مَا جَاءَ بِهِ، وَإِنْ تَعَمَّدَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ الْمَعْنَى أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ وَالتَّحِيَّةُ مَا يُحَيَّا بِهِ مِنْ سَلَامٍ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ الصَّلَاةُ أَيْ الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ وَالْقَصْدُ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ بِأَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ التَّحِيَّاتِ مِنْ الْخَلْقِ وَالْمُبَارَكَاتُ النَّامِيَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ الصَّالِحَاتُ. (وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ - اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الصَّلَاةَ الْوَاجِبَةَ وَالْمَنْدُوبَةَ فِي التَّشَهُّدَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَأَكْمَلُ مِنْ قَوْلِهِ وَآلِهِ أَنْ يُقَالَ: وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ. (وَالزِّيَادَةُ إلَى حَمِيدٍ مَجِيدٍ) الْوَارِدَةُ فِيهِ وَهِيَ: كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ. (سُنَّةٌ فِي) التَّشَهُّدِ (الْآخِرِ) بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَلَا تُسَنُّ فِيهِ، كَمَا لَا تُسَنُّ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ وَفِيمَا قَالَهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ أَكْمَلُ الصَّلَاةِ.
وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَيَانِ الْأَكْمَلِ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَفِي بَعْضِهَا أَيْضًا بَعْدَ آلِ
ــ
[حاشية قليوبي]
نَعَمْ لَا يَضُرُّ زِيَادَةُ مِيمٍ فِي عَلَيْك، وَلَا يَاءِ نِدَاءٍ قَبْلَ أَيُّهَا، وَلَا وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ بَعْدَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لِوُرُودِهَا فِي رِوَايَةٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَلَا زِيَادَةُ عَبْدِهِ مَعَ رَسُولِهِ، وَلَا زِيَادَةُ سَيِّدِنَا قَبْلَ مُحَمَّدٍ هُنَا وَفِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ الْآتِيَةِ، بَلْ هُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ فِيهِ مَعَ سُلُوكِ الْأَدَبِ امْتِثَالَ الْأَمْرِ، وَأَمَّا حَدِيثُ: «لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ» فَبَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْحُفَّاظِ.
(تَنْبِيهٌ) : اللَّحْنُ فِي إعْرَابِ التَّشَهُّدِ كَالتَّرْتِيبِ. قَوْلُهُ: (مَالِكٌ لِجَمِيعِ التَّحِيَّاتِ) فَلِذَلِكَ جُمِعَتْ، لِأَنَّهُ كَانَ لِكُلِّ مَلِكٍ تَحِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ بِهِ: كَأَنْعِمْ صَبَاحًا أَوْ مَسَاءً، وَأَبَيْت اللَّعْنَ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَيَجْرِي فِيهَا مَا مَرَّ فِي التَّشَهُّدِ مِنْ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَاللَّحْنِ، وَيَجُوزُ فِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَالصَّلَاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِمَا إذَا قَصَدَ الْإِنْشَاءَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَلَعَلَّهُ لَا يَشْتَرِطُهُ، وَيَجُوزُ إبْدَالُ الصَّلَاةِ بِالرَّحْمَةِ وَفِي زِيَادَةِ سَيِّدِنَا مَا تَقَدَّمَ، وَيَجُوزُ إبْدَالُ لَفْظِ مُحَمَّدٍ بِالنَّبِيِّ وَالرَّسُولِ لَا بِغَيْرِهِمَا، كَأَحْمَدَ وَالْعَاقِبِ وَالْحَاشِرِ، وَعَلَيْهِ فَارَقَ الْخُطْبَةَ بِعَدَمِ الْوُرُودِ هُنَا. قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلُ إلَخْ) أَيْ إنَّ لَفْظَ مُحَمَّدٍ أَكْثَرُ حُرُوفًا مِنْ الضَّمِيرِ الَّذِي حُذِفَ فَهُوَ مِنْ الْأَكْمَلِ. قَوْلُهُ: (الْوَارِدَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (إبْرَاهِيمَ) خُصَّ بِالذِّكْرِ لِاخْتِصَاصِهِ بِجَمْعِ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ لَهُ، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [هود: ٧٣] وَالتَّشْبِيهُ فِي كَمَا صَلَّيْت عَائِدٌ لِآلِ مُحَمَّدٍ لَا لَهُ أَيْضًا، لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إبْرَاهِيمَ وَآلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِنْ حَيْثُ طَلَبُ الدُّعَاءِ أَوْ الْكَيْفِيَّةُ، وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ التَّشْبِيهَ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بِأَصْلِ الصَّلَاةِ، أَوْ الْمَجْمُوعِ بِالْمَجْمُوعِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ وَقِيلَ: لِإِفَادَةِ الْمُضَاعَفَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ إبْرَاهِيمَ. قَوْلُهُ: (سُنَّةٌ) وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ فِي وَقْتٍ يَسَعُ جَمِيعَهَا. قَوْلُهُ: (فِي التَّشَهُّدِ الْآخِرِ) أَيْ لِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَلَوْ مَسْبُوقًا تَبَعًا لِإِمَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) فَلَا تُسَنُّ فِيهِ بَلْ تُكْرَهُ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ، وَلَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْهُ قَبْلَ إمَامِهِ وَهُمَا فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ، فَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا شَاءَ وَلَوْ بِالْمَأْثُورِ، وَلَا يَأْتِي بِهَا وَلَا بِمَا بَعْدَهَا مِنْ تَمَامِ التَّشَهُّدِ، وَلَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّحْمَةِ فَيُكْرَهُ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَمَا قِيلَ مِنْ وُرُودِهِ وَهْمٌ.
(فَرْعٌ) لَوْ عَجَزَ عَنْ التَّشَهُّدِ جَالِسًا لِكَوْنِهِ مَكْتُوبًا عَلَى رَأْسِ جِدَارٍ مَثَلًا: قَامَ لَهُ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ فِي عَكْسِهِ، ثُمَّ يَجْلِسُ لِلسَّلَامِ.
ــ
[حاشية عميرة]
إلَخْ) أَمَّا التَّرْتِيبُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ فَهُوَ رُكْنٌ كَمَا سَلَفَ.
قَوْلُهُ: (وَأَكْمَلُ مِنْ قَوْلِهِ وَآلِهِ إلَخْ) إنَّمَا نَبَّهَ عَلَى هَذَا هُنَا لِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ الْآتِي وَالزِّيَادَةُ إلَخْ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ لَا يُقَالُ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ فَوَاتَ الضَّمِيرِ مِنْ آلِهِ مَانِعٌ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَيْهِ. نَعَمْ هُوَ زِيَادَةٌ عَلَى بَعْضِ الْأَقَلِّ الْمَذْكُورِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَنَفَعَنَا بِهِ مَا أَدْرَاهُ بِأَسَالِيبِ الْكَلَامِ. قَوْلُهُ: (الْوَارِدَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ يُرِيدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ أَلْ فِي الزِّيَادَةِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَهُوَ الْوَارِدُ فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (سُنَّةٌ فِي الْآخِرِ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: دَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهِ وَعَدَمِ اسْتِحْبَابِهَا فِي الْأَوَّلِ الْإِجْمَاعُ. قَوْلُهُ: (فَلَا تُسَنُّ فِيهِ) لَوْ أَدْرَكَ الْمَسْبُوقُ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ كَامِلًا تَبَعًا لِلْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (وَفِيمَا قَالَهُ إشَارَةٌ) يُرِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالزِّيَادَةُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَأَقَلُّ الصَّلَاةِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ مَا فِي الْحَدِيثِ هُوَ أَكْمَلُ الصَّلَاةِ، يَعْنِي بِمَعُونَةِ أَنَّ أَلْ فِي لَفْظِ الزِّيَادَةِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ، وَهُوَ الْوَارِدُ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إلَخْ) .
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِك وَرَسُولِك النَّبِيِّ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى