سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ) وَهِيَ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ (فَتُرَدُّ إلَيْهِمَا قَدْرًا وَوَقْتًا) بِأَنْ كَانَتْ حَافِظَةً لِذَلِكَ. (وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ) الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا مَا ذُكِرَ (بِمَرَّةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ الِابْتِدَاءِ، وَالثَّانِي بِمَرَّتَيْنِ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَوْدِ، فَمَنْ حَاضَتْ خَمْسَةً فِي شَهْرٍ ثُمَّ سِتَّةً فِي آخَرَ، ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَى الْخَمْسَةِ عَلَى الثَّانِي لِتَكَرُّرِهَا وَإِلَى السِّتَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ. وَمَنْ حَاضَتْ خَمْسَةً ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَهِيَ كَمُبْتَدَأَةٍ عَلَى الثَّانِي، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ
(وَيُحْكَمُ لِلْمُعْتَادَةِ الْمُمَيِّزَةِ بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ) الْمُخَالِفَةِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهَا بِظُهُورِهِ، وَالثَّانِي يُحْكَمُ بِالْعَادَةِ، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتُهُ طُهْرٌ فَرَأَتْ عَشَرَةً أَسْوَدَ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَبَقِيَّتَهُ أَحْمَرَ حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْهَا عَلَى الثَّانِي، وَالْبَاقِي عَلَيْهِمَا طُهْرٌ (أَوْ) كَانَتْ (مُتَحَيِّرَةً بِأَنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا قَدْرًا وَوَقْتًا) وَلَا تَمْيِيزَ (فَفِي قَوْلٍ كَمُبْتَدَأَةٍ) غَيْرِ مُمَيِّزَةٍ
ــ
[حاشية قليوبي]
كَأَنْ لَمْ تَحِضْ فِي كُلِّ سَنَةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَبَقِيَّةُ السَّنَةِ طُهْرٌ. قَوْلُهُ: (مِنْ الْعَوْدِ إلَخْ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ اسْتِدْلَالٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ لَفْظَ الْعَادَةِ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ انْتَهَى. وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ اخْتِلَافِهَا، وَقَدْ ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَتْ فَإِنْ تَكَرَّرَ الدَّوْرُ وَانْتَظَمَتْ عَادَتُهَا وَنَسِيَتْ انْتِظَامَهَا، أَوْ لَمْ تَنْتَظِمْ أَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ الدَّوْرُ وَنَسِيَتْ النَّوْبَةَ الْأَخِيرَةَ فِيهِمَا حُيِّضَتْ أَقَلَّ النُّوَبِ وَاحْتَاطَتْ فِي الزَّائِدِ، انْتَهَى.
وَمَعْنَى التَّكَرُّرِ عَوْدُ الدَّوْرِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ نَظْمِ الْأَوَّلِ، وَمَعْنَى الِانْتِظَامِ كَوْنُ كُلِّ شَهْرٍ أَكْثَرَ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا قَبْلَهُ، فَلَوْ رَأَتْ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ سَبْعَةً أَوْ عَكْسَهُ فَهَذَا انْتِظَامٌ فَإِنْ عَادَ الدَّوْرُ كَذَلِكَ فَهُوَ تَكْرَارٌ أَيْضًا، وَلَوْ رَأَتْ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً، ثُمَّ فِي شَهْرٍ سَبْعَةً فَهَذَا عَدَمُ انْتِظَامٍ، فَإِنْ عَادَ الدَّوْرُ كَذَلِكَ فَهُوَ تَكْرَارٌ أَيْضًا، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَيْنِ مِنْ الِانْتِظَامِ أَيْضًا لِتَوَافُقِ الدَّوْرَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ الدَّوْرُ بِأَنْ أَطْبَقَ الدَّمُ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تَكَرُّرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَا انْتِظَامَ فِي الْأَخِيرِ، وَفِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ كُلِّهَا تُرَدُّ فِي كُلِّ شَهْرِ لِمَا يُقَابِلُهُ إنْ حَفِظَتْ ذَلِكَ وَإِلَّا حُيِّضَتْ أَقَلَّ النُّوَبِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ فِيمَا ذُكِرَ، وَاحْتَاطَتْ بِالْغُسْلِ بَعْدَ السِّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ الدَّوْرُ مِنْ غَيْرِ تَوَافُقٍ كَأَنْ رَأَتْ فِي شَهْرٍ سَبْعَةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ خَمْسَةً ثُمَّ فِي شَهْرٍ سِتَّةً ثُمَّ رَأَتْ فِي الشَّهْرِ الرَّابِعِ سِتَّةً ثُمَّ فِي الْخَامِسِ سَبْعَةً ثُمَّ فِي السَّادِسِ خَمْسَةً وَهَكَذَا رُدَّتْ إلَى النَّوْبَةِ الْأَخِيرَةِ إنْ حَفِظَتْهَا لِأَنَّهَا نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا وَإِلَّا احْتَاطَتْ كَمَا مَرَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَنْهَجِ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا تَرُدُّ إلَى النَّوْبَةِ الْأَخِيرَةِ فِي قِسْمَيْ عَدَمِ الِانْتِظَامِ السَّابِقَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِيهِمَا إلَى قِسْمَيْ عَدَمِ الِانْتِظَامِ وَعَدَمِ التَّكَرُّرِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ فِيهَا بِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ، وَالْوَجْهُ الْأُولَى وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِبَعْضِ صُوَرٍ لَيْسَتْ فِي كَلَامِهِمْ صَرِيحًا غَيْرُ مُضِرٍّ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِالتَّمْيِيزِ لَا الْعَادَةِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا نَقَاءٌ أَوْ ضَعِيفٌ قَدْرَ أَقَلِّ الطُّهْرِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِمَا، فَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةً مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ رَأَتْ فِي شَهْرٍ عِشْرِينَ ضَعِيفًا ثُمَّ خَمْسَةٍ قَوِيًّا فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ حَيْضٌ لِقُوَّتِهَا وَالْخَمْسَةُ الْأُولَى مِنْ الْعِشْرِينَ حَيْضٌ أَيْضًا لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّ الْعَادَةِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ طُهْرٍ كَأَنْ رَأَتْ بَعْدَ خَمْسَتِهَا أَيْ السَّابِقَةِ الَّتِي ثَبَتَتْ بِهَا الْعَادَةُ عِشْرِينَ ضَعِيفًا ثُمَّ خَمْسَةً قَوِيًّا ثُمَّ ضَعِيفًا فَقَدْرُ الْعَادَةِ أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْعِشْرِينَ وَهُوَ خَمْسَةٌ حَيْضٌ أَيْ لِوُقُوعِهِ فِي مَحَلِّ الْعَادَةِ وَالْقَوِيُّ حَيْضٌ آخَرُ أَيْ لِقُوَّتِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ) ثُمَّ إنْ انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَ شَهْرِ تِلْكَ الْعَشَرَةِ ثَبَتَ لَهَا بِهَا عَادَةٌ نَاسِخَةٌ لِلْأُولَى، فَلَوْ رَأَتْهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا عَشَرَةٌ مِنْهُ فِي مَحَلِّ تِلْكَ الْعَشَرَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ رَجَعَتْ إلَى خَمْسَتِهَا الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْعَادَةِ بِهَا مُحَقَّقٌ بِوُجُودِ الطُّهْرِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ الْعَشَرَةِ فَقَوْلُهُمْ وَيَثْبُتُ لِلْمُعْتَادَةِ بِالتَّمْيِيزِ عَادَةٌ نَاسِخَةٍ لِلْأُولَى مَحْمُولٌ مَا إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ سُقُوطُ مَا أَطَالَ بِهِ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مُتَحَيِّرَةً) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَحَيُّرِهَا فِي أَمْرِهَا فَهِيَ بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ وَقِيلَ
ــ
[حاشية عميرة]
رُدَّتْ إلَى السِّتِّ احْتِيَاطًا، فَإِنْ نَقَصَتْ عَادَتُهُنَّ كُلُّهُنَّ عَنْ السِّتِّ أَوْ زَادَتْ عَلَى السَّبْعِ فَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ السِّتِّ فِي صُورَةِ النَّقْصِ وَالسَّبْعِ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى عَادَتِهِنَّ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (ثُمَّ سِتَّةٌ فِي آخَرَ ثُمَّ اُسْتُحِيضَتْ) أَيْ فِي آخَرَ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (حُكِمَ بِأَنَّ حَيْضَهَا الْعَشَرَةُ عَلَى الْأَوَّلِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَةَ الْمُمَيِّزَةَ ذَكَرُوا فِي شَأْنِهَا أَنَّ مَا بَعْدَ الْقَوِيِّ اسْتِحَاضَةٌ وَإِنْ تَمَادَى سِنِينَ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ هُنَا أَنَّ التَّمْيِيزَ يَنْسَخُ الْعَادَةَ السَّابِقَةَ وَيَثْبُتُ بِهِ عَادَةٌ جَدِيدَةٌ أَنَّ الْأَشْهُرَ الَّتِي تَلِي شَهْرَ التَّمْيِيزِ تَحِيضُ الْمَرْأَةُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ مَا ثَبَتَ لَهَا بِالتَّمْيِيزِ، وَإِنْ أَطْبَقَتْ الدِّمَاءُ فِيهَا بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ يَشْكُلُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُبْتَدَأَةِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: فَلْيُحْمَلْ قَوْلُهُمْ تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالتَّمْيِيزِ عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهَا بِهِ مَعَ الْحَيْضِ طُهْرٌ مُمَيَّزٌ عَنْ الدَّمِ الْمُطْبِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مُتَحَيِّرَةٍ إلَخْ) .
قَالَ الرَّافِعِيُّ: