للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ حَرْفًا بِقِرَاءَةِ مَالِكٍ بِالْأَلِفِ وَالثَّانِي يَجُوزُ سَبْعُ آيَاتٍ أَوْ سَبْعَةُ أَذْكَارٍ أَقَلُّ مِنْ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ، كَمَا يَجُوزُ صَوْمُ يَوْمٍ قَصِيرٍ قَضَاءً عَنْ يَوْمٍ طَوِيلٍ، وَدَفَعَ بِأَنَّ الصَّوْمَ يَخْتَلِفُ زَمَانُهُ طُولًا وَقِصَرًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي قَضَائِهِ مُسَاوَاةً، بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ لَا تَخْتَلِفُ فَاعْتُبِرَ فِي بَدَلِهَا الْمُسَاوَاةُ.

(فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا) مِنْ قُرْآنٍ وَلَا ذِكْرٍ (وَقَفَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) فِي (ظَنِّهِ) وَلَا يُتَرْجِمُ عَنْهَا بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ لِفَوَاتِ الْإِعْجَازِ فِيهَا دُونَهُ.

(وَيُسَنُّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) لِقَارِئِهَا (آمِينَ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (خَفِيفَةُ الْمِيمِ بِالْمَدِّ، وَيَجُوزُ الْقَصْرُ) وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى اسْتَجِبْ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ. (وَيُؤَمِّنُ) الْمَأْمُومُ فِي الْجَهْرِيَّةِ (مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ أَمَّنَ عَقِبَ تَأْمِينِهِ (وَيَجْهَرُ بِهِ فِي الْأَظْهَرِ) تَبَعًا لَهُ. وَالثَّانِي يُسِرُّهُ كَالتَّكْبِيرِ، وَالْمُنْفَرِدُ يَجْهَرُ

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُمْ: لَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ أَيْ وَهُوَ آيَةٌ فَأَكْثَرَ، قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَاسْتَدَلَّ بَعْدَهُمْ الْحَمْدُ لِلَّهِ مِنْ الذِّكْرِ، وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مِنْ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ حَيْثُ قَالُوا: أَنْوَاعُ الذِّكْرِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَمِثْلُ الْفَاتِحَةِ فِي ذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ الْقُرْآنِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: بِدَلِيلِ عَدِّهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ الذِّكْرِ مَعَ أَنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ أَيْضًا، وَالْمَقْدُورُ عَلَيْهِ مِنْ آيَاتِ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْضِ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَبْلُغْ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ يُكَرِّرُهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى بَدَلٍ مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْفَاتِحَةِ وَبَعْضِ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَبْلُغْ مَجْمُوعُهُمَا قَدْرَ الْفَاتِحَةِ كَمَّلَ عَلَيْهِمَا مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا، وَإِلَّا كَرَّرَ بِقَدْرِ الْبَاقِي.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُقَدِّمُ تَكْرِيرَ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ عَلَى تَكْرِيرِ الْقُرْآنِ، وَلَا بُدَّ مِنْ رِعَايَةِ التَّرْتِيبِ فِيمَا يَحْفَظُهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ مَعَ غَيْرِهَا، فَإِذَا كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ آيَةً فَأَكْثَرَ أَوْ آخِرَهَا قَدَّمَ مَا يَحْفَظُهُ مِنْهَا وَأَخَّرَ الْبَدَلَ أَوْ وَسَطَهَا وَسَّطَهُ كَذَلِكَ أَوْ طَرَفَيْهَا قَدَّمَهُ وَأَخَّرَهُ كَذَلِكَ، وَيُقَدِّمُ الْبَدَلَ وَلَوْ بِتَرْجَمَةِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ عَلَى التَّكْرِيرِ كَمَا يُقَدِّمُهُ عَلَى الْوُقُوفِ، وَلَا تَكْرِيرَ فِي الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بَلْ يَأْتِي بِمَا يَحْفَظُهُ مِنْهُ وَيُتَمِّمُ عَلَيْهِ مِنْ الْوُقُوفِ بَعْدَهُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: يُكَرِّرُهُ كَالْقُرْآنِ، وَرَدَّهُ شَيْخُنَا، وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ وَاجِبٌ بَدَلًا فَلَا يَقُومُ عَنْ بَدَلَيْنِ وَاجِبَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ، وَلَا يُرَدُّ الْقُرْآنُ لِشَرَفِهِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ فِيهِ بَحْثًا دَقِيقًا.

قَوْلُهُ: (وَقَفَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) وَمِثْلُهَا السُّورَةُ وَالتَّشَهُّدُ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَذْكَارِ وُجُوبًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ. قَوْلُهُ: (فِي ظَنِّهِ) اقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْيَقِينُ وَهُوَ يُخَالِفُ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ بِالرُّكُوعِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْإِتْيَانِ بِالشَّيْءِ بِخِلَافِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ ذَاكَ رُخْصَةٌ بِخِلَافِ هَذَا، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى مَرْتَبَةٍ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِمَّا بَعْدَهَا عَادَ إلَيْهَا وُجُوبًا، أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ نُدِبَ الْعَوْدُ إلَيْهَا، وَلَا يَجِبُ وَلَوْ بِالْوُقُوفِ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ، وَكَذَا بَدَلُهَا إنْ اشْتَمَلَ عَلَى دُعَاءٍ وَلَوْ مِنْ أَوَّلِهِ، وَفَارَقَ نَدْبَ التَّعَوُّذِ فِي الْبَدَلِ. مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الشَّيْطَانِ وَشَمَلَ قَارِئَهَا فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَخَرَجَ بِعَقِبَ نَحْوُ سُجُودِهِ وَلَوْ سَهْوًا فَيَفُوتُ بِهِ، وَيَحْسُنُ بَعْدَ آمِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا يُسَنُّ الدُّعَاءُ قَبْلَهُ مِنْ أَحَدٍ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ حَجَرٍ (رَبِّ اغْفِرْ لِي) لِوُرُودِهِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ إنَّهُ مِنْ أَمَاكِنِ إجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَلَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَدِّ) قَالُوا وَهُوَ أَفْصَحُ وَنَظَرُوا فِيهِ بِأَنَّهُ بِهَذَا الْوَزْنِ لَيْسَ عَرَبِيًّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْعَجَمِ كَقَابِيلٍ، وَاعْتِذَارُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ الْأَلِفَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ إشْبَاعِ الْفَتْحَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ تَأَمَّلْ، وَيُسَنُّ بَعْدَ آمِينَ سَكْتَةٌ أَيْضًا وَهِيَ مِنْ الْإِمَامِ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ الْفَاتِحَةَ، وَيُسَنُّ سَكْتَةٌ ثَالِثَةٌ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ بِسَكْتَةٍ بَعْدَ التَّحَرُّمِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَتَعَوَّذُ فِيهَا وَيَفْتَتِحُ سِرًّا كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ سُكُوتٌ عَنْ الْجَهْرِ أَوْ مَجَازًا وَالْمُرَادُ سَكْتَةٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالِافْتِتَاحِ، كَمَا زَادَ ابْنُ حَجَرٍ سَكْتَةٌ بَيْنَ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ وَسَكْتَةٌ بَيْنَ التَّعَوُّذِ وَالْقِرَاءَةِ، فَتَكُونُ سَكَتَاتٍ سِتَّةً. قَوْلُهُ: (مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ) أَيْ لِلتَّخْفِيفِ، وَلَوْ شَدَّدَ الْمِيمَ لَمْ يَضُرَّ إلَّا إنْ قَصَدَ غَيْرَ الدُّعَاءِ وَحْدَهُ فَلَا يَضُرُّ الْإِطْلَاقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا لَوْ شَرِكَ عَلَى قِيَاسِ نَظَائِرِهِ، وَتَجُوزُ فِيهِ الْإِمَالَةُ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ. قَوْلُهُ: (فِي الْجَهْرِيَّةِ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ سِرِّيَّةً، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ تَأْمِينِ إمَامِهِ) أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُطْلَبُ مِنْهُ فِيهِ سَوَاءٌ أَمَّنَ الْإِمَامُ فِيهِ أَوْ قَدَّمَهُ عَنْهُ أَوْ أَخَّرَهُ أَوْ تَرَكَهُ، وَيُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ لِنَفْسِهِ أَيْضًا، فَإِنْ فَرَغَا مَعًا كَفَاهُ تَأْمِينُ وَاحِدٍ وَيُسِرُّ الْمَأْمُومُ فِي تَأْمِينِ نَفْسِهِ. وَأَمَاكِنُ طَلَبِ الْجَهْرِ

ــ

[حاشية عميرة]

أَيْضًا أَنْ لَا يَقْصِدَ غَيْرَ الْبَدَلِيَّةِ وَلَوْ افْتِتَاحًا أَوْ تَعَوُّذًا، وَبَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ اشْتِرَاطَ قَصْدِ الْبَدَلِيَّةِ فِيهِمَا لِمَكَانِ الْقَرِينَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ غَيْرِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقَفَ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ) مِثْلُهَا التَّشَهُّدُ وَالْقُنُوتُ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالسُّورَةُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. ثُمَّ اُنْظُرْ هَلْ يَجِبُ تَحْرِيكُ لِسَانِهِ كَمَا فِي الْأَخْرَسِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ) أَيْ لَكِنْ بَعْدَ الْفَصْلِ بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ لِيَتَمَيَّزَ الْقُرْآنُ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَفِيفَةُ الْمِيمِ) لَوْ شَدَّدَ مَعَ الْمَدِّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ قَاصِدِينَ إلَيْك

<<  <  ج: ص:  >  >>