للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إبْرَاهِيمَ الثَّانِي فِي الْعَالَمِينَ وَآلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا.

(وَكَذَا الدُّعَاءُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْآخِرِ بِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ سُنَّةٌ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِدِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ لِحَدِيثِ «إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَى آخِرِهَا، ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ أَوْ مَا أَحَبَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ: «ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَيَدْعُو بِهِ» أَمَّا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهُ الدُّعَاءُ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَمَأْثُورُهُ) عَنْ النَّبِيِّ (أَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِ الْمَأْثُورِ وَمِنْهُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت إلَخْ أَيْ وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت وَمَا أَسْرَفْت وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إلَه إلَّا أَنْتَ» لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ: (وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَزِيدَ) الدُّعَاءُ (عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُمَا، فَإِنْ زَادَ لَمْ يَضُرَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا فَيُكْرَهُ لَهُ التَّطْوِيلُ. اهـ.

(وَمَنْ عَجَزَ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ نَاطِقٌ وَالْكَلَامُ فِي الْوَاجِبَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي. (تَرْجَمَ) عَنْهُمَا وَتَقَدَّمَ فِي تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ أَنَّهُ يُتَرْجِمُ عَنْهُ بِأَيِّ لُغَةٍ شَاءَ، وَأَنَّهُ يَجِبُ التَّعَلُّمُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسَّفَرِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا، أَمَّا الْقَادِرُ عَلَيْهِمَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْجَمَتُهُمَا (وَيُتَرْجِمُ بِالدُّعَاءِ) الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَسْنُونٌ (وَالذِّكْرِ الْمَنْدُوبِ) كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ فِيهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

تَنْبِيهٌ) كَانَ تَشَهُّدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَشَهُّدِنَا بِلَفْظِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَوْلُ الْمَنْهَجِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ: إنَّهُ كَانَ يَقُولُ: وَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ مَرْدُودٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى تَرَدُّدِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي أَذَانٍ فَعَلَهُ مَرَّةً فِي سَفَرٍ. قَوْلُهُ: (وَآلُ إبْرَاهِيمَ إسْمَاعِيلُ وَإِسْحَاقُ وَأَوْلَادُهُمَا) وَكُلُّ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَهُمَا مِنْ أَوْلَادِ إِسْحَاقَ، وَلَيْسَ مِنْ أَوْلَادِ إسْمَاعِيلَ نَبِيٌّ غَيْرُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِي ذَلِكَ حِكْمَةُ امْتِيَازِهِ وَانْفِرَادِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَائِرِ أَنْوَاعِ الْكَمَالَاتِ وَالْفَضَائِلِ، وَفِيمَا ذُكِرَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَوْلَادِهِمَا مَا يَعُمُّ الْأَنْبِيَاءَ وَغَيْرَهُمْ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا الدُّعَاءُ) أَيْ بِغَيْرِ مُحَرَّمٍ. وَلَا تَعْلِيقٍ، وَإِلَّا فَتَبْطُلُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فَلْيَقُلْ إلَخْ) وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ الْإِجْمَاعُ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُسَنُّ بَعْدَهُ الدُّعَاءُ) وَلَوْ لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامِ مَحْصُورِينَ، بَلْ يُكْرَهُ فِيهِ لِمَا مَرَّ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت) الْمَعْنَى مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِي كُلِّهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ وَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ، أَوْ الْمَعْنَى مَا سَلَفَ مِنْهَا وَمَا سَيَقَعُ، وَمَعْنَى غُفْرَانِهِ عَلَى هَذَا عَدَمُ مُؤَاخَذَتِهِ بِهِ إذَا وَقَعَ. وَمِنْ الْمَأْثُورِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِك وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَالْمَسِيحُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمَأْثَمُ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ أَوْ الْمُثَلَّثَةِ الْإِثْمُ، وَالْمَغْرَمُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ مَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهُ بِلَا حَقٍّ، وَرُبَّمَا يُوجَدُ فِيهِ خُلْفُ وَعْدٍ أَوْ خُلْفُ كَذِبٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. وَفِتْنَةُ الْمَحْيَا بِالدُّنْيَا وَالشَّهَوَاتِ وَنَحْوِهِمَا كَتَرْكِ الْعِبَادَاتِ، وَفِتْنَةُ الْمَمَاتِ بِنَحْوِ مَا عِنْدَ الِاحْتِضَارِ أَوْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْمُرَادُ أَقَلُّ مِمَّا أَتَى بِهِ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ الْأَقَلُّ أَوْ الْأَكْمَلُ. قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا) أَيْ لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ فَيُكْرَهُ لَهُ وَلَا يُكْرَهُ، وَلَا يُنْدَبُ لِإِمَامِهِمْ فَلَهُ أَنْ يُطِيلَ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَقَعْ فِي سَهْوٍ كَالْمُنْفَرِدِ.

(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي الْأُمِّ: فَإِنْ لَمْ يَزِدْ أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا عَلَى ذَلِكَ أَيْ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ كَرِهْته.

قَوْلُهُ: (وَالْكَلَامُ فِي الْوَاجِبَيْنِ)

ــ

[حاشية عميرة]

آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ اهـ.

(فَائِدَةٌ) إنَّمَا خَصَّ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ اللَّهِ هِيَ الرَّحْمَةُ، وَلَمْ تُجْمَعْ الرَّحْمَةُ وَالْبَرَكَةُ لِنَبِيٍّ غَيْرِهِ. قَالَ تَعَالَى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: ٧٣] فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إعْطَاءَ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَةُ مِمَّا سَبَقَ إعْطَاؤُهُ لِإِبْرَاهِيمَ، وَيَدُلُّ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ اتِّفَاقُ آخِرِهَا مَعَ آخِرِ التَّشَهُّدِ فِي قَوْلِهِ حَمِيدٌ مَجِيدٌ وَالْحَمِيدُ الْمَحْمُودُ. وَالْمَجِيدُ بِمَعْنَى الْمَاجِدِ، وَهُوَ الْكَامِلُ فِي الشَّرَفِ وَالْكَرَمِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ دُنْيَوِيٍّ) لَنَا وَجْهٌ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ صِفَتُهَا كَذَا وَنَحْوُهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ. قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ إلَخْ) الصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ الْإِجْمَاعُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَا أَخَّرْت) قِيلَ مَعْنَى هَذَا طَلَبُ غُفْرَانِ مَا سَيَقَعُ عَلَى تَقْدِيرِ الْوُقُوعِ، وَقِيلَ: أَرَادَ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ الذُّنُوبِ الَّتِي صَدَرَتْ مِنْهُ، وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي بَعْضِ شَرْحِ الرِّسَالَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْأَوَّلُ بَحْثٌ لَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى قَدْرِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ) .

قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>