وَالِاعْتِبَارُ فِي السَّافِلِ بِمُعْتَدِلِ الْقَامَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ قَصِيرًا أَوْ قَاعِدًا فَلَمْ يُحَاذِ، وَلَوْ قَامَ مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ لَحَاذَى كَفَى ذَلِكَ. ثُمَّ هَذَا الشَّرْطُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى لَيْسَ كَافِيًا وَحْدَهُ بَلْ يُضَمُّ إلَى مَا تَقَدَّمَ حَتَّى لَوْ وَقَفَ الْمَأْمُومُ عَلَى صُفَّةٍ مُرْتَفِعَةٍ وَالْإِمَامُ فِي الصَّحْنِ فَلَا بُدَّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ وُقُوفِ رَجُلٍ عَلَى طَرَفِ الصُّفَّةِ، وَوُقُوفِ آخَرَ فِي الصَّحْنِ مُتَّصِلًا بِهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَوْ أَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ.
(وَلَوْ وَقَفَ فِي مَوَاتٍ وَإِمَامُهُ فِي مَسْجِدٍ) اتَّصَلَ بِهِ الْمَوَاتُ. (فَإِنْ لَمْ يَحُلْ شَيْءٌ) بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. (فَالشَّرْطُ التَّقَارُبُ) أَيْ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا فِي الْفَضَاءِ (مُعْتَبَرًا مِنْ آخِرِ الْمَسْجِدِ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ. (وَقِيلَ: مِنْ آخِرِ صَفٍّ) فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا الْإِمَامُ فَمِنْ مَوْقِفِهِ.
(وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ) لَا بَابَ فِيهِ. (أَوْ) فِيهِ. (بَابٌ مُغْلَقٌ مُنِعَ) الِاقْتِدَاءُ. (وَكَذَا الْبَابُ الْمَرْدُودُ وَالشُّبَّاكُ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى مَنْعِ الْمُشَاهَدَةِ فِي الْأَوَّلِ وَمَنْعِ الِاسْتِطْرَاقِ فِي الثَّانِي، وَالْمُقَابِلُ يَنْظُرُ إلَى الِاسْتِطْرَاقِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُشَاهَدَةِ فِي الثَّانِي لَكِنَّ جَانِبَ الْمَنْعِ أَوْلَى بِالتَّغْلِيبِ. أَمَّا الْبَابُ الْمَفْتُوحُ فَيَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْوَاقِفِ بِحِذَائِهِ وَالصَّفِّ الْمُتَّصِلِ بِهِ وَإِنْ خَرَجُوا عَنْ الْمُحَاذَاةِ بِخِلَافِ الْعَادِلِ عَنْ مُحَاذَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُ لِلْحَائِلِ. وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا كَانَ الْجِدَارُ، لِلْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَالشَّارِعُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَسْجِدِ كَالْمَوَاتِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الصَّفِّ مِنْ الْمَسْجِدِ بِالطَّرِيقِ وَالْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ الْمُتَّصِلُ بِالْمَسْجِدِ كَالشَّارِعِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالتَّحْقِيقِ، وَهُوَ جَامِعٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْبَغَوِيّ قَالَ بِاشْتِرَاطِ
ــ
[حاشية قليوبي]
عَلَى عُلُوٍّ، وَضَمِيرُهُ يَعُودُ عَلَى الْوُقُوفِ الْمَفْهُومِ مِنْ وَقَفَ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ كَانَ إلَخْ) وَأَمَّا عَكْسُ هَذِهِ بِأَنْ وُجِدَتْ الْمُحَاذَاةُ بِالْفِعْلِ لِطُولِهِ وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلًا لَمْ يُحَاذِ فَلَا يَضُرُّ لِوُجُودِ الْمُحَاذَاةِ حَقِيقَةً. وَقِيلَ: يَضُرُّ. قَوْلُهُ: (الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ الرَّاجِحَةُ فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالْمَسَافَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ أَنَّ الِارْتِفَاعَ يُعْتَبَرُ مِنْ الْمَسَافَةِ مُمْتَدًّا وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي قَرْيَةٍ عَلَى قُلَّةِ جَبَلٍ يَسْمَعُونَ نِدَاءَ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ خَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُ كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي ذَلِكَ وَاعْتَبَرُوا زَوَالَهُ وَفَرْضَ الْقَرْيَةِ عَلَى مُحَاذَاةِ مَحَلِّهَا مِنْ الْأَرْضِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ عَدَمُ اعْتِبَارِ قَدْرِ مَسَافَةِ الِارْتِفَاعِ هُنَا فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ) إمَّا لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ، وَإِمَّا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ بِمُحَاذَاةِ الْبَدَنِ الْمَذْكُورَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي مَوَاتٍ وَإِمَامُهُ فِي مَسْجِدٍ) وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا فِي نُسْخَةٍ، وَبِذَلِكَ تُتَمَّمُ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَوَاتِ هُنَا: مَا لَيْسَ مَسْجِدًا خَالِصًا وَفِي نِسْبَةِ الِاتِّصَالِ لِلْمَوَاتِ اعْتِبَارُ تَأْخِيرِهِ عَنْ الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ، وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَا لَوْ وَقَفَا فِي مَسْجِدَيْنِ بَيْنَهُمَا مَوَاتٌ أَوْ شَارِعٌ أَوْ نَهْرٌ لَيْسَتْ أَرْضُهُ مَسْجِدًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ شَيْءٌ) أَيْ مِمَّا يَمْنَعُ الْمُرُورَ أَوْ الرُّؤْيَةَ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَالَ جِدَارٌ) وَأَقَلُّهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنْ يُحَوَّجَ إلَى وَثْبَةٍ فَاحِشَةٍ وَمِثْلُ الْجِدَارِ وَهْدَةٌ بَيْنَهُمَا كَأَنْ كَانَا عَلَى سَطْحَيْنِ بَيْنَهُمَا شَارِعٌ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ إلَّا إنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا دَرَجٌ مَثَلًا مِنْ الْمُنْخَفِضِ، بِحَيْثُ يُمْكِنُ اسْتِطْرَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْبَارٍ لِلْقِبْلَةِ. وَهَذَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: ازْوِرَارٌ وَانْعِطَافٌ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ التَّفْسِيرِ أَوْ الْمُرَادِفِ أَوْ الْأَخَصِّ وَلَا يَضُرُّ نَحْوُ تَيَامُنٍ أَوْ تَيَاسُرٍ. قَوْلُهُ: (وَالشَّارِعُ الْمُتَّصِلُ) وَمِثْلُهُ الْبِنَاءُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَالْفَضَاءُ الْمَمْلُوكُ) وَكَذَا الْمُبَعَّضُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ
ــ
[حاشية عميرة]
وَالِاعْتِبَارُ فِي السَّافِلِ إلَخْ) لَوْ كَانَ مُحَاذِيًا بِالْفِعْلِ لِطُولِهِ وَلَوْ كَانَ مُعْتَدِلًا لَمْ يُحَاذِ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (الْمَبْنِيُّ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى) خَالَفَ الْإِسْنَوِيُّ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَكُونَا فِي مَسْجِدٍ فَإِنْ كَانَا صَحَّ مُطْلَقًا اهـ. فَاقْتَضَى صَنِيعُهُ أَنَّ الْحُكْمَ مَفْرُوضٌ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ مَعًا وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَضَمَّ إلَى مَسْأَلَةِ الْمَسْجِدِ مَا لَوْ كَانَ الْمُرْتَفِعُ أَكَمًا نَظَرًا إلَى أَنَّهُمَا فِي قَرَارٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا عُلُوًّا وَسُفْلًا وَلَكِنَّ الْعِرَاقِيَّ فَهِمَ كَمَا فَهِمَ الشَّارِحُ، ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ التَّحْقِيقِ ظَاهِرَةً فِي جَرَيَانِ ذَلِكَ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ. قَوْلُهُ: (عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ) لَعَلَّ هَذَا الْمَحَلَّ مَأْخَذُ الشَّارِحِ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَوْلَى.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ: مِنْ آخِرِ صَفٍّ) أَيْ نَظَرًا إلَى أَنَّ الِاتِّصَالَ مُرَاعًى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ لَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ خَارِجَهُ، فَالِاعْتِبَارُ مِنْ آخِرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا لَا مِنْ مَوْقِفِ الْمَأْمُومِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَنَعَ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الِانْتِقَالَاتِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ إلَخْ) يَعْنِي وَقِيلَ: يَأْتِي هُنَا طَرِيقُ الْمُرَاوَزَةِ وَقِسْ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْبَغَوِيّ.