للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلسُّورَةِ فِيمَا سَبَقَ، وَيَتَأَدَّى أَصْلُ الِاسْتِحْبَابِ بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لَكِنَّ السُّورَةَ أَحَبُّ، حَتَّى أَنَّ السُّورَةَ الْقَصِيرَةَ أَوْلَى مِنْ بَعْضِ سُورَةٍ طَوِيلَةٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَوْلَى مِنْ قَدْرِهَا مِنْ طَوِيلَةٍ.

(الْخَامِسُ الرُّكُوعُ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ انْحِنَاءٌ (وَأَقَلُّهُ) لِلْقَائِمِ (أَنْ يَنْحَنِيَ قَدْرَ بُلُوغِ رَاحَتَيْهِ رُكْبَتَيْهِ) إذَا أَرَادَ وَضْعَهُمَا عَلَيْهِمَا وَهُوَ مُعْتَدِلُ الْخِلْقَةِ سَالِمُ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ التَّمَاسُّ مِنْ وَضْعِ الرَّاحَتَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ بِالِانْحِنَاءِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الِانْحِنَاءِ لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّاحَةُ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْكَفِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي السُّجُودِ وَتَقَدَّمَ رُكُوعُ الْقَاعِدِ (بِطُمَأْنِينَةٍ بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ رَفْعُهُ عَنْ هَوِيِّهِ) بِأَنْ تَسْتَقِرَّ أَعْضَاؤُهُ قَبْلَ رَفْعِهِ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ " ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

فَائِدَةٌ) قَالَ السُّبْكِيُّ يُسَنُّ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ وَالْمُنَافِقِينَ فِي عِشَاءِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَبَدًا وَسُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ فِي مَغْرِبِهَا كَذَلِكَ لِوُرُودِهِ. قَوْلُهُ: (الم تَنْزِيلُ إلَخْ) وَكَذَا غَيْرُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِكَمَالِهِمَا) عَلَى الْأَكْمَلِ وَلَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِ كُلٍّ وَلَوْ آيَةَ السَّجْدَةِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَقِرَاءَةُ سُورَتَيْنِ قَصِيرَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَهَذَا) الْإِشَارَةُ لِقَوْلِهِ: وَلِلصُّبْحِ إلَخْ. تَفْصِيلٌ لِلسُّورَةِ فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ: وَتُسَنُّ سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. قَوْلُهُ: (بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَلِمَةً وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ، وَتَقَدَّمَ كَمَالُهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ أَطْوَلَ) مَرْجُوحٌ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَوْنُ السُّورَةِ أَحَبَّ هُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِمَّا قَرَأَهُ فِي الْأُولَى، وَإِلَّا اقْتَصَرَ مِنْهَا عَلَى مَا دُونَ الْأُولَى، وَتُسَنُّ الْقِرَاءَةُ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصْحَفِ وَمُوَالَاتِهِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَى سُورَةَ النَّاسِ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْبَقَرَةِ أَقَلَّ مِنْهَا.

نَعَمْ لَوْ قَرَأَ {هَلْ أَتَى} فِي الْأُولَى مِنْ صُبْحِ الْجُمُعَةِ قَرَأَ سُورَةَ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فِي الْأُولَى، وَإِنْ قَرَأَ غَيْرَهُمَا جَمَعَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْهُمَا فِيهِمَا قَرَأَ بَدَلَهُمَا {سَبِّحْ} وَ {هَلْ أَتَاك} وَإِلَّا قَرَأَ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ أَفْضَلِيَّةِ السُّورَةِ مَا وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ بِبَعْضِهَا كَآيَتَيْ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَكَالتَّرَاوِيحِ الْمَطْلُوبِ فِيهَا الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فِي الشَّهْرِ.

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: فَإِنْ لَمْ يُرِدْ فِيهَا الْقِيَامَ بِجَمِيعِ الْقُرْآنِ فَالسُّورَةُ أَفْضَلُ.

(تَنْبِيهٌ) يُسَنُّ الْجَهْرُ لِغَيْرِ مَأْمُومٍ فِي صُبْحٍ وَأُولَتَيْ الْمَغْرِبَيْنِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَخُسُوفِ الْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَكَذَا التَّرَاوِيحُ وَوَتْرُ رَمَضَانَ، وَإِنْ وَصَلَهُ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ لَيْلًا أَوْ وَقْتَ صُبْحٍ وَالْمَقْضِيَّةُ لَيْلًا أَوْ وَقْتَ صُبْحٍ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِوَقْتِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيُسِرُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَوْ رَاتِبَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ، وَيُسَنُّ لِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى الْإِسْرَارُ مُطْلَقًا حَيْثُ يَسْمَعُ أَجْنَبِيٌّ، وَإِلَّا فَالتَّوَسُّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ كَنَوَافِلِ اللَّيْلِ الْمُطْلَقَةِ وَلَوْ لِلرَّجُلِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ تَشْوِيشٌ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ وَإِلَّا كُرِهَ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَالْإِسْرَارُ بِقَدْرِ إسْمَاعِ نَفْسِهِ، وَالْجَهْرُ مَا فَوْقَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ مَنْ بِقُرْبِهِ، وَعَلَى هَذَا نَتَصَوَّرُ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَيُرَادُ بِهَا عَلَيْهِ الْإِسْرَارُ فِي بَعْضٍ وَالْجَهْرُ فِي بَعْضٍ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (الرُّكُوعُ) وَهُوَ لُغَةً الِانْحِنَاءُ مُطْلَقًا، وَشَرْعًا انْحِنَاءٌ مَخْصُوصٌ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ شَارَكَهُمْ فِيهِ سُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ وَسُجُودُ إخْوَةِ يُوسُفَ وَأَبَوَيْهِ لَهُ فَإِنَّهُ كَانَ بِصُورَةِ الرُّكُوعِ، وَبِمَا يُصَرِّحُ بِهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ كَانَتْ لِخَمْسَةٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَكُلُّ مَا ثَبَتَ لِنَبِيٍّ فَهُوَ لِأُمَّتِهِ إلَّا مَا ثَبَتَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا قِيلَ إنَّ صَلَاةَ جِبْرِيلَ الظُّهْرَ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ كَانَتْ بِغَيْرِ رُكُوعٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْحَنِيَ) وَلَوْ بِمُعِينٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ قَدَرَ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ أَوْ مَعَ مَيْلٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الِاسْتِقْبَالِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِرَقَبَتِهِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَصْدِهِ، وَيُغْنِي عَنْ قَصْدِهِ الْإِتْيَانُ بِذِكْرِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي الِانْحِنَاءِ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا يَقِينًا وَإِلَّا فَلَا يَكْفِيهِ وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَعَمَّدَ، فَقَوْلُهُ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ انْحِنَاءٌ مُسْتَدْرَكٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَنْحَنِيَ سَاقِطًا مِنْ النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَعَتْ لِلشَّارِحِ فَرَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ بِهَامِشِ نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ بِغَيْرِ خَطِّهِ.

قَوْلُهُ: (إذَا أَرَادَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ التَّعْبِيرِ قَبْلَهُ بِقَدْرِ بُلُوغِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ إلَخْ) هُوَ تَفْسِيرٌ لِلطُّمَأْنِينَةِ لِأَنَّهَا سُكُونٌ بَيْنَ حَرَكَتَيْنِ وَلَا يَكْفِي عَنْهَا زِيَادَةُ خَفْضِ الرَّأْسِ أَوْ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (عَنْ هَوِيِّهِ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا، وَقِيلَ بِالضَّمِّ الصُّعُودُ وَبِالْفَتْحِ السُّقُوطُ مِنْ هَوَى يَهْوِي كَرَمَى يَرْمِي، وَأَمَّا هَوِيَ يَهْوَى كَبَقِيَ يَبْقَى، فَهُوَ بِمَعْنَى أَحَبَّ.

ــ

[حاشية عميرة]

فِيهِ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ: وَيُسَنُّ لِلصُّبْحِ وَالظُّهْرِ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَيَتَأَدَّى أَصْلُ الِاسْتِحْبَابِ بِقِرَاءَةِ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَلِمَةً وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ الْفَائِدَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَاحَتَيْهِ) جَمْعُ الرَّاحَةِ رَاحٌ بِغَيْرِ تَاءٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِحَيْثُ يَنْفَصِلُ رَفْعُهُ عَنْ هَوِيِّهِ) هَذَا وَكَذَا تَفْسِيرُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآتِي يُفِيدُك أَنَّ زِيَادَةَ الْهَوِيِّ عَلَى أَقَلِّ الرُّكُوعِ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْرَارٍ لَا يُغْنِي عَنْ الطُّمَأْنِينَةِ شَيْئًا وَهُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ الْهَوِيُّ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ السُّقُوطُ وَبِالضَّمِّ الصُّعُودُ، وَالْفِعْلُ هَوَى يَهْوِي كَضَرَبَ يَضْرِبُ بِخِلَافِ هَوِيَ يَهْوَى كَعَلِمَ يَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>