للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخَرُ وَوَارِثُهُ قَتَلَهُ

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجِيَّةٌ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ (فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ) الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ إذَا سَبَقَ قَتْلَ الْأَبِ لَمْ يَرِثْ مِنْهُ قَاتِلُهُ، وَيَرِثُهُ أَخُوهُ وَالْأُمُّ وَإِذَا قَتَلَ الْآخَرُ الْأُمَّ وَرِثَهَا الْأَوَّلُ فَتَنْتَقِلُ إلَيْهِ حِصَّتُهَا مِنْ الْقِصَاصِ، وَيَسْقُطُ بَاقِيهِ وَيَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ عَلَى أَخِيهِ، وَلَوْ سَبَقَ قَتْلُ الْأُمِّ سَقَطَ الْقِصَاصُ عَنْ قَاتِلِهَا وَاسْتَحَقَّ قَتْلَ أَخِيهِ

(وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ) ، كَأَنْ أَلْقَوْهُ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي بَحْرٍ أَوْ جَرَحُوهُ جِرَاحَاتٍ مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً (وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ الرُّءُوسِ) ، وَعَنْ جَمِيعِهِمْ عَلَى الدِّيَةِ فَتُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَعَلَى الْوَاحِدِ مِنْ الْعَشَرَةِ عُشْرُهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ جِرَاحَةُ بَعْضِهِمْ أَفْحَشَ أَوْ عَدَدُ جِرَاحَاتِ بَعْضِهِمْ أَكْثَرَ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَتْ جِرَاحَةُ بَعْضِهِمْ ضَعِيفَةً لَا تُؤَثِّرُ فِي الزُّهُوقِ كَالْخَدْشَةِ الْخَفِيفَةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَا.

(وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ وَ) شَرِيكٌ (شِبْهُ عَمْدٍ وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ) فِي قَتْلِ الْوَلَدِ (وَعَبْدٌ شَارَكَ حُرًّا فِي عَبْدٍ وَذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي ذِمِّيٍّ وَكَذَا شَرِيكٌ حَرْبِيٌّ) فِي مُسْلِمٍ (وَ) شَرِيكٌ (قَاطِعٌ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) بِأَنْ جَرَحَ الْمَقْطُوعَ بَعْدَ الْقَطْعِ فَمَاتَ مِنْهُمَا (وَشَرِيكُ النَّفْسِ) بِأَنْ جَرَحَ الشَّخْصُ نَفْسَهُ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ فَمَاتَ مِنْهُمَا. (وَ) شَرِيكُ (دَافِعِ الصَّائِلِ) بِأَنْ جَرَحَهُ بَعْدَ جُرْحِ الدَّافِعِ، فَمَاتَ مِنْهُمَا (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا يُقْتَلُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ لَا يَضْمَنُ كَشَرِيكِ الْمُخْطِئِ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ أَوْرَثَ فِي فِعْلِ الشَّرِيكِ. فِيهِ شُبْهَةٌ

ــ

[حاشية قليوبي]

مَعًا. قَوْلُهُ: (فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ) نَعَمْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: لَوْ وُجِدَ مَانِعٌ مِنْ تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا مَعَ الزَّوْجِيَّةِ كَعَدَمِ إرْثِهَا أَوْ بِغَيْرِهِ كَالدُّورِ، فَعَلَى كُلٍّ الْقِصَاصُ مِنْهُ كَأَنْ كَانَ الْوَلَدَانِ مِنْ أَمَتِهِ الَّتِي أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَتَزَوَّجَ فِيهِ بِهَا. قَوْلُهُ: (حِصَّتُهَا) وَهِيَ الثَّمَنُ وَيَلْزَمُهُ لِوَرَثَةِ أَخِيهِ الْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الدِّيَةِ.

، كَأَنْ قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ) أَيْ فِي الْقَتْلِ وَتَوْزِيعِ الدِّيَةِ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ) خَرَجَ بِالْقَتْلِ الْقَطْعُ وَسَيَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالْمُشَارَكَةِ نِسْبَةُ الْمَوْتِ إلَى فِعْلَيْهِمَا مَعًا لَا حَقِيقَةُ الْمُشَارَكَةِ مِنْ وُجُودٍ، فَعَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَشَمِلَ الْمُخْطِئُ نَحْوَ الْأَبِ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ خَطَأً فَيَغْلِبُ جَانِبُ الْفِعْلِ، وَمِنْهُ شَرِيكُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لَا تَمْيِيزَ لَهُمَا لِأَنَّ غَيْرَهُمَا عَمْدُهُ عَمْدٌ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ شَرِيكُ سَبُعٍ أَوْ حَيَّةٍ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا مِنْهُمَا، وَاعْتَمَدَهُ مُخَالِفًا لِمَا فِي حَاشِيَتِهِ وَإِلَّا فَيُقْتَلُ شَرِيكُهُمَا وَالْوَجْهُ التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ لِأَنَّهُ لَا تَمْيِيزَ لَهُمَا، فَلَا يُقَالُ عَمْدُهُمَا عَمْدٌ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْقَطْعِ) هُوَ قَيْدٌ لِتَسْمِيَتِهِ شَرِيكَ قَاطِعٍ لَا لِلْحُكْمِ بَلْ هُوَ عَامٌّ شَامِلٌ لِلْمَعِيَّةِ وَالْقَبْلِيَّةِ، وَيُمْكِنُ دُخُولُ الْمَعِيَّةِ فِي كَلَامِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْقَطْعِ فَيَشْمَلُهُمَا، وَيُعْلَمُ وُجُودُ الْقَوَدِ فِي الْقَبْلِيَّةَ بِالْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ جُرْحِ الدَّافِعِ) فِيهِ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ، لَوْ كَانَ الثَّانِي دَافِعًا أَيْضًا لَمْ يَضْمَنْ كَالْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (وَفَرْقٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِفَارِقٍ لِعَدَمِ الْجَامِعِ إذْ لَا يُشْبِهُ مَنْ لَا يَضْمَنُ أَصْلًا بِمَنْ هُوَ ضَامِنٌ بِالْمَالِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَ الْفَرْقَ لِإِفَادَةِ الْقَاعِدَةِ، وَهِيَ أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ قَتْلُهُ لِمَعْنًى فِي فِعْلِهِ لَا يُقْتَلُ شَرِيكُهُ، وَمَنْ امْتَنَعَ قَتْلُهُ لَا لِمَعْنًى فِي فِعْلِهِ، أَوْ لِمَعْنًى فِي ذَاتِهِ يُقْتَلُ شَرِيكُهُ وَمِنْهُ مَا لَوْ رَمَيَا مُسْلِمًا فِي صَفِّ كُفَّارٍ وَأَحَدُهُمَا عَالِمٌ بِهِ دُونَ الْآخَرِ فَيُقْتَلُ الْعَالِمُ لَا الْجَاهِلُ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ، وَهُوَ مَعْنًى فِي ذَاتِهِ أَوْ لَيْسَ فِي فِعْلِهِ، وَمِنْهُ مَا أَكْرَهَهُ عَلَى رَمْيِ شَخْصٍ ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ صَيْدًا، فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ دُونَ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا لِعُذْرِهِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى فِي الْقَاعِدَةِ أَنْ يُقَالَ: يُقْتَلُ شَرِيكُ مَنْ امْتَنَعَ قَتْلُهُ لَا لِمَعْنًى فِي فِعْلِهِ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْرَثَ إلَخْ) أَيْ فَالزُّهُوقُ حَصَلَ بِمَا يَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَوَدُ فَهُوَ مِنْ قَاعِدَةِ اجْتِمَاعِ مُقْتَضٍ وَمَانِعٍ فَغُلِّبَ الثَّانِي وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِيهَا أَمْرٌ خَارِجٌ عَمَّا حَصَلَ بِهِ الزُّهُوقُ فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ اللَّازِمُ لِلْمُخْطِئِ حِصَّتُهُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَاللَّازِمُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ حِصَّتُهُ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَاللَّازِمُ لِشَرِيكِهِمَا حِصَّتُهُ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ فِي مَالِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الدِّيَةَ مُوَزَّعَةٌ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْجِنَايَةِ كَأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ وَالْآخَرُ الْيَدَ الْأُخْرَى، وَإِلَّا كَأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا يَدَهُ وَالْآخَرُ أُصْبُعَهُ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ جِنَايَتِهِ، وَقِيلَ لَوْ أَوْجَبَتْ جِنَايَةُ أَحَدِهِمَا قَوَدًا كَأَنْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا وَآخَرُ يَدَهُ الْأُخْرَى خَطَأً

ــ

[حاشية عميرة]

الْقِصَاصِ مِنْهُ فَيَكُونُ وَاقِعًا عَلَى الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا عَلَى الْمُسْتَوْفِي، قُلْنَا لَكِنْ يُنْقَلُ الْإِشْكَالُ إلَى قَوْلِهِ أَوْ مُبَادِرًا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَلِوَارِثِهِ) أَيْ الْآخَرِ قَوْلُهُ: (وَرِثَهَا) أَيْ فَيَرِثُ ثَمَنَ الْقِصَاصِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ لِأَخِيهِ الَّذِي قَتَلَ الْأُمَّ سَبْعَةُ أَثْمَانِ الدِّيَةِ، قَوْلُهُ: (وَاسْتَحَقَّ قَتْلَ أَخِيهِ) أَيْ وَيَلْزَمُ هَذَا الْمُسْتَحِقَّ لِأَخِيهِ الْمَذْكُورِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ فِعْلٌ وَاحِدٌ لَوْ انْفَرَدَ لَقَتَلَ اهـ.

وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَاطَئُوا عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ السِّيَاطِ الْآتِيَةِ اشْتِرَاطُ التَّوَاطُؤِ مَعَ أَنَّ صُورَتَهَا أَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ إلَخْ، قَالَ فِيهَا الزَّرْكَشِيُّ وَفَارَقَ الْجِرَاحَ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْجُرْحَ يُقْصَدُ بِهِ الْهَلَاكُ بِخِلَافِ هَذَا، فَانْظُرْ كَيْفَ يَجْتَمِعُ كَلَامُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي التَّلَفِ، قَوْلُهُ: (وَعَنْ جَمِيعِهِمْ) هَذَا يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى

قَوْلُهُ: (وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَنَا مَا لَوْ عَفَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَمَا لَوْ رَمَيَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الرَّامِيَيْنِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْقَطْعِ) أَفْهَمَ عَدَمَ الْقِصَاصِ فِي الْمَعِيَّةِ وَالسَّبْقِ وَلَيْسَ مُرَادًا فِيمَا يَظْهَرُ، قَوْلُهُ: (بَعْدَ جُرْحِ الدَّافِعِ) فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شَرِيكُ مَنْ لَا يَضْمَنُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَنْ لَا يَضْمَنُ أَخَفُّ حَالًا مِنْ تَضْمِينِ الْخَاطِئِ وَفَارَقَ شَرِيكَ الْأَبِ بِأَنَّ فِعْلَ الْأَبِ مَضْمُومٌ، قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْخَطَأَ شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ) أَيْ فَكَانَ كَمَا لَوْ صَدَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>