للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُرَاهِقٌ بَالِغًا عَلَى قَتْلٍ فَأَتَى بِهِ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمُرَاهِقِ وَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ عَمْدٌ فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا.

(وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ صَيْدًا) فَرَمَاهُ فَمَاتَ، (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ) بِالْكَسْرِ وَوَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ (أَوْ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ فَأَصَابَ رَجُلًا) فَمَاتَ (فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ) مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، (أَوْ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ فَزَلَقَ وَمَاتَ فَشِبْهُ عَمْدٍ) لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا. (وَقِيلَ) هُوَ (عَمْدٌ) فَيَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ (أَوْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَ نَفْسَهُ، (فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ مَا جَرَى لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ حَقِيقَةً لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمَخُوفِ بِهِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ وَالثَّانِي يُمْنَعُ ذَلِكَ.

(وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ) الْمَقْتُولُ لَهُ (فَالْمَذْهَبُ لَا قِصَاصَ) عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَتْلِ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً، (وَالْأَظْهَرُ) عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ

ــ

[حاشية قليوبي]

شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) وَرُدَّ بِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الظَّنِّ لَا يُعْتَبَرُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا) فَهُوَ خَطَأٌ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ.

قَوْلُهُ: (عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ) وَمِثْلُهُ نُزُولُ نَحْوِ بِئْرٍ.

قَوْلُهُ: (فَزَلَقَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَيْهَا غَالِبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالتَّقْيِيدُ بِهِ عِنْدَ مَنْ ذَكَرَهُ لِتَحْرِيرِ مَكَانِ الْخِلَافِ وَذِكْرُهُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَنْهَجِ لَا مَحَلَّ لَهُ.

قَوْلُهُ: (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ دِيَةُ شَبَهِ الْعَمْدِ كَامِلَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هُوَ عَمْدٌ) هَذَا رَأْيُ الْغَزَالِيِّ إنْ كَافَأَهُ أَوْ الدِّيَةُ أَوْ الْقِيمَةُ.

قَوْلُهُ: (فَقَتَلَ نَفْسَهُ) أَيْ وَهُوَ غَيْرُ حُرٍّ وَإِلَّا فَالْقَوَدُ عَلَى مُكْرِهِهِ قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ) وَعَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ وَكَفَّارَةٌ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ.

قَوْلُهُ: (لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمُخَوَّفِ بِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَ نَفْسِهِ، لَمْ يَكُنْ إكْرَاهًا أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهَذِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) هَلْ الْمُرَادُ يَمْنَعَ الِاخْتِيَار أَوْ يَمْنَعُ عَدَمَ الْإِكْرَاهِ أَوْ يَمْنَعُهُمَا رَاجِعْهُ.

تَنْبِيهٌ: لِكُلٍّ مِنْ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالْمُكْرِهِ عَلَى قَتْلِهِ دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَلَا ضَمَانَ فِيهِ لَوْ قَتَلَاهُ قَوْلُهُ: (فَقَتَلَهُ) وَكَذَا لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْجُمْلَةِ الْمَأْذُونِ فِي إتْلَافِهَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِضَمَانِ الْعُضْوِ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْهُمَا قَرِيبًا عَكْسُ هَذَا فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (لَا قِصَاصَ) سَوَاءٌ اتَّحَدَا رِقًّا وَحُرِّيَّةً أَوْ اخْتَلَفَا لِشُبْهَةِ الْإِذْنِ.

قَوْلُهُ: (لَا دِيَةَ) يُفِيدُ أَنَّهُ فِي الْحُرِّ وَيَجِبُ فِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ فِي الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (غَيْرُ الْإِثْمِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ آثِمٌ وَإِنْ عَلِمَ هُوَ أَوْ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ فَرَاجِعْهُ.

ــ

[حاشية عميرة]

الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ) هَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ السَّابِقُ حِكَايَتُهُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ، قَوْلُهُ: (قَطْعًا) صَرَّحَ هُنَا بِالْقَطْعِ لِأَنَّهُ رُتْبَةُ الْمُكْرَهِ فِي الْمُؤَاخَذَةِ دُونَ رُتْبَةِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ بِدَلِيلِ مَا سَلَفَ فِي الْمَتْنِ، قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ) أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (وَوَجْهُ الْمَنْعِ إلَخْ) . كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُكْرَهَ هُنَا لَمَّا جَهِلَ الْحَالَ وَظَنَّ حِلُّ الْفِعْلِ، كَانَ كَالْآلَةِ لِلْجَاهِلِ وَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ ثُمَّ الْوُجُوبُ مَنْسُوبٌ لِلتَّنْبِيهِ وَالتَّهْذِيبِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ وَهُوَ كَوْنُ الْمُكْرَهِ كَالْآلَةِ.

قَالُوا وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْفَتْوَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ ثُمَّ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَتَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَالنِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ صِحَّةَ تَفْرِيعِهِ عَلَى الْمَرْجُوحِ، قَالَ فَإِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَيْنَ الرَّاجِحِ وَالْمَرْجُوحِ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ وَالْمُكْرِهُ عَالِمَيْنِ فَرَجَّحُوا فِيهِ كَوْنَ الْمُكْرَهِ شَرِيكًا لَا آلَةَ لِظُهُورِ إيثَارِ نَفْسِهِ أَمَّا مَعَ الْجَهْلِ فَلَا إيثَارَ فَهُوَ بِالْآلَةِ أَشْبَهُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَعْلَمُ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ هُنَا لَا يُشْكِلُ بِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الْبَالِغَ لَوْ أَكْرَهَ صَبِيًّا، وَقُلْنَا إنَّ عَمْدَهُ خَطَأٌ لَا قِصَاصٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ جَهْلَ الْحَالِ هُنَا الْمُقْتَضِي لِإِلْحَاقِ الْمُكْرَهِ بِالْآلَةِ مَفْقُودٌ فِي صُورَةِ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحَالِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ) أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالرَّامِي وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرَهِ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ هُوَ عَمْدٌ) أَيْ كَمَا فِي جَهْلِ الْمُكْرَهِ السَّابِقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا مُرَادُهُ وَلَيْسَ بِوَجْهٍ، قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) خَرَجَ الطَّرَفُ وَكَذَا الْوَلَدُ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَمْنَعُ ذَلِكَ) عَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ بِإِلْجَائِهِ وَحَمْلِهِ قَاتِلٌ لَهُ، قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ) نَظَرَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَحَلَّ الطَّرِيقَيْنِ الْإِذْنُ الْمُجَرَّدُ وَمَعَ الْإِكْرَاهِ فِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ عَلَى الْإِذْنِ الْمُجَرَّدِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ جَزْمًا لِأَنَّهُ دَفْعُ صَائِلٍ وَلَوْ عَدَلَ عَنْ قَتْلِهِ إلَى قَطْعِ طَرَفِهِ فَمَاتَ، قَالَ الْقَاضِي سَأَلْت عَنْهَا الْقَفَّالَ فَخَرَّجَهَا عَلَى مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِأَلْفٍ فَزَادَهُ هَلْ يَجُوزُ أَوْ لَا وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْإِذْنُ فِي إتْلَافِ الْكُلِّ إذْنٌ فِي إتْلَافِ الْبَعْضِ فَلَا ضَمَانَ خِلَافًا لِتَخْرِيجِ الْقَفَّالِ.

قَوْلُهُ: (بِنَاءً إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُبَاحُ بِالْإِذْنِ فَكَانَ كَإِذْنِ الْمَرْأَةِ فِي الزِّنَى لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ. أَقُولُ فِي التَّشْبِيهِ بِالْمَرْأَةِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا حَقُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>