للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسَعَةِ الْمَكَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. (وَهُوَ) أَيْ تَأَخُّرُهُمَا. (أَفْضَلُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِرَأْسِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فَقُمْت عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِيَدِي حَتَّى أَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا جَمِيعًا حَتَّى أَقَامَنَا خَلْفَهُ» ، تَرْجَمَ الْبَيْهَقِيُّ عَلَيْهِ بَابَ الرَّجُلِ يَأْتَمُّ بِالرَّجُلِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ بَابَ الصَّبِيِّ يَأْتَمُّ بِرَجُلٍ وَلَوْ جَاءَ الثَّانِي فِي التَّشَهُّدِ أَوْ السُّجُودِ فَلَا تَقَدُّمَ وَلَا تَأَخُّرَ حَتَّى يَقُومُوا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا التَّقَدُّمُ أَوْ التَّأَخُّرُ لِضِيقِ الْمَكَانِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ حَافَظُوا عَلَى الْمُمْكِنِ.

(وَلَوْ حَضَرَ) مَعَ الْإِمَامِ فِي الِابْتِدَاءِ (رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ صَفَّا) أَيْ قَامَا صَفًّا (خَلْفَهُ وَكَذَا امْرَأَةٌ أَوْ نِسْوَةٌ) تَقُومُ أَوْ يَقُمْنَ خَلْفَهُ وَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ، وَإِنْ حَضَرَ مَعَهُ امْرَأَةٌ وَرَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ قَامَ الرَّجُلَانِ أَوْ الرَّجُلُ وَالصَّبِيُّ خَلْفَهُ صَفًّا، وَقَامَتْ الْمَرْأَةُ خَلْفَهُمَا بِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ «أَنَسٍ: قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ فَقُمْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» وَلَوْ حَضَرَ مَعَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَخُنْثَى وَقَفَ الرَّجُلُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْخُنْثَى خَلْفَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ، وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الْخُنْثَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ.

(وَيَقِفُ خَلْفَهُ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ النِّسَاءُ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. ثَلَاثًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْله: " يَلِيَنِّي " بِتَشْدِيدِ النُّونِ بَعْدَ الْيَاءِ وَبِحَذْفِهَا وَتَخْفِيفِ النُّونِ رِوَايَتَانِ. وَالنُّهَى جَمْعُ نُهْيَةٍ بِضَمِّ النُّونِ وَهُوَ الْعَقْلُ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلِيهِ فِي الصَّلَاةِ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ النِّسَاءُ» ، لَكِنَّهُ ضَعَّفَهُ، وَفِي التَّحْقِيقِ كَالتَّنْبِيهِ ثُمَّ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ.

(وَتَقِفُ إمَامَتُهُنَّ وَسْطَهُنَّ) بِسُكُونِ السِّينِ. رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَمَّتَا نِسَاءً

ــ

[حاشية قليوبي]

ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ. وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَا، وَلَا بُعْدَ فِيهِ لِطَلَبِهِ هُنَا مِنْهُمَا ابْتِدَاءً فَلَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْقِيَامِ) وَمِنْهُ الِاعْتِدَالُ. قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ بِرَأْسِي إلَخْ) وَهَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْهُ يُؤْخَذُ طَلَبُ الْإِرْشَادِ وَلَوْ بِالْفِعْلِ لِمَنْ خَالَفَ مَطْلُوبًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ السُّجُودِ) وَمِثْلُهُ الرُّكُوعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا إلْحَاقُهُ بِالْقِيَامِ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ لِسُهُولَتِهِ. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَقُومُوا) أَيْ إنْ قَامُوا فَلَا تَقَدُّمَ لِمَنْ يُصَلِّي جَالِسًا.

قَوْلُهُ: (رَجُلَانِ) وَالْأَوْلَى كَوْنُ الْحُرِّ أَوْ الْبَالِغِ مِنْهُمَا لِجِهَةِ الْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (امْرَأَةٌ) وَلَوْ مَحْرَمًا لَهُ أَوْ حَلِيلَتَهُ، وَكَذَا مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أُمِّ سُلَيْمٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ هِيَ أُمُّ أَنَسٍ وَاسْمُهَا مُلَيْكَةُ. قَوْلُهُ: (وَيَتِيمٌ) وَاسْمُهُ ضُمَيْرَةُ وَقِيلَ سُلَيْمُ ابْنُ أُمِّ سُلَيْمٍ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ) هَذِهِ عِلَّةُ عَدَمِ مُسَاوَاتِهِ لِلرَّجُلِ، وَمَا بَعْدَهَا عِلَّةُ عَدَمِ مُسَاوَاتِهِ لِلْمَرْأَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ خُنْثَى مُنْفَرِدًا مَعَ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَقِفُ فِيمَا بَيْنَ يَمِينِهِ وَخَلْفِهِ لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ الصِّبْيَانُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَفِّ الرِّجَالِ مَا يَسَعُهُمْ وَإِلَّا كَمَّلَ بِهِمْ، وَاسْتَوْجَهَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَ الْأَحْرَارِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ. وَلَا بُعْدَ فِيهِ وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا إنْ لَمْ يُكْرَهْ ثُمَّ مَا يَلِيه، وَهَكَذَا وَكَذَا النِّسَاءُ الْخُلَّصُ وَأَفْضَلُ صُفُوفِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ الْخُلَّصِ أَوْ الْخَنَاثَى آخِرُهَا، ثُمَّ مَا قَبْلَهُ وَهَكَذَا اهـ.

وَمِثْلُهُنَّ الْخَنَاثَى وَإِذَا اجْتَمَعَ الْخَنَاثَى مَعَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَالْقِيَاسُ تَفْضِيلُ أَوْسَطِ صُفُوفِهِمْ ثُمَّ مَا يَلِيه مِمَّا قَبْلَهُ وَمِمَّا بَعْدَهُ وَهَكَذَا، وَمَتَى أَمْكَنَ جَعْلُ الْخَنَاثَى صَفًّا وَاحِدًا فَلَا يَنْبَغِي تَعَدُّدُهُمْ وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ وَإِنْ فَاتَ نَحْوُ سَمَاعِ قِرَاءَةٍ كَمَا مَرَّ.

(تَنْبِيهٌ) يُؤَخَّرُ جِنْسُ النِّسَاءِ وَلَوْ بَعْدَ إحْرَامِهِنَّ لِغَيْرِهِنَّ وَتُؤَخَّرُ الْخَنَاثَى لِجِنْسِ الذُّكُورِ وَلَا تُؤَخَّرُ الصِّبْيَانُ لِلرِّجَالِ، وَتُؤَخَّرُ الْعُرَاةُ لِلْمَسْتُورِينَ مِنْ جِنْسِهِمْ. قَوْلُهُ: (ثَلَاثًا) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَالَ مَا ذَكَرَ ثَلَاثًا بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى فَفِيهِ دَلِيلٌ لِحُكْمِ الْخَنَاثَى وَإِلَّا فَلَا وَتَقْدِيمُهُمْ عَلَى النِّسَاءِ لِلِاحْتِيَاطِ. قَوْلُهُ: (أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى) أَمَّا الْأَحْلَامُ فَهِيَ جَمْعُ حُلْمٍ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا يَعْنِي الِاحْتِلَامَ: أَيْ وَقْتَهُ وَهُوَ الْبُلُوغُ. وَقِيلَ جَمْعُ حِلْمٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ بِمَعْنَى التَّأَنِّي. وَيَلْزَمُهُ الْعَقْلُ. وَأَمَّا النُّهَى بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْهَاءِ فَهِيَ جَمْعُ نُهْيَةٍ كَغُرْفَةٍ وَهُوَ الْعَقْلُ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنَى الْبُلُوغِ.

قَوْلُهُ: (بِتَشْدِيدِ النُّونِ) وَهِيَ إمَّا نُونُ التَّوْكِيدِ الثَّقِيلَةُ مَعَ حَذْفِ نُونِ الْوِقَايَةِ أَوْ الْخَفِيفَةُ مَعَ بَقَاءِ نُونِ الْوِقَايَةِ وَإِدْغَامِهَا فِيهَا. الْفِعْلُ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ عَلَى فَتْحِ آخِرِهِ وَهُوَ الْيَاءُ وَمَحَلُّهُ جُزِمَ فَاللَّامُ الْأَمْرِ، وَمَعَ التَّخْفِيفِ فَالنُّونُ لِلْوِقَايَةِ وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ.

قَوْلُهُ: (إمَامَتُهُنَّ) وَكَذَا إمَامُ عُرَاةٍ بُصَرَاءَ فِي ضَوْءٍ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (بِسُكُونِ السِّينِ) عَلَى الْأَفْصَحِ. وَكَذَا كُلُّ مَا صَلُحَ فِيهِ مَعْنًى بَيِّنٌ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ الْفَتْحُ كَوَسَطِ الدَّارِ. قَوْلُهُ: (فَقَامَتَا وَسَطَهُنَّ) وَكَانَ ذَلِكَ بِعِلْمِ

ــ

[حاشية عميرة]

وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الرَّجُلِ) لَوْ كَانَتْ مَحْرَمًا لِلرَّجُلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يُصَفَّانِ خَلْفَهُ. قَوْلُهُ: (وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ) أَيْ فَثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>