للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ سَبَبٌ لِلْهَلَاكِ، وَالثَّانِي تَجِبُ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْهَلَاكَ مِنْ غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَ (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ.

(فَلَا) يَجِبُ قِصَاصٌ قَطْعًا وَتَجِبُ دِيَةُ شَبَهِ الْعَمْدِ (وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ) فَأَتَى بِهِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ (الْقِصَاصُ وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ) بِفَتْحِهَا (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ بِقَوْلِهِ مَثَلًا اُقْتُلْ هَذَا وَإِلَّا قَتَلْتُك يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ غَالِبًا لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ آثَرَهَا بِالْبَقَاءِ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وُجِّهَ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ آثِمٌ بِالْقَتْلِ قَطْعًا، (فَإِنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ) بِأَنْ عُفِيَ عَنْ الْقِصَاصِ إلَيْهَا (وُزِّعَتْ) عَلَيْهِمَا.

(فَإِنْ كَافَأَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ) دُونَ الْآخَرِ فَإِذَا أَكْرَهَ حُرٌّ عَبْدًا أَوْ عَكْسُهُ عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْعَبْدِ (وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا) عَلَى الْقَتْلِ فَفَعَلَهُ (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْبَالِغِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ وَلَا قِصَاصَ عَلَى الصَّبِيِّ بِحَالٍ وَلَوْ أَكْرَهَ -

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ) أَيْ حَيَوَانٌ قَاتِلٌ وَلَوْ غَيْرَ حُوتٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَوَابِعِ مَسْأَلَةِ الْمَاءِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ، فَكَانَ ذِكْرُهَا مَعَهَا أَنْسَبَ، وَلَعَلَّ عُذْرَهُ ضَمُّ مَسْأَلَةِ النَّارِ إلَى الْأُولَى لِتَنَاسُبِهِمَا فِي الْخِلَافِ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَجَبَ الْقِصَاصُ) سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْحُوتِ أَوْ لَا أَذِنَ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ) فَلَا يَجِبُ قِصَاصٌ وَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُوتِ وَإِلَّا وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا عُلِمَ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَذَفَهُ الْحُوتُ سَالِمًا قَبْلَ الْقِصَاصِ امْتَنَعَ أَوْ بَعْدَهُ وَجَبَ عَلَى مَنْ اقْتَصَّ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ لِوَرَثَةِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ.

قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْقِصَاصُ) وَإِنْ تَعَدَّدَ أَوْ كَانَ بِوَاسِطَةٍ قَوْلُهُ: (مَثَلًا) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ الْمُفَسَّرِ بِالْجُمْلَةِ بَعْدَهُ فَيَشْمَلُ أَمْرَ مَنْ تُخْشَى سَطْوَتُهُمْ، فَإِنَّهُ إكْرَاهٌ وَإِشَارَةَ نَحْوِ أَخْرَسَ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (اُقْتُلْ هَذَا) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدَهُ فَقَتَلَهُ فَلَيْسَ مِنْ الْإِكْرَاهِ بَلْ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ عُدُولٌ عَنْ الْمَأْمُورِ بِهِ إلَى أَغْلَظَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْقَتْلِ فَقَطَعَ يَدَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ، فَهُوَ مُكْرَهٌ سَوَاءٌ مَاتَ مِنْهُ أَمْ لَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ لَيْسَ مِنْ الْإِكْرَاهِ لِعُدُولِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا.

قَوْلُهُ: (قَتَلْتُك) خَرَجَ مَا لَوْ قَالَ أَتْلَفْت مَالِكَ أَوْ قَتَلْت وَلَدَك مَثَلًا، فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَلَوْ ذَكَرَ لَهُ مَا يَتَضَمَّنُ تَعْذِيبًا نَحْوَ قَطَّعْتُك إرْبًا إرْبًا أَيْ قِطَعًا مُتَعَدِّدَةً فَهُوَ إكْرَاهٌ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (بِأَنَّهُ آثِمٌ بِالْقَتْلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ آلَةٌ لَمْ يَأْثَمْ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ وَمِثْلُهُ الزِّنَى لَكِنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ عَفَا) الْأَوْلَى كَأَنْ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ لِأَنَّ مَنْ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي الْحُرِّ، وَنِصْفُ قِيمَةٍ فِي الْعَبْدِ.

قَوْلُهُ: (وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا) إنْ عَفَا عَنْهُمَا مَعًا وَكَانَا اثْنَيْنِ، فَإِنْ عَفَا عَنْ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ حِصَّتُهُ أَوْ زَادُوا عَلَى اثْنَيْنِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ قَوْلُهُ: (مُرَاهِقًا) الْمُرَادُ بِهِ، وَبِالصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ غَيْرُ الْبَالِغِ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ إنْ عَمَدَ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِنْهُمَا كَالْخَطَأِ وَهُوَ كَذَلِكَ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ.

قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ) وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) أَيْ شَرِيكُ مَنْ نَزَلَ فِعْلُهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الْمُخْطِئِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْخَطَأِ فِي الظَّنِّ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (عَلِمَ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَنَّهُ رَجُلٌ) فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ إنْ كَافَأَهُ وَإِلَّا فَنِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ وَعَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ نِصْفُ دِيَةِ خَطَأٍ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْهَلَاكَ إلَخْ) أَيْ فَصَارَ شُبْهَةً دَارِئَةً لِلْقِصَاصِ ثُمَّ هَذَا الثَّانِي خَرَّجَهُ الرَّبِيعُ مِنْ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ وَالْأَصْحَابُ بَيْنَ رَادٍّ لِهَذَا التَّخْرِيجِ وَمُضَعِّفٍ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُلْقِيَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ وَهَا هُنَا تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْقِصَاصِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الْإِرْسَالَ فِي الْهَوَاءِ لَا يَقْتُلُ مَا لَمْ يَصْدِمْ فَلَمَّا اعْتَرَضَهُ مُعْتَرِضٌ نُسِبَ إلَيْهِ، وَهَا هُنَا حُصُولُهُ فِي الْمَاءِ مُهْلِكٌ لَا مَحَالَةَ قَالَ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَلْتَقِمَهُ الْحُوتُ قَبْلَ وُصُولِ الْمَاءِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَا فَرْقَ إلَخْ. يُشْكِلُ عَلَى الْفَرْقِ فَتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي مَسْطُورًا فِي الرَّافِعِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحُوتَ ضَارٌّ بِطَبْعِهِ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فَكَانَ كَالْآلَةِ، قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ) ، أَيْ وَلَوْ يَعْلَمُ بِهِ الْمُلْقِي وَإِلَّا وَجَبَ الْقَوَدُ، قَوْلُهُ: (وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْأَظْهَرِ) مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَى قَتْلِهِ غَيْرَ نَبِيٍّ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ قَطْعًا قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ وُجِّهَ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ وَاحْتُجَّ لَهُ أَيْضًا بِحَدِيثِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ» إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ) أَيْ وَعَلَى الصَّبِيِّ نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ، قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ) أَيْ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ قَالَ الْإِمَامُ طَرِيقَةُ الْخِلَافِ تَرْجِعُ إلَى أَنَّا نَنْقُلُ فِعْلَ الْمُكْرَهِ إلَى الْمُكْرِهِ عَلَى صِفَتِهِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُكْرَهَ الْمُبَاشِرَ لِلْقَتْلِ، وَنَنْظُرُ إلَى صِفَةِ فِعْلِ الْمُكْرَهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا يَقْدَحُ فِي مَعْنَى الشَّرِكَةِ اهـ.

يُرِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ كَوْنُ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ شَرِيكًا وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ آلَةٌ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ) عِبَارَةُ. الزَّرْكَشِيّ فَإِنْ قُلْنَا عَمْدُهُ كَخَطَأِ الْبَالِغِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْبَالِغِ

<<  <  ج: ص:  >  >>