للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ) أَيْ بِالْهَوِيِّ غَيْرَ الرُّكُوعِ (فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ فَجَعَلَهُ) عِنْدَ بُلُوغِ حَدِّ الرُّكُوعِ (رُكُوعًا لَمْ يَكْفِ) عَنْهُ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْقِيَامِ ثُمَّ يَرْكَعَ (وَأَكْمَلُهُ تَسْوِيَةُ ظَهْرِهِ وَعُنُقِهِ) كَالصَّفِيحَةِ لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَنَصْبُ سَاقَيْهِ) لِأَنَّهُ أَعْوَنُ (وَأَخْذُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ وَتَفْرِقَةُ أَصَابِعِهِ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي الْأَوَّلِ الْبُخَارِيُّ، وَفِي الثَّانِي ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ (لِلْقِبْلَةِ) أَيْ لِجِهَتِهَا لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ.

(وَيُكَبِّرُ فِي ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ كَإِحْرَامِهِ) أَيْ يَرْفَعُهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. (وَيَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ فِي التَّكْبِيرِ وَالرَّفْعِ الشَّيْخَانِ وَفِي التَّسْبِيحِ مُسْلِمٌ، وَفِي تَثْلِيثِهِ أَبُو دَاوُد.

(وَلَا يَزِيدُ الْإِمَامُ) عَلَى التَّسْبِيحَاتِ الثَّلَاثِ تَخْفِيفًا عَلَى الْمَأْمُومِينَ (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ: «اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت، خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي وَمَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ قَدَمِي» ) لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لِلِاتِّبَاعِ،

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (وَلَا يُقْصَدُ بِهِ غَيْرُهُ) أَيْ يَجِبُ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِالْهُوِيِّ غَيْرُهُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ غَيْرِهِ مَعَهُ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، وَلَا قَصْدُ غَيْرِهِ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ، فَلَوْ شَكَّ بَعْدَ رُكُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَعَادَ بِقَصْدِ قِيَامِهَا لِقِرَاءَتِهَا فَتَذَكَّرَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا أَنَّهُ قَرَأَهَا كَفَاهُ هَذَا الْقِيَامُ عَنْ الِاعْتِدَالِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَلَوْ هَوَى لِتِلَاوَةٍ) أَيْ بِقَصْدِهَا فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) أَيْ لَمْ يَكْفِهِ هَوِيُّهُ لِتِلَاوَةٍ عَنْ هَوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ. نَعَمْ إنْ كَانَ تَابِعًا لِإِمَامٍ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ لِتِلَاوَةٍ ثُمَّ هَوَى فَهَوَى مَعَهُ بِقَصْدِ التِّلَاوَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ يَسْجُدُ لَهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّ إمَامَهُ هَوَى لِلرُّكُوعِ كَفَاهُ هُوِيُّهُ مَعَهُ لِلرُّكُوعِ لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ عَلَيْهِ، فَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ سُجُودِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَوْدُ فَرُكُوعٌ فَقَطْ، فَإِنْ عَادَ لِلْقِيَامِ عَامِدًا عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ هَوَى لِلسُّجُودِ سَاهِيًا عَنْ الرُّكُوعِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ لَمْ يَكْفِهِ هَوِيُّهُ عَنْهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِصَابُ لِيَرْكَعَ مِنْهُ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ لِإِلْغَاءِ فِعْلِ السَّاهِي كَذَا قِيلَ، وَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَمَا مَرَّ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَنَصْبُ سَاقَيْهِ) لَوْ قَالَ نَصْبُ رُكْبَتَيْهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَصْبُ السَّاقَيْنِ دُونَ عَكْسِهِ. قَوْلُهُ: (لِجِهَتِهَا) دَخَلَ فِيهِ يَمِينُ الْعَيْنِ وَيَسَارُهَا، وَخَرَجَ عَنْهُ يَمِينُ الْجِهَةِ وَيَسَارُهَا، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ.

قَوْلُهُ: (وَيُكَبِّرُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى تَسْوِيَةٍ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ مُقَارَنَةُ ابْتِدَاءِ الرَّفْعِ ابْتِدَاءَ التَّكْبِيرِ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ فَيَمُدُّ التَّكْبِيرَ هُنَا بَعْدَ حَطِّ يَدَيْهِ إلَى الرُّكُوعِ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْأَرْكَانِ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثًا) هَذَا لِكُلِّ مُصَلٍّ وَأَكْمَلُ مِنْهُ لِلْمُنْفَرِدِ وَنَحْوُهُ خَمْسٌ فَسَبْعٌ فَتِسْعٌ فَإِحْدَى عَشْرَةَ، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِدُونِ الثَّلَاثِ وَلَوْ بِغَيْرِ هَذِهِ الصِّيغَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ إلَخْ) وَالتَّسْبِيحُ السَّابِقُ أَفْضَلُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَانْضِمَامُ التَّسْبِيحِ الثَّلَاثِ إلَيْهَا أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ التَّسْبِيحِ. قَوْلُهُ: (خَشَعَ إلَخْ) هُوَ دَعَاهُ أَوْ الْمُرَادُ عَلَى صُورَةِ الْخَاشِعِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ بَعْدَ عَصَبِي شَعْرِي وَبَشَرِي. قَوْلُهُ: (قَدَمِي) هُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ وَإِلَّا لَقَالَ قَدَمَايَ وَالْمُرَادُ جَمِيعُ بَدَنِهِ. وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَلْبُوسُ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ كَفُّهُ لِكَوْنِهِ يَسْجُدُ عَلَيْهِ.

ــ

[حاشية عميرة]

بِمَعْنَى أَحَبَّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ) أَيْ: وَأَمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالرُّكُوعِ الرُّكُوعَ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَرْكَانِ اكْتِفَاءً بِانْسِحَابِ النِّيَّةِ الْأُولَى. قَوْلُهُ: (بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِلِاتِّبَاعِ) هُوَ مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَكَعَ يَشْخَصُ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَمَعْنَى يَشْخَصُ يَرْفَعُ، وَيُصَوِّبُ يَخْفِضُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ) أَيْ وَقِيَاسًا عَلَى السُّجُودِ فَإِنَّ ذَلِكَ وَارِدٌ فِيهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُكَبِّرُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ: اعْلَمْ أَنَّ أَكْمَلَ الرُّكُوعِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا فِي الْهَيْئَةِ، وَقَدْ فَرَغَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ، وَالثَّانِي فِي الذِّكْرِ، وَقَدْ شَرَعَ الْآنَ فِيهِ اهـ. قُلْت: وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ قِرَاءَةُ يُكَبِّرُ بِنَصْبِ الرَّاءِ عَطْفًا عَلَى تَسْوِيَةٍ فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَكْمَلَهُ، وَقَدْ يُسَوِّي، وَأَنْ يُكَبِّرَ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَيْفِيَّةُ الرَّفْعِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِهِ قَائِمًا وَهُوَ قَائِمٌ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى، نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَتَعْبِيرُ الْمِنْهَاجِ بِخَالَفَهُ.

قَوْلُهُ: (مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَعُودُ هُنَا الْخِلَافُ هُنَاكَ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ إلَخْ) الْعُمْدَةُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ هَذِهِ الْأَذْكَارِ وَنَحْوِهَا مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» عَدَمُ ذِكْرِهَا لِلْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَرَكَهَا لِلْعِلْمِ بِهِ كَمَا اعْتَذَرَ بِهِ أَئِمَّتُنَا عَنْ تَرْكِ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بِوُجُوبِهَا.

قَوْلُهُ: (لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>