للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ مُسْلِمٌ إلَى " عَصَبِي " وَابْنُ حِبَّانَ إلَخْ جَعَلَ لِطُولِهِ زِيَادَةً لِلْمُنْفَرِدِ وَأُلْحِقَ بِهِ إمَامُ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ.

(السَّادِسُ الِاعْتِدَالُ قَائِمًا) لِحَدِيثِ «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْمُصَلِّي قَاعِدًا يَعُودُ بَعْدَ الرُّكُوعِ إلَى الْقُعُودِ (مُطْمَئِنًّا) لِمَا فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ «فَإِذَا رَفَعْت رَأْسَك أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ فَأَقِمْ صُلْبَك حَتَّى تَرْجِعَ الْعِظَامُ إلَى مَفَاصِلِهَا» . (وَلَا يَقْصِدُ بِهِ غَيْرَهُ، فَلَوْ رَفَعَ فَزَعًا) أَيْ خَوْفًا (مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَكْفِ) رَفْعُهُ لِذَلِكَ عَنْ رَفْعِ الصَّلَاةِ.

(وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ «رَفْعِ رَأْسِهِ قَائِلًا: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَإِذَا انْتَصَبَ قَالَ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، وَيَزِيدُ الْمُنْفَرِدُ: أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت، وَلَا مُعْطِي لِمَا مَنَعْت، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ» ) لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ إلَى لَك الْحَمْدُ وَمُسْلِمٌ إلَى آخِرِهِ، جَعَلَ عَجْزَهُ لِطُولِهِ زِيَادَةً لِلْمُنْفَرِدِ، وَأَلْحَقَ بِهِ إمَامَ قَوْمٍ مَحْصُورِينَ رَضُوا بِالتَّطْوِيلِ، وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيُسِرُّ بِمَا بَعْدَهُ الْمَأْمُومُ وَالْمُنْفَرِدُ بِالْجَمِيعِ.

وَالْمُبَلِّغُ كَالْإِمَامِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَمَعْنَى

ــ

[حاشية قليوبي]

فَرْعٌ) تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ إنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهَا وَإِلَّا فَلَا لِلصَّارِفِ كَمَا فِي الْجَنَابَةِ. قَوْلُهُ: (لِلَّهِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ كَافِ لَك وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَ إبْدَالِ الظَّاهِرِ مِنْ الْمُضْمَرِ أَحَدُ أُمُورِ الْإِحَاطَةِ أَوْ الشُّمُولِ أَوْ كَوْنُهُ بَعْضًا أَوْ كَالْبَعْضِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (الِاعْتِدَالُ) وَلَوْ فِي نَفْلٍ وَفِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالْعَجْزِ عَنْهُ مَا مَرَّ، وَهُوَ لُغَةً الِاسْتِقَامَةُ وَالْمُسَاوَاةُ وَنَحْوُهُمَا قَوْلُهُ: (قَائِمًا) لَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ عَبَّرَ بِمَا يَأْتِي لَكَانَ أَوْلَى، وَنَصْبُهُ قِيلَ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ الِاعْتِدَالِ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَصْدَرَ لَا يَتَحَمَّلُ ضَمِيرًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُصَلِّي قَاعِدًا) لَوْ قَالَ: وَغَيْرُ الْقَائِمِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالِاعْتِدَالُ بِعَوْدٍ لِبَدْءٍ كَمَا قَالَ فِي الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ، فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْقُعُودُ لِيَرْكَعَ مِنْهُ فَيَعُودُ إلَى بَدْئِهِ وَهُوَ الْقُعُودُ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَقْتَضِي عَوْدَ الْمُضْطَجِعِ إلَى الِاضْطِجَاعِ وَالْمُسْتَلْقِي إلَى الِاسْتِلْقَاءِ لَمْ يُصِبْ وَهُوَ إمَّا سَاهٍ أَوْ مُتَلَاهٍ أَوْ رُكْنُ فَهْمِهِ عَنْ الصَّوَابِ وَاهٍ. نَعَمْ مَنْ قَدَرَ فِي الْفَرْضِ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَ رُكُوعِهِ قَاعِدَ الْعَجُزِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إلَى الْقِيَامِ عَكْسُهُ وَبِعَكْسِهِ، وَلَا يُرَدُّ لِلْعُذْرِ. قَوْلُهُ: (مُطْمَئِنًّا) مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَأَصْلُهُ بِطُمَأْنِينَةٍ وَعَدْلٍ عَنْهُ لِمُنَاسَبَةِ قَائِمًا، وَقِيلَ فِي إعْرَابِهِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَيْ خَوْفًا) أَشَارَ إلَى أَنَّ فَزَعًا بِفَتْحِ الزَّايِ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ لِيَكُونَ فِيهِ مَحْضُ الْقَصْدِ لِغَيْرِ الِاعْتِدَالِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ كَوْنِهِ حَالًا بِكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ فَازِعًا بِمَعْنَى خَائِفًا، لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي قَصْدَ الِاعْتِدَالِ مَعَهُ وَهُوَ لَا يَضُرُّ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي وَجَدَ فِيهِ الْخَوْفَ وَيُنْدَبُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ حَيْثُ أَتَى بِمَا يُبْطِلُ عَمْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَيْ وَلَوْ مَأْمُومًا أَوْ امْرَأَةً رَفْعُ يَدَيْهِ أَيْ كَفَّيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ تَكْبِيرِهِ ثُمَّ يُرْسِلُهُمَا وَيَمُدُّ التَّكْبِيرَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (قَائِلًا) إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَخَصَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ التَّسْمِيعَ بِالْإِمَامِ وَالتَّحْمِيدَ بِالْمَأْمُومِ. قَوْلُهُ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) وَمِثْلُهُ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ سَمِعَهُ أَوْ سَمِعَ لَهُ. قَوْلُهُ: (رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) .

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهِيَ أَوْ لِوُرُودِهَا، وَيَجُوزُ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهِيَ أَوْلَى لِزِيَادَتِهَا، وَيَجُوزُ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، أَوْ وَلَك أَوْ لَك الْحَمْدُ رَبَّنَا، أَوْ الْحَمْدُ لِرَبِّنَا، أَوْ لِرَبِّنَا الْحَمْدُ، وَيُنْدَبُ أَنْ يَزِيدَ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ لِمَا وَرَدَ أَنَّهُ يَتَسَابَقُ إلَيْهَا ثَلَاثُونَ مَلَكًا يَكْتُبُونَ ثَوَابَهَا لِقَائِلِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحِكْمَةُ الثَّلَاثِينَ كَوْنُهَا عَدَدَ حُرُوفِهَا. قَوْلُهُ: (مِلْءَ السَّمَوَاتِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِإِمَامِ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ، وَكَلَامُهُ هُنَا يُخَالِفُهُ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُبَلِّغُ كَالْإِمَامِ) أَيْ فِي نَدْبِ الْجَهْرِ وَعَدَمِهِ، وَفِي نَدْبِ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَوْلُهُ: (بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ

ــ

[حاشية عميرة]

الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْكَافِ فِي لَك. قَوْلُهُ: (إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ الَّتِي زَادَهَا الشَّارِحُ.

(فَرْعٌ) يُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَزَعًا) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا اسْمُ فَاعِلٍ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) لَوْ قَالَ: مَنْ حَمِدَ اللَّهَ سَمِعَهُ كَفَى ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ الرَّوْضَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) رُوِيَ أَيْضًا فِي الصَّحِيحِ بِالْوَاوِ وَهِيَ عَاطِفَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ أَطَعْنَاك؛ وَلَك الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بَعْدُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمِلْءَ دُونَ شِئْت لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِهِ عَلَى مَعْنَى مَا شِئْت مِلْأَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَيُسِرُّ بِمَا بَعْدَهُ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>