(فَإِنْ حَالَ مَا يَمْنَعُ الْمُرُورَ لَا الرُّؤْيَةَ) كَالشُّبَّاكِ. (فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ أَخْذًا مِنْ تَصْحِيحِهِ الْآتِي فِي الْمَسْجِدِ الْمَوَاتِ. (أَوْ) حَالَ. (جِدَارٌ بَطَلَتْ) أَيْ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ. (بِاتِّفَاقِ الطَّرِيقَيْنِ) وَالْوَجْهَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَيْضًا. وَيَلْحَقُ بِالْجِدَارِ الْبَابُ الْمُغْلَقُ وَبِالشُّبَّاكِ الْبَابُ الْمَرْدُودُ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي. وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِ الْجِدَارِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى فَرْضُ الْبَابِ وَالشُّبَّاكِ بِحَمْلِهِمَا عَلَيْهَا. (قُلْت: الطَّرِيقُ الثَّانِي أَصَحُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِذَا صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ فِي بِنَاءٍ آخَرَ) عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي (صَحَّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ) وَيَكُونُ ذَاكَ كَالْإِمَامِ لِمَنْ خَلْفَهُ لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُمْ عَلَيْهِ.
قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: وَلَا تُقَدَّمُ تَكْبِيرُهُمْ أَيْ لِلْإِحْرَامِ عَلَى تَكْبِيرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ.
(وَلَوْ وَقَفَ فِي عُلُوٍّ وَإِمَامُهُ فِي سُفْلٍ أَوْ عَكْسِهِ) كَصَحْنِ الدَّارِ وَصُفَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ أَوْ سَطْحٍ بِهَا. (شُرِطَ مُحَاذَاةُ بَعْضِ بَدَنِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ. (بَعْضَ بَدَنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ كَأَنْ يُحَاذِيَ رَأْسُ السَّافِلِ قَدَمَ الْعَالِي فَيَحْصُلَ الِاتِّصَالُ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ،
ــ
[حاشية قليوبي]
آخِرِ الْمَسْجِدِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّفِّ وَرَاءَهُ وَلَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ وَرَاءَ الْحَائِلِ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ.
قَوْلُهُ: (فَوَجْهَانِ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْوَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَفِي بَابِ النَّفَقَاتِ وَفِي مَوْضِعٍ ثَالِثٍ فِي بَابِ الدَّعَاوَى بِنَاءً عَلَى مَرْجُوحٍ. وَقِيلَ: رَابِعٌ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، قِيلَ: وَخَامِسٌ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَأُجِيبَ عَنْ هَذَيْنِ بِأَنَّ التَّرْجِيحَ فِيهِمَا مَعْلُومٌ مِنْ تَعْرِيفِهِمَا. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ) أَيْ وَلَا الصَّلَاةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ، وَتَأْوِيلُ الشَّارِحِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ سَبْقِ الِانْعِقَادِ بِذِكْرِ الْبُطْلَانِ، وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ أَوْ لَمْ يَقِفْ صَوَابُهُ وَلَمْ يَقِفْ بِالْوَاوِ وَكَذَا قِيلَ. فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَيَلْحَقُ بِالْجِدَارِ) أَيْ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ أَيْضًا الْبَابُ الْمَرْدُودُ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَيُؤْخَذُ إلَخْ إلَى أَنَّ الْبَابَ الْمَرْدُودَ وَالشُّبَّاكَ قَدْ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي الْحَائِلِ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، فَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا فِي الْحَائِلِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ أَيْضًا وَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْحَائِلِ أَوْ وُقُوفِ وَاحِدٍ بِحِذَاءِ الْبَابِ النَّافِذِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مَنْ خَلْفَهُ) وَكَذَا مَنْ بِأَحَدِ جَانِبَيْهِ وَتُعْتَبَرُ الْمَسَافَةُ الَّتِي هِيَ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ لَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِمَامِ، وَلَوْ أُغْلِقَ الْبَابُ أَوْ رُدَّ أَوْ سُمِّرَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ مِنْ غَيْرِهِ عَوْدُ فَتْحِهِ أَوْ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَالَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلَى الْإِمَامِ إلَّا بِاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْإِمَامِ) فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِمَّنْ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ خَلْفَهُ بِهِ بِخِلَافِ أُنْثَى لِذُكُورٍ أَوْ أُمِّيٍّ لِقَارِئٍ وَلَوْ تَعَدَّدَ الرَّابِطَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ وَاحِدٍ لِلْمُتَابَعَةِ، وَظَاهِرُهُ تَعْيِينُ كَوْنِهِ وَاحِدًا لِلْجَمِيعِ، وَفِيهِ بَحْثٌ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ طَائِفَةٍ رَابِطَةٌ بِحَسْبِ مُرَادِهِمْ، وَلَوْ نَوَى تَرْكَ مُتَابَعَةِ رَابِطَتِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِقَصْدِهِ الْمُبْطِلَ لَا لِقَطْعِ نِيَّةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَرَادَ نَقْلَ الْمُتَابَعَةِ مِنْ رَابِطَةٍ لِرَابِطَةٍ أُخْرَى فِي التَّعَدُّدِ امْتَنَعَ لِمَا ذَكَرَ فَإِنْ نَقَلَ بَطَلَتْ إلَّا إنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْأُولَى. كَذَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ فَرَاجِعْهُ. وَعَلَى وُجُوبِ تَقَدُّمِ إحْرَامِ الرَّابِطَةِ لَا يَجُوزُ رَبْطُهُ بِمَنْ تَأَخَّرَ إحْرَامُهُ عَنْهُ، نَعَمْ إنْ بَطَلَ الرَّابِطَةُ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ اتَّجَهَ جَوَازُ الرَّابِطَةِ بِالْمُتَأَخِّرِ لِلضَّرُورَةِ هُنَا فَتَأَمَّلْ وَحَرِّرْ. قَوْلُهُ: (لَا يَجُوزُ تَقَدُّمُهُمْ عَلَيْهِ) أَيْ لَا فِي الْمَكَانِ وَلَا فِي الْأَفْعَالِ وَإِنْ كَانَ بَطِيءَ الْحَرَكَةِ أَوْ تَخَلَّفَ لِعُذْرٍ، وَإِنْ فَاتَتْهُمْ الرَّكْعَةُ تَبَعًا لَهُ، وَلَهُ سَبْقُهُمْ وَلَوْ سَبَقَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ تَخَلَّفَ هُوَ عَنْ الْإِمَامِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِمْ نِيَّةُ مُفَارَقَتِهِ، وَيُتَابِعُونَ الْإِمَامَ إنْ عَلِمُوا بِانْتِقَالَاتِهِ وَلَوْ بِالسَّمَاعِ. كَذَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ: كَمَا لَوْ زَالَتْ الرَّابِطَةُ فِي الْأَثْنَاءِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَقَدُّمُ تَكْبِيرِهِمْ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ وَكَذَا سَلَامُهُمْ.
قَوْلُهُ: (فِي عُلُوٍّ) أَيْ بِنَحْوِ أَبْنِيَةٍ لَا بِنَحْوِ ارْتِفَاعِ الْمَكَانِ كَجَبَلٍ أَحَدُهُمَا فِي أَسْفَلِهِ وَالْآخَرُ أَعْلَى مِنْهُ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا إلَّا قَدْرُ الْمَسَافَةِ فَقَطْ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَكْسِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا
ــ
[حاشية عميرة]
الْإِسْنَوِيُّ: أَيْ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ وَالتَّعْبِيرُ فِيهِ قَلَاقَةٌ وَيَقْتَضِي أَنَّ الْبَابَ النَّافِذَ يُسَمَّى حَائِلًا اهـ.
وَأَمَّا الشَّارِحُ فَإِنَّهُ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ أَلْحَقَ الْأُولَى بِهَا فِي الْبَابِ الْمُغْلَقِ وَالْمَرْدُودِ وَالشُّبَّاكِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ آخِرًا. قَوْلُهُ: (فَرْضُ الْبَابِ) أَيْ الْمَغْلُوقِ وَالْمَرْدُودِ بَلْ وَكَذَا الْمَفْتُوحُ فِيمَا يَظْهَرُ وَبِهِ يَظْهَرُ لَك أَنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَحْسَنُ مِنْ صَنِيعِ الْإِسْنَوِيِّ السَّالِفِ فِي الْحَاشِيَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ عَكْسِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ضَمِيرُهُ يَرْجِعُ إلَى الْوُقُوفِ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمَأْمُومِ) كَأَنَّهُ أَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ الْمُحْدِثُ عَنْهُ، وَخَالَفَ الْإِسْنَوِيُّ فَقَالَ: أَيْ بَعْضُ بَدَنِ أَحَدِهِمَا بَعْضُ بَدَنِ الْآخَرِ. قَوْلُهُ: