للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبْوَابَهَا أَوَّلًا. وَقِيلَ، لَا يَصِحُّ فِي الْإِغْلَاقِ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ نَافِذَةً لَا يُعَدُّ الْجَامِعُ لَهُمَا مَسْجِدًا وَاحِدًا.

(وَلَوْ كَانَا بِفَضَاءٍ) أَيْ مَكَان وَاسِعٍ (شَرَطَ أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ. (تَقْرِيبًا وَقِيلَ تَحْدِيدًا) وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ عُرْفِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ يَعُدُّونَهُمَا فِي ذَلِكَ مُجْتَمَعِينَ، وَعَلَى التَّقْرِيبِ لَا تَضُرُّ زِيَادَةُ أَذْرُعٍ يَسِيرَةٍ كَثَلَاثَةٍ وَنَحْوِهَا، وَتَضُرُّ عَلَى التَّحْدِيدِ.

قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (فَإِنْ تَلَاحَقَ شَخْصَانِ أَوْ صَفَّانِ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ أَيْضًا. وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ خَلْفَ الْإِمَامِ صَفَّانِ أَوْ شَخْصَانِ أَحَدُهُمَا وَرَاءَ الْآخَرِ. (اُعْتُبِرَتْ الْمَسَافَةُ) الْمَذْكُورَةُ. (بَيْنَ الْأَخِيرِ وَالْأَوَّلِ) مِنْ الشَّخْصَيْنِ أَوْ الصَّفَّيْنِ لَا بَيْنَ الْأَخِيرِ وَالْإِمَامِ حَتَّى لَوْ كَثُرَتْ الصُّفُوفُ وَبَلَغَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْأَخِيرِ فَرْسَخًا جَازَ.

(وَسَوَاءٌ) فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (الْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ وَالْوَقْفُ وَالْمُبَعَّضُ) أَيْ الَّذِي بَعْضُهُ مِلْكٌ وَبَعْضُهُ وَقْفٌ وَالْمَوَاتُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُحَوَّطُ وَالْمُسَقَّفُ، كَمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَأَصْلِ الرَّوْضَةِ فَهُمَا مِنْ الشَّرْحِ.

(وَلَا يَضُرُّ) بَيْنَ الشَّخْصَيْنِ أَوْ

ــ

[حاشية قليوبي]

عَدْلَ رِوَايَةٍ أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ كَافِرًا وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُ أَوْ صَبِيًّا مَأْمُونًا، وَبَعْضُ الصَّفِّ كَالْمُبَلِّغِ قَوْلُهُ: (أَعْمَى وَأَصَمَّ) وَفِي نُسْخَةٍ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ، وَهِيَ أَوْلَى لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِدْرَاكُ الظُّلْمَةِ.

(فَرْعٌ) زَوَالُ الْمُبَلِّغِ فِي الْأَثْنَاءِ كَالِابْتِدَاءِ فَتَجِبُ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ إنْ لَمْ يُرْجَ وُجُودُهُ قَبْلَ مُبْطِلٍ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا جَمَعَهُمَا) أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَجْمَعَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ مَكَانَ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِهِ بِالْقُرْبِ وَغَيْرِهِ.

وَقَالَ عَطَاءٌ: يَكْفِي الْعِلْمُ بِالِانْتِقَالَاتِ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ كَثِيرَةٌ. قِيلَ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْخَالِصُ وَمِنْهُ رَحْبَتُهُ وَهِيَ مَا حُوِّطَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْبِنَاءِ لِأَجْلِهِ وَإِنْ هُجِرَتْ أَوْ اُنْتُهِكَتْ. وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزُهَا عَنْ الْمَسْجِدِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. فَإِنْ عَلِمَ حُدُوثَهَا بَعْدَهُ فَهِيَ كَحَرِيمِهِ وَهِيَ مَا حُوِّطَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ إلْقَاءِ نَحْوِ قُمَامَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ، وَالْمَسَاجِدُ الْمُتَلَاصِقَةُ الْمُتَنَافِذَةُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ.

وَانْفَرَدَ كُلٌّ بِإِمَامٍ وَلَا يَضُرُّ نَحْوُ نَهْرٍ فِيهَا إلَّا إنْ كَانَ سَابِقًا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (نَافِذَةٌ) بِحَيْثُ يُمْكِنُ الِاسْتِطْرَاقُ مِنْهَا عَادَةً بِلَا نَحْوِ وَثْبَةٍ فَاحِشَةٍ. قَوْلُهُ: (أَغْلَقَ أَبْوَابَهَا) وَلَوْ بِقُفْلٍ أَوْ ضَبَّةٍ لَيْسَ لَهَا مِفْتَاحٌ مَا لَمْ تُسَمَّرْ، فَإِنْ سُمِّرَتْ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ ضَرَّ كَزَوَالِ مُرَقِّي دِكَّةٍ أَوْ سَطْحٍ لَيْسَ لَهُمَا غَيْرُهُ كَجِدَارٍ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا. وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَابْنِ حَجَرٍ بِمَا إذَا كَانَ بِأَمْرِهِمَا وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ.

قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَيُجْرَى مِثْلُهُ فِي التَّسْمِيرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لَا يُعَدُّ إلَخْ) فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ وَإِنْ وُجِدَتْ رُؤْيَةٌ مِنْ نَحْوَ شُبَّاكٍ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ.

قَوْلُهُ: (بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ) وَهُوَ شِبْرَانِ تَقْرِيبًا وَيَزِيدُ عَلَى الذِّرَاعِ الْمِصْرِيِّ بِنَحْوِ ثَمَنِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عُرْفِ النَّاسِ) لِأَنَّ مَا لَا ضَابِطَ لَهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا فَمَرْجِعُهُ الْعُرْفُ وَحِكْمَتُهُ وُصُولُ صَوْتِ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ فِي ذَلِكَ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) مِمَّا هُوَ دُونَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، فَتَضُرُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِهِ إلَخْ) فَالتَّلَاحُقُ لَيْسَ مُعْتَبَرًا. قَوْلُهُ: (وَرَاءَ الْآخَرِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَسَيَأْتِي الْيَمِينُ وَالْيَسَارُ. وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ شَامِلَةٌ لَهُمَا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ فَلَوْ أَبْقَاهَا الشَّارِحُ عَلَى عُمُومِهَا لَكَانَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ كَثُرَتْ إلَخْ) لَكِنْ لَا يَصِحُّ إحْرَامُ وَاحِدٍ مَنْ صُفَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ قَبْلَهُ أَكْثَرُ مِنْ، الْمَسَافَةِ إلَّا بَعْدَ إحْرَامِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّفِّ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَوْ زَالَ بَعْضُ الصُّفُوفِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ خَلْفَهُ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَضُرَّ، وَلَا يَتَوَقَّفُ أَفْعَالُ صَفٍّ عَلَى أَفْعَالِ مَنْ قَبْلَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ رَوَابِطَ لِبَعْضِهَا. قَوْلُهُ: (فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ) الَّذِي هُوَ اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (وَبَعْضُهُ وَقْفٌ) أَيْ بَعْضُهُ الشَّائِعُ مَوْقُوفُ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بَعْضُهُ الْمُعَيَّنُ مَوْقُوفُ غَيْرِ مَسْجِدٍ. قَوْلُهُ: (وَالْمَوَاتُ)

ــ

[حاشية عميرة]

مُتَخَلِّفًا بِغَيْرِ عُذْرٍ. وَنَبَّهَ أَيْضًا عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْمُبَلِّغَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ. وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ خَبَرُ الصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ كَدَلَالَةِ الْأَعْمَى عَلَى الْقِبْلَةِ. فَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُقْبَلُ خَبَرُ الصَّبِيِّ فِيمَا طَرِيقُهُ الْمُشَاهَدَةُ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَسْأَلَتُنَا فَرْدٌ مِنْهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (نَافِذَةً) مِنْهُ قَدْ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاقِفَ فِي نَفْسِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ إذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ شُبَّاكٌ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ لَكِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ، وَأَفْتَى هُوَ. وَكَذَا الْإِسْنَوِيُّ بِالصِّحَّةِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّ مَدَارَ مَا عَلَّلَ بِهِ الشَّيْخَانِ عَدَمَ الصِّحَّةِ عِنْدَ عَدَمِ النُّفُوذِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَدُّ الْبِنَاءَانِ حِينَئِذٍ مَسْجِدًا وَذَلِكَ مُتَخَلِّفٌ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. أَقُولُ: وَهُوَ سَنَدٌ قَوِيٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَقْرِيبًا) قَالَ الْإِمَامُ كَيْفَ يَطْمَعُ الْفَقِيهُ هُنَا فِي التَّحْدِيدِ وَنَحْنُ فِي إثْبَاتِ التَّقْرِيبِ عَلَى عُلَالَةٍ انْتَهَى. وَعِلَّةُ الْفَقِيهِ مِنْ عَدَمِ وُرُودِ ضَابِطٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَضُرُّ الشَّارِعُ إلَخْ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْفَضَاءِ وَكَمَا لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>