للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتُحَيَّضُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ عَلَى الْأَظْهَرِ السَّابِقِ (وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) وَلَيْسَتْ كَالْمُبْتَدَأَةِ لِاحْتِمَالِ كُلِّ زَمَنٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ. (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) لِاحْتِمَالِ الْحَيْضِ (وَتُصَلِّي الْفَرَائِضَ أَبَدًا) لِاحْتِمَالِ الطُّهْرِ. (وَكَذَا النَّفَلُ فِي الْأَصَحِّ) اهْتِمَامًا بِهِ وَالثَّانِي يَقُولُ: لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ (وَتَغْتَسِلُ لِكُلِّ فَرْضٍ) بَعْدَ

ــ

[حاشية قليوبي]

بِفَتْحِهَا مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَالْأَصْلُ مُتَحَيَّرٌ فِي أَمْرِهَا، وَيُقَالُ لَهَا مُحَيِّرَةٌ بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ لِأَنَّهَا حَيَّرَتْ الْفَقِيهَ فِي أَمْرِهَا وَبِفَتْحِهَا لِأَنَّ الشَّارِعَ حَيَّرَهَا فِيهِ وَهِيَ مِنْ الْمُعْتَادَةِ لَكِنَّهَا نَاسِيَةٌ لِعَادَتِهَا قَدْرًا وَوَقْتًا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَيَلْحَق بِهَا مَنْ شَكَّتْ فِي الْوَقْتِ أَوْ فِي أَنَّهَا مُبْتَدَأَةٌ أَوْ مُعْتَادَةٌ، فَلَوْ قَالَ كَأَنْ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ لَكِنَّهُ نَاظِرٌ إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّ إطْلَاقَ الْمُتَحَيِّرَةِ عَلَى غَيْرِ النَّاسِيَةِ لَهُمَا مَجَازٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاسْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (فَتُحَيَّضُ) بِالتَّشْدِيدِ وَالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (يَوْمًا وَلَيْلَةً) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ وَقْتِ ابْتِدَائِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ شَهْرَ الْمُسْتَحَاضَةِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) .

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: قَبْلَ سِنِّ الْيَأْسِ فَلَا يَجِبُ بَعْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِمَا مَرَّ مِنْ رَدِّهَا لِعَادَتِهَا وَإِنَّ بَلَغَتْ سِنَّ الْيَأْسِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ لَهَا هُنَاكَ وَقْتَ حَيْضٍ مَعْلُومٍ فَاسْتُصْحِبَ بِخِلَافِهِ هُنَا فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ.

قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا لِمَنْ خَافَ الْعَنَتَ بِالْأَوْلَى مِنْ جَوَازِهِ حِينَئِذٍ مَعَ الْحَيْضِ الْمُحَقَّقِ كَمَا مَرَّ وَغَيْرُ الْوَطْءِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ حَرَامٌ أَيْضًا وَإِنَّمَا خُصَّ الْوَطْءُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْفَسْخِ لِتَوَقُّعِ الْوَطْءِ بِالشِّفَاءِ. قَوْلُهُ: (وَالْقِرَاءَةُ) أَيْ بِقَصْدِ الْقُرْآنِ فَلَا حُرْمَةَ فِي الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصْدِ الذِّكْرِ كَمَا فِي الْجُنُبِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِمْ وَتَدْفَعُ النِّسْيَانَ بِالنَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ أَوْ بِإِجْرَائِهِ عَلَى الْقَلْبِ أَوْ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لِجَوَازِهَا فِيهَا وَلَوْ لِجَمِيعِ الْقُرْآنِ لِطَلَبِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْمَانِعِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ الْجُنُبَ، لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِقِرَاءَتِهَا الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ كَانَتْ حَائِضًا فَصَلَاتُهَا غَيْرُ مُعْتَدٍ بِهَا، فَلَا فَائِدَةَ فِي قَصْدِهَا وَإِلَّا فَقِرَاءَتُهَا مُعْتَدٌّ بِهَا بِلَا قَصْدٍ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ طَلَبَهُمْ قَصْدَ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ اللَّازِمَ عَلَى قَوْلِهِمْ يَجُوزُ لَهَا قِرَاءَةُ جَمِيعِ الْقُرْآنِ فِيهَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، بَلْ الْوَجْهُ تَرْكُهُ، وَلَيْسَ طَلَبُ السُّورَةِ مِنْهَا أَوْ إرَادَةُ الثَّوَابِ لَهَا مُحْوِجًا لِذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِ الْحُرْمَةِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَتُصَلِّي) أَيْ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ وَغَيْرُهُ كَمَا فِي الْجَنَابَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ شَيْخِنَا إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا دُخُولُهُ إلَّا لِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالتَّحِيَّةِ وَالطَّوَافِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (الْفَرَائِضَ) وَلَوْ نَذْرًا وَكِفَايَةً فَتَكْفِي صَلَاةُ الْجِنَازَةِ مِنْهَا وَيَسْقُطُ بِهَا الْحَرَجُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مُتَطَهِّرٍ كَامِلٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَأَتْبَاعُهُ، وَيَتَّجِهُ خِلَافُهُ مُوَافَقَةً لِلْخَطِيبِ وَمَنْ تَبِعَهُ تُؤَخِّرُ لِمَا بَعْدُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا النَّفَلُ) مِنْ رَاتِبٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَبَعْدَهُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ إلَّا النَّفَلَ الْمُطْلَقَ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَغَيْرُ الصَّلَاةِ مِثْلُهَا كَاعْتِكَافٍ وَطَوَافٍ مِنْ فَرْضٍ وَنَفْلٍ. قَوْلُهُ: (وَتَغْتَسِلُ) أَيْ تَتَطَهَّرُ لِكُلِّ

ــ

[حاشية عميرة]

إنَّمَا تَخْرُجُ الْحَافِظَةُ لِلْقَدْرِ عَنْ التَّحَيُّرِ الْمُطْلَقِ بِحِفْظِ قَدْرِ الدَّوْرِ وَابْتِدَائِهِ وَقَدْرِ الْحَيْضِ، انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ نَسِيَتْ) يَعْنِي لَمْ تَعْلَمْ لِيَشْمَلَ مَنْ اعْتَرَاهَا الْجُنُونُ فِي الصِّغَرِ وَثَبَتَ لَهَا عَادَةً ثُمَّ أَفَاقَتْ وَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلَا تَمْيِيزَ) أَمَّا مَعَ التَّمْيِيزِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَفِي قَوْلٍ كَمُبْتَدَأَةٍ) أَيْ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا عِبْرَةَ بِالتَّحَيُّرِ بَلْ يُقْضَى بِأَنَّ حَيْضَهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ وَطُهْرَهَا فِي بَاقِيهِ، وَلَا يَلْزَمُهَا احْتِيَاطٌ. نَعَمْ تُخَالِفُ الْمُبْتَدَأَةُ السَّابِقَةَ فِي أَنَّ حَيْضَ تِلْكَ مِنْ أَوَّلِ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَحَيْضَ هَذِهِ مِنْ أَوَّلِ الْهِلَالِ لِعَدَمِ عِلْمِ هَذِهِ بِأَوَّلِ ابْتِدَائِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (فَتُحَيَّضُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَيْ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمَنْسِيَّةَ لَا يُمْكِنُ اسْتِفَادَةُ الْحُكْمِ مِنْهَا فَتَكُونُ كَالْمَعْدُومَةِ، كَمَا أَنَّ التَّمْيِيزَ إذَا فَقَدَ بَعْضَ الشُّرُوطِ كَانَ كَالْعَدَمِ وَلِمَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَقَوْلُهُ: يَوْمًا وَلَيْلَةً، أَيْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهِيَ دَعْوَى مُخَالَفَةٍ لِلْحِسِّ قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْعُمْدَةُ فِي تَزْيِيفِ هَذَا الْقَوْلِ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَطُهْرُهَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ) أَيْ الْهِلَالِيِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ) لَكِنْ تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَحْرُمُ الْوَطْءُ) أَيْ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَلَا خِيَارَ لِأَنَّ وَطْأَهَا يُتَوَقَّعُ.

(تَنْبِيهٌ) حُكْمُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ كَالْحَائِضِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا النَّفَلُ فِي الْأَصَحِّ) خِلَافُ نَفْلِ الصَّلَاةِ جَارٍ فِي نَفْلِ الصَّوْمِ وَالطَّوَافِ أَيْضًا لَكِنْ مَحَلُّ جَوَازِ النَّفْلِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُ الْفَرِيضَةِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ خِلَافًا لِمَا فِي الزَّوَائِدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِكُلِّ فَرْضٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>