للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ، فَالْمُوسِرُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْيَسَارِ، وَإِنْ أَعْسَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ وَالْمُعْسِرُ بِعَكْسِهِ. ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَعَلَيْهِ تَمْلِيكُهَا حَبًّا) كَالْكَفَّارَةِ (وَكَذَا) عَلَيْهِ (طَحْنُهُ وَخَبْزُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَالثَّانِي لَا كَالْكَفَّارَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ عَادَتُهُمْ الطَّحْنُ وَالْخَبْزُ بِأَنْفُسِهِمْ، فَلَا وَإِلَّا فَنَعَمْ (وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْحَبِّ) مِنْ خُبْزٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ طَلَبَتْهُ هِيَ أَوْ بَذَلَهُ هُوَ بِالْمُعْجَمَةِ، (لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ) مِنْهُمَا (فَإِنْ اعْتَاضَتْ) عَنْهُ شَيْئًا (جَازَ فِي الْأَصَحِّ إلَّا خُبْزًا وَدَقِيقًا) ، فَلَا يَجُوزُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) أَمَّا الْجَوَازُ فِي غَيْرِهِمَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالثِّيَابِ فَلِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ طَعَامٍ مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ، كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ الطَّعَامِ الْمَغْصُوبِ الْمُتْلَفِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ الْقِيَاسُ عَلَى الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَالْكَفَّارَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِمَا وَانْفَصَلَ الْأَوَّلُ فِي قِيَاسِهِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَطَعَامُ الْكَفَّارَةِ. لَا يَسْتَقِرُّ لِمُعَيَّنٍ وَأَمَّا الْجَوَازُ فِي الْخُبْزِ وَالدَّقِيقِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ، فَلِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْحَبَّ وَالْإِصْلَاحَ وَقَدْ فَعَلَهُ، فَإِذَا أَخَذَتْ مَا ذَكَرَ فَقَدْ أَخَذَتْ حَقَّهَا لَا عِوَضَهُ، وَرَجَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِي ذَلِكَ الْمَنْعَ لِأَنَّهُ رِبًا، هَذَا كُلُّهُ فِي الِاعْتِيَاضِ عَنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ الْحَالِيَّةِ، وَأَمَّا الْمُسْتَقْبَلَةُ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا قَطْعًا وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ قَطْعًا، (وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ كَالْعَادَةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِاكْتِفَاءِ الزَّوْجَاتِ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَلَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمُتَوَسِّطٌ أَوْ بَلَغَهُمَا فَأَكْثَرَ، فَمُوسِرٌ وَيُعْتَبَرُ الْفَاضِلُ مِنْ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ فِيهِ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْوَقْتَ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ التَّسْلِيمُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهَا حَبْسُهُ وَلَا لِلْحَاكِمِ إجْبَارُهُ، لِأَنَّهُ وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَلَوْ وَقَعَ التَّمْكِينُ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَوْ اللَّيْلَةِ وَجَبَ لَهَا بِقِسْطِهِ عَنْ الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا لَوْ نَشَزَتْ، وَعَادَتْ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهَا فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا.

قَوْلُهُ: (تَمْلِيكُهَا) أَيْ الدَّفْعُ إلَيْهَا وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ إلَى وَلِيِّهَا أَوْ سَيِّدِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَلَوْ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَدْفُوعِ لَهُ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَلَيْهِ طَحْنُهُ إلَخْ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فَإِنْ اعْتَادَتْ أَكْلَهُ حَبًّا أَوْ بَاعَتْهُ أَوْ طَحَنَتْهُ بِنَفْسِهَا مَثَلًا فَلَهَا مُؤْنَتُهُ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ اعْتَاضَتْ عَنْهُ) أَيْ الْحَبِّ وَكَذَا عَنْ مُؤْنَتِهِ وَكَذَا عَنْ الْكِسْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (جَازَ) بِشَرْطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ خُرُوجًا مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ هُنَا بَيْعُ دَيْنٍ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (إلَّا خُبْزًا إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ لَزِمَ وُجُودُ رِبًا قَوْلُهُ: (مُسْتَقِرٍّ) وَلَوْ بِحَسَبِ الْمَآلِ فَيَدْخُلُ نَفَقَةَ الْيَوْمِ الْحَالُ، كَمَا يَأْتِي فَهُوَ كَالثَّمَنِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. قَوْلُهُ: (الْمَنْعِ لِأَنَّهُ رِبًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (الْمَاضِيَةِ أَوْ الْحَالِيَّةِ) وَلَهَا فِي الْمَاضِيَةِ مُطَالَبَتُهُ بِالْحَاكِمِ، وَإِلْزَامُهُ بِهَا بِخِلَافِ الْحَالِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَمَا يَقَعُ مِنْ تَقْرِيرِ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ عَلَيْهِ فِي الْوَثَائِقِ كُلَّ يَوْمٍ فَبَاطِلٌ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ. وَكَذَا فِي الْكِسْوَةِ إلَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، قَوْلُهُ: (فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ كَلَامِهِ، وَلَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ) مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ قَطْعًا أَيْ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الِاعْتِيَاضُ مِنْ الزَّوْجِ فَيَدْخُلُ الْمَاضِيَةُ، وَالْحَالِيَّةُ وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْمَاضِيَةُ فَيَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالِاعْتِيَاضُ عَنْ الْكِسْوَةِ كَهُوَ عَنْ النَّفَقَةِ.

فَرْعٌ: مِنْ النَّفَقَةِ مَاءُ الشُّرْبِ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّعَامِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِالْكِفَايَةِ، وَجِنْسُهُ مِنْ مَالِحٍ أَوْ عَذْبٍ مَا يَلِيقُ بِهِ بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ. قَوْلُهُ: (أَكَلَتْ) خَرَجَ مَا لَوْ تَلِفَتْ أَوْ أَعْطَتْ غَيْرَهَا، فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَعَلَيْهَا الضَّمَانُ.

قَوْلُهُ: (مَعَهُ) أَيْ عِنْدَهُ وَكَذَا لَوْ أَضَافَهَا أَحَدٌ إكْرَامًا لَهُ وَلَوْ أَيَّامًا فَإِنْ قَصَدَ إكْرَامَهَا فَبِالْقِسْطِ.

قَوْلُهُ: (سَقَطَتْ) فَمَا أَكَلَتْهُ بَدَلٌ عَنْ الْوَاجِبِ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، وَمَحَلُّ السُّقُوطِ إنْ أَكَلَتْ قَدْرَ الْوَاجِبِ فَأَكْثَرَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْوَاجِبِ وَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي قَدْرِهِ قَوْلُهُ: (وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّفْعُ وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرَ رَشِيدَةٍ) أَيْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا وَالْمُهْمَلَةُ كَالرَّشِيدَةِ.

قَوْلُهُ: (لَا تَسْقُطُ عَنْهُ جَزْمًا) وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ إنْ كَانَ رَشِيدًا وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ عَنْ النَّفَقَةِ وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ الرُّجُوعُ فِي الْأُولَى، وَيَحْسِبُ عَلَيْهَا مِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

الْوَاجِبُ الدَّفْعُ وَيَكْفِي الْوَضْعُ عَلَى قِيَاسِ الْخُلْعِ وَأَمَّا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ هَذَا وَفَاءٌ عَمَّا وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ، قَوْلُهُ: (جَازَ فِي الْأَصَحِّ) شَمَلَ إطْلَاقُهُ الِاعْتِيَاضَ عَنْ الْمُؤَنِ فَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِهَا عِنْدَ بَيْعِ الطَّعَامِ فَلَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ، وَإِلَّا ثَارَ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ هُنَا بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَذَا فِي الْمَطْلَبِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا مَعْنَاهُ أَنْ يَعْتَاضَ عَنْ الْجَمِيعِ وَبِتَمَامِ الِاعْتِيَاضِ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُ الْمُؤَنَ لِأَنَّ مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْبَيْعِ فَيَجِيءُ خِلَافَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ.

قَوْلُهُ: (سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) قُلْت هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ هَلْ الْوَاجِبُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ التَّقْدِيرُ أَوْ الْأَكْلُ أَوْ الْوَاجِبُ الْمُقَدَّرُ وَهَذَا بَدَلُهُ اُغْتُفِرَ رِفْقًا وَمُسَامَحَةً احْتِمَالَانِ فِي الْمَطْلَبِ وَلَوْ ضَافَهَا إنْسَانٌ أَيَّامًا، فَالظَّاهِرُ السُّقُوطُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ قَصَدْت التَّبَرُّعَ وَقَالَ بَلْ عَلَى النَّفَقَةِ صُدِّقَ الزَّوْجُ بِلَا يَمِينٍ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا وَادَّعَتْ أَنَّهُ هَدِيَّةٌ، وَقَالَ بَلْ عَنْ الْمَهْرِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>