للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَامَتَا وَسْطَهُنَّ، وَلَوْ أَمَّهُنَّ خُنْثَى تَقَدَّمَ عَلَيْهِنَّ. ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَكُلُّ مَا ذَكَرَ مُسْتَحَبٌّ وَمُخَالَفَتُهُ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ.

(وَيُكْرَهُ وُقُوفُ الْمَأْمُومِ فَرْدًا بَلْ يَدْخُلُ الصَّفَّ أَوْ وَجَدَ سَعَةً) فِيهِ (وَإِلَّا فَلْيَجُرَّ شَخْصًا) مِنْهُ (بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) بِمُوَافَقَتِهِ فَيَقِفُ مَعَهُ صَفًّا. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ صَلَّى خَلْفَ الصَّفِّ: أَيُّهَا الْمُصَلِّي هَلَّا دَخَلْت فِي الصَّفِّ أَوْ جَرَرْت رَجُلًا مِنْ الصَّفِّ فَيُصَلِّيَ مَعَك، أَعِدْ صَلَاتَك» . وَضَعَّفَهُ وَالْأَمْرُ بِالْإِعَادَةِ لِلِاسْتِحْبَابِ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: «أَنَّهُ انْتَهَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ رَاكِعٌ فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِسَنَدِ الْبُخَارِيِّ: «فَرَكَعَ دُونَ الصَّفِّ ثُمَّ مَشَى إلَى الصَّفِّ» وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ مَعَ أَنَّهُ أَتَى بِبَعْضِ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا خَلْفَ الصَّفِّ.

وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: لَهُ أَنْ يَخْرِقَ الصَّفَّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُرْجَةٌ، وَكَانَتْ فِي صَفٍّ قُدَّامَهُ لِتَقْصِيرِهِمْ بِتَرْكِهَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُقَارَنَةِ.

(وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ (بِانْتِقَالَاتِ الْإِمَامِ) لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ. (بِأَنْ يَرَاهُ أَوْ بَعْضَ صَفٍّ أَوْ يَسْمَعَهُ أَوْ مُبَلِّغًا) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَقَدْ يَعْلَمُ بِهِدَايَةِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ أَعْمَى أَوْ أَصَمَّ فِي ظُلْمَةٍ.

(وَإِذَا جَمَعَهُمَا مَسْجِدٌ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَحَالَتْ أَبْنِيَةٌ) نَافِذَةٌ أَغْلَقَ

ــ

[حاشية قليوبي]

النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَمْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَكُلُّ مَا ذَكَرَ) بِقَوْلِهِ وَيَقِفُ الذَّكَرُ إلَى هُنَا. قَوْلُهُ: (وَمُخَالَفَتُهُ لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ) لَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ تَفُوتُ بِهَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ وَلَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِهَا، وَلَوْ أَحْرَمَا مَعًا عَنْ يَمِينِهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ إمَامُهُمَا وَلَمْ يَتَأَخَّرَا خَلْفَهُ.

قَوْلُهُ: (فَرْدًا) بِأَنْ يَكُونَ فِي كُلٍّ مِنْ جَانِبَيْهِ فُرْجَةٌ تَسَعُ وَاقِفًا فَأَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الصُّفُوفِ وَالْفَائِتِ فِي تَقْطِيعِ الصُّفُوفِ فَضِيلَةُ الصَّفِّ لَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَأَتْبَاعِهِ. قَوْلُهُ: (سَعَةً) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا يَشْمَلُ الْفُرْجَةَ وَأَصْلُهَا مَا دُونَ الْفُرْجَةِ، وَأَقَلُّ الْفُرْجَةِ مَا يَسَعُ وَاقِفًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلْيَجُرَّ) نَدْبًا وَلَوْ قَبْلَ إحْرَامِهِ وَسَيَأْتِي وَقْتُهُ الْفَاضِلُ. قَوْلُهُ: (شَخْصًا) أَيْ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا مَعَ سَلَامَةِ عَاقِبَتِهِ وَيَدْخُلُ الرَّقِيقُ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ جَهِلَ رِقَّهُ. قَوْلُهُ: (مِنْهُ) أَيْ الصَّفِّ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَإِلَّا وَقَفَ مَعَهُمَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا خَرَقَهُمَا وَصَفَّ مَعَ الْإِمَامِ، وَلِلثَّلَاثَةِ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِعُذْرِهِمْ وَلَوْ صَفَّ شَخْصٌ أَوْ أَكْثَرُ أَمَامَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِلَا عُذْرٍ كُرِهَ لَهُمْ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ وَلَيْسَ لَهُمْ فَضِيلَةُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَلَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْوَجِيهِ لِمُخَالَفَتِهِمْ الْمَطْلُوبَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةِ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَاهُ، نَعَمْ إنْ قَصُرَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ كَبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، فَالْمُتَقَدِّمُ حِينَئِذٍ هُوَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) فَيُكْرَهُ قَبْلَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَجْرُورُ مُكْرَهًا وَإِلَّا حَرُمَ الْجَرُّ. قَوْلُهُ: (وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) نَدْبًا وَإِنْ جَهِلَ الْحُكْمَ كَأَنْ أَسَرَهُ إلَيْهِ قَبْلَ جَرِّهِ بَلْ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ وَلَوْ بِلَا جَرٍّ وَيَحْصُلُ لَهُ بِالْإِعَانَةِ أَجْرٌ كَأَجْرِ صَفِّهِ أَوْ أَكْثَرَ. وَقِيلَ: تَبْقَى لَهُ فَضِيلَةُ صَفِّهِ. قَوْلُهُ: (لِلِاسْتِحْبَابِ) وَلَوْ مُنْفَرِدًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا تُنْدَبُ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا إلَّا لِمَنْ جَرَى خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا لِخُصُوصِ الْأَمْرِ بِالْإِعَادَةِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَخْرِقَ الصَّفَّ) وَإِنْ تَعَدَّدَ وَخَرَجَ بِالْخِرَقِ التَّخَطِّي فَهُوَ كَالْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (فُرْجَةٌ) فَلَا يَخْرِقُ لِلسَّعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِمْ) خَرَجَ مَا لَوْ تَرَكُوهَا لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ مَطَرٍ، أَوْ طَرَأَتْ بَعْدَ إحْرَامِهِمْ. قَوْلُهُ: (فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْفَائِتُ جَمِيعَ الدَّرَجَاتِ فِيمَا فَاتَتْ فِيهِ لَا فِي غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (عِلْمُهُ) أَيْ قَبْلَ سَبَقِهِ بِمُبْطِلٍ كَرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ.

وَقَالَ الطَّبَلَاوِيُّ: لَا بُطْلَانَ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ وَيَجْرِي عَلَى نَظْمِ صَلَاةِ نَفْسِهِ إلَى أَنْ يُوَافِقَ الْإِمَامُ. قَوْلُهُ: (يَسْمَعَهُ) أَيْ الْإِمَامَ وَلَوْ فَاسِقًا أَوْ صَبِيًّا. قَوْلُهُ: (مُبَلِّغًا) وَلَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ إنْ كَانَ

ــ

[حاشية عميرة]

وَالرَّجُلِ فَفِي الرَّجُلَيْنِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَطَهُنَّ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَلَسْت وَسْطَ الْقَوْمِ بِالتَّسْكِينِ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ وَجَلَسْت وَسَطَ الدَّارِ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهُ اسْمٌ قَالَ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ صَلُحَ فِيهِ بَيْنَ فَهُوَ بِالْإِسْكَانِ وَإِلَّا فَهُوَ بِالْفَتْحِ، وَرُبَّمَا يُسَكَّنُ وَلَيْسَ بِالْوَجْهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (رَوَى الْبَيْهَقِيُّ إلَخْ) فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ الَّذِي سَاقَهُ الشَّارِحُ. وَرُوِيَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ قَالَ: «مِنْ السُّنَّةِ إذَا أَمَّتْ الْمَرْأَةُ النِّسَاءَ أَنْ تَقِفَ وَسَطَهُنَّ» .

قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَذَلِكَ يَنْصَرِفُ إلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلْيُسَاعِدْهُ الْمَجْرُورُ) يَنْبَغِي أَنْ تَحْصُلَ لِهَذَا الْمُسَاعِدِ فَضِيلَةُ الَّذِي كَانَ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ تَأَخُّرُهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَعْلَمُ بِهِدَايَةِ غَيْرِهِ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ عَبَّرَ بِالْكَافِ بَدَلَ الْبَاءِ كَانَ أَوْلَى. وَنَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالِانْتِقَالِ فِي حَالَ الِانْتِقَالِ، بِدَلِيلِ الِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الصَّفِّ، قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَالْمُتَّجَهُ حُصُولُ الْعِلْمِ قَبْلَ تَأَخُّرِهِ عَنْ شَيْءٍ يَكُونُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>