) ، كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ (فَقِيلَ) هُوَ (كَالْإِعْطَاءِ) فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرَ فِيهِ، وَمِنْهُ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ وَمِلْكُ الْمَقْبُوضِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ مَا يُقْصَدُ بِالْإِعْطَاءِ، (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (كَسَائِرِ التَّعْلِيقِ) لِأَنَّ الْإِقْبَاضَ لَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ أَلَا تَرَى، أَنَّهُ إذَا قِيلَ أَعْطَاهُ عَطِيَّةً فُهِمَ مِنْهُ التَّمْلِيكُ، وَإِذَا قِيلَ أَقْبَضَهُ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ ذَلِكَ (فَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْمَقْبُوضَ وَلَا يَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِقْبَاضِ مَجْلِسٌ قُلْت وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ (رَجْعِيًّا وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ) وَهِيَ الْإِقْبَاضُ الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبْضِ، (أَخْذُهُ بِيَدِهِ مِنْهَا وَلَوْ مُكْرَهَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ، فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا يَمْنَعُ الْأَخْذُ كَرْهًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ

ــ

[حاشية قليوبي]

عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِيَّةِ لَا الْمُبْتَدَأِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِالنَّذْرِ.

قَوْلُهُ: (إلَى الْأَصَالَةِ) أَيْ إلَى أَصِيلٍ فَلَوْ أَرَادَهُ فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ كَقَوْلِهِ إنْ ضَمِنْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ. قَوْلُهُ: (فَوَضَعَتْهُ) فَوْرًا فِي نَحْوِ إذَا بِحَيْثُ لَا يَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْوَضْعُ وَلَا يَكْفِي وَضْعُ أَقَلَّ مِنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَضْعِ جَمِيعِهِ أَوْ أَكْثَرِهِ كَمَا مَرَّ، وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَلَوْ بِوَكِيلِهَا بِحَضْرَتِهَا وَفِي غَيْبَتِهَا وَقَصَدَتْ دَفْعَهُ عَنْ الْعِوَضِ وَتَصَدَّقَ فِي قَصْدِهَا.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ يَدَيْهِ) الْمُرَادُ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا مَانِعٍ مِنْ نَحْوِ حَبْسٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مُتَغَلَّبٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَالْإِيتَاءُ كَالْإِعْطَاءِ وَكَذَا الْمَجِيءُ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُفِيدُ الْمِلْكَ، وَكَلَامُهُمْ هُنَا شَامِلٌ لِلسَّفِيهِ فَرَاجِعْهُ، مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْ وَكِيلِ الزَّوْجِ، وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ. قَوْلُهُ: (فِي مِلْكِهِ) إنْ كَانَ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي فَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْت زَيْدًا قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ طَلُقَتْ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا طَلُقَتْ رَجْعِيًّا وَلَا تَمْلِيكَ أَصْلًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ وَعِبَارَةُ وَبَعْضِهِمْ بَانَتْ وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّ إعْطَاءَ زَيْدٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا تَمْلِكُهُ لَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ تَمْلِيكَ نَفْسِهِ.

وَالْمَعْنَى إنْ أَعْطَيْتنِي عَلَى يَدِ زَيْدٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إنْ دَفَعْت لِزَيْدٍ فَلْيُرَاجِعْ ذَلِكَ وَلْيُحَرَّرْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حُصُولَ الْمِلْكِ إلَخْ) دَفَعَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ عَدَمَ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ مُطْلَقًا وَرَدَّ نَحْوَ الصَّدَقَةِ وَالْهَدِيَّةِ، وَإِنْ أَرَادَ خُصُوصَ هَذِهِ لِأَجْلِ الْعِوَضِيَّةِ فِيهَا وَرَدَّ نَحْوَ الْإِيتَاءِ.

قَوْلُهُ: (أَقَبَضْتنِي) وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْإِعْطَاءِ قَطْعًا. قَوْلُهُ: (الْمُتَضَمِّنُ لِلْقَبْضِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْإِقْبَاضِ لَا هُوَ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ الْأَخْذُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِلَا خِلَافٍ، وَلِذَلِكَ جَعَلَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ سَبْقَ قَلَمٍ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَغْوٌ شَرْعًا وَاعْتِمَادُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَا يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا مَعًا لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِلْهَامِ. قَوْلُهُ: (أَخْذُهُ بِيَدِهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ مِنْهَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَوْ مِنْ وَكِيلِهَا بِحَضْرَتِهَا.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ) سَوَاءٌ فِي التَّعْلِيقِ فِي الْقَبْضِ أَوْ الْإِقْبَاضِ إلَّا إنْ أُلْحِقَ بِالْإِعْطَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهِ) أَيْ بِخِلَافِ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِكْرَاهِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ) هُوَ مَرْجُوحٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بِهَا) أَيْ وَصَحَّ بَيْعُهَا لَهُ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَهُ) وَلَوْ بِوَلِيِّهِ أَوْ سَيِّدِهِ. قَوْلُهُ: (رَدَّهُ لِلْعَيْبِ) نَعَمْ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ

ــ

[حاشية عميرة]

فَرْعٌ: لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْت زَيْدًا أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَهُوَ تَعْلِيقٌ عَلَى مُجَرَّدِ صِفَةٍ فَمَتَى أَعْطَتْهُ طَلُقَتْ. قَوْلُهُ: (فَيُرَدُّ الْمُعْطَى إلَخْ) اُنْظُرْ لِمَاذَا لَمْ يَقَعْ رَجْعِيًّا كَمَا فِي إنْ أَقَبَضْتنِي وَيُجَابُ بِأَنَّهُ نَظِيرُ إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا.

قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ اشْتِرَاطُ الْفَوْرِ) أَيْ فِي إنْ وَإِذَا دُونَ مَتَى وَنَحْوِهَا لَمَا سَلَفَ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلَخْ) اسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي مَا إذَا سَبَقَ مِنْهَا الْتِمَاسُ الْبَدَلِ نَحْوُ طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ، فَقَالَ إنْ أَقَبَضْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ كَالتَّعْلِيقِ عَلَى الْإِعْطَاءِ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْفَوْرِيَّةِ فِي إنْ أَعْطَيْتنِي إنَّمَا جَاءَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِعْطَاءَ يُفِيدُ التَّمْلِيكَ. قَوْلُهُ: (أَخَذَهُ بِيَدِهِ) أَنْكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ مُكْرَهَةً فَحَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى الْوَهْمِ. أَقُولُ سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالَى بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ حَثًّا وَلَا مَنْعًا، أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْفِعْلِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا، وَذَلِكَ مُؤَيِّدٌ لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ لَا يَخْتَلِفُ بِالْإِكْرَاهِ وَعَدَمِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ حَثٌّ وَلَا مَنْعٌ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ. قَوْلُهُ: (الْمُقْتَضِي لِلتَّمْلِيكِ) أَيْ وَهُنَا لَمَّا كَانَ الْإِقْبَاضُ لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّمْلِيكُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى كَوْنِ الدَّفْعِ اخْتِيَارًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>