للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَهَا بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ لِحَرْبِ هَوَازِنَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. (وَقِيلَ:) قَصَرَ (أَرْبَعَةً) فَقَطْ أَيْ غَيْرَ تَامَّةٍ لِأَنَّ الْقَصْرَ يَمْتَنِعُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَبِفِعْلِهَا أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ النِّيَّةِ. (وَفِي قَوْلٍ) قَصَرَ (أَبَدًا) أَيْ بِحَسْبِ الْحَاجَةِ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ حَاجَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ لَقَصَرَ فِي الزَّائِدِ أَيْضًا. (وَقِيلَ: الْخِلَافُ) الْمَذْكُورُ وَهُوَ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ (فِي خَائِفِ الْقِتَالِ) وَالْمُقَاتِلِ (لَا التَّاجِرِ وَنَحْوِهِ) كَالْمُتَّفِقَةِ فَلَا يَقْصُرَانِ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهَا قَطْعًا وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْحَرْبِ أَثَرًا فِي تَغْيِيرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَلَهُ الْقَصْرُ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ كَمَا وَصَفْنَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْقَصْرَ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِذَا زَادَ لَمْ يَقْصُرْ. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ النَّافِي لِلزَّائِدِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ مَحْكِيٌّ قَوْلًا فِي طَرِيقَةٍ مَنْفِيٌّ فِي أُخْرَى أَسْقَطَهَا مِنْ الرَّوْضَةِ، فَسَاغَ تَعْبِيرُهُ فِيهِ هُنَا بِقِيلَ نَظَرًا لِلطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مُشَوِّشًا لِلْفَهْمِ عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحَّحَةُ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ قِيلَ: وَفِي قَوْلٍ كَانَ حَسَنًا. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَرْبَعَةَ لَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمُ الدُّخُولِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ.

(وَلَوْ

ــ

[حاشية قليوبي]

لِحَرْبِ هَوَازِنَ) وَهِيَ غَزْوَةُ الطَّائِفِ حِينَ حَاصَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ الْمُدَّةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ، وَقَدْ أَقَامَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ تِلْكَ الْمُدَّةَ يَقْصُرُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) وَرُوِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ وَتِسْعَةَ عَشَرَ وَعِشْرِينَ وَحُمِلَ الْأَخِيرُ عَلَى حُسْبَانِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَالْأَوَّلُ عَلَى فَوَاتِ يَوْمٍ قَبْلَ حُضُورِ الرَّاوِي لَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ غَيْرَ تَامَّةٍ) لِأَنَّ التَّامَّةَ دَاخِلَةٌ فِي خِلَافِ الْمُحَارِبِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ إلَخْ) أَشَارَ بِذِكْرِهَا إلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ تَمَامِ الْأَرْبَعَةِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَتَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اصْطِلَاحٌ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْخِلَافِ وَتَعْبِيرُ الشَّارِحِ بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ مُجَارَاةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمِنْهَاجِ بِنَوْعِ الْخِلَافِ.

وَحَكَى مُقَابِلَيْهِ تَارَةً بِقِيلَ وَتَارَةً بِقَوْلٍ وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ مَا عَبَّرَ عَنْهُ الْمِنْهَاجُ بِقِيلَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ. وَمُرَادُهُ بِالطَّرِيقَةِ الْمَحْكِيِّ فِيهَا قَوْلًا مَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْمُحَرِّرُ لِأَنَّ مُقَابِلَهَا الَّتِي هِيَ مَنْفِيٌّ فِيهَا غَيْرُ مَذْكُورَةٍ. وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهَا لِيُبَيِّنَ بِهَا شِدَّةَ ضَعْفِ هَذَا الْقَوْلِ بِنَفْيِهِ فِيهَا الْمُسَوِّغَ لِلتَّعْبِيرِ فِيهِ بِقِيلَ فِي الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: نَظَرًا لِلطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا اعْتَنَى بِذِكْرِ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ احْتَاجَ لِذِكْرِهِ، وَلَكِنْ تَعْبِيرُهُ فِيهِ بِقِيلَ مُشَوِّشٌ لِلْفَهْمِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ وَجْهٌ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحِّحَةُ إلَى سَبَبِ اعْتِنَاءِ الْمُصَنِّفِ بِهَا دُونَ الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى وَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِلتَّشْوِيشِ أَيْضًا. قَوْلُهُ (لَكَانَ حَسَنًا) فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا حُسْنَ فِيهَا أَصْلًا وَاقْتِصَارُهُ عَلَى عَدَمِ حُسْبَانِ يَوْمِ

ــ

[حاشية عميرة]

يَوْمِهِ بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي فَإِنَّ الْبَعْضَ الَّذِي أَقَامَهُ مِنْهَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَصَرَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا) يُحْتَمَلُ اطِّرَادُ هَذَا فِي الرُّخَصِ مِنْ الْفِطْرِ وَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِالْقَصْرِ لِأَنَّهُمْ مَنَعُوهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ لِعَدَمِ وُرُودِهِ مَعَ أَنَّ أَصْلَهُ قَدْ وَرَدَ فَالْمَنْعُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْلَى.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا أَقْوَى. وَقَوْلُهُ: فَالْمَنْعُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ أَيْ يَمْنَعُ مِنْهُ فِي الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ كَمَا امْتَنَعَ الْقَصْرُ بَعْدَهَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ قَصَرَ أَرْبَعَةً) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ: ثُمَّ يَعُودُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي كَيْفِيَّةِ احْتِسَابِهَا قَالَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ مَجِيءُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يَقْصُرُ إلَى أَرْبَعَةٍ مُلَفَّقَةٍ يَعْنِي وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالثَّانِي يَعْنِي وَهُوَ الْأَصَحُّ إلَى أَسْبَقِ غَايَتَيْنِ إمَّا أَرْبَعَةٌ تَامَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ مُلَفَّقَةٌ. قَوْلُهُ: (غَيْرُ تَامَّةٍ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِدُونِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ يَرَى أَنَّ الْمُقِيمَ لِحَاجَةٍ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقَصْرَ يَمْتَنِعُ بِنِيَّةِ إقَامَةِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ التَّامَّةِ.

قَوْلُهُ: (إلَى أَرْبَعَةٍ) الْغَايَةُ خَارِجَةٌ وَقَوْلُهُ كَمَا وَصَفْنَا أَيْ غَيْرَ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. قَوْلُهُ: (مَحْكِيٌّ قَوْلًا فِي طَرِيقَةٍ) أَيْ مَحْكِيٌّ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ عَلَى حَالَةٍ هُوَ فِيهَا مُقَابِلُ الْقَوْلِ الْمُصَحَّحِ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ فَهُوَ مَرْجُوحٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَزَادَهُ ضَعْفًا نَفْيُهُ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى. وَقَوْلُهُ: فَسَاغَ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ نَظَرًا لِلطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ لَهُ كَانَ مُرَادُهُ مِنْهُ أَنَّ نَفْيَهُ فِي الطَّرِيقَةِ الْقَاطِعَةِ لَمَّا مَنَعَ نِسْبَتَهُ لِلْإِمَامِ سَاغَ التَّعْبِيرُ فِيهِ بِقِيلَ، كَأَنَّهُ مِنْ تَخْرِيجِ الْحَاكِيَةِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُشَوِّشًا لِلْفَهْمِ أَيْ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَجْهٌ وَقَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا إلَخْ بَاعِثٌ آخَرُ عَلَى التَّشْوِيشِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّرِيقَةَ الْحَاكِيَةَ لَهُ هِيَ الرَّاجِحَةُ. وَحِكَايَتُهُ بِقِيلَ مَعَ اقْتِضَائِهَا أَنَّهُ وَجْهٌ يُوهِمُ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ هَذَا مُرَادُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنْشَؤُهُ الْكَاشِفُ لَك عَمَّا قَرَّرْنَاهُ فِي بَيَانِ مُرَادِهِ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ أَظْهَرُهُمَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ الْقَصْرُ يَعْنِي فِيمَا بَلَغَ الْأَرْبَعَةَ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ نَفْسَ الْإِقَامَةِ أَبْلَغُ مِنْ نِيَّتِهَا، وَأَصَحُّهُمَا يَقْصُرُ لِقِصَّةِ هَوَازِنَ وَعَلَيْهِ كَمْ يَقْصُرُ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الْمُدَّةُ الْوَارِدَةُ فِي الْقِصَّةِ وَبَيَّنَهَا وَالثَّانِي أَبَدًا، وَذَكَرَ دَلِيلَهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَقْصُرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ جَزْمًا وَبَعْدَهَا قَوْلَانِ. وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا الْمُصَحِّحَةُ أَيْ مَعَ أَنَّ حِكَايَتَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ يَقْتَضِي كَوْنَهُ لَيْسَ مِنْ الطَّرِيقَةِ الرَّاجِحَةِ وَإِنْ كَانَ هُوَ فِيهَا مُقَابِلَ الْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (يَوْمُ الدُّخُولِ) لَمْ يَقُلْ وَيَوْمُ الْخُرُوجِ كَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِكَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّهُ يَتَوَقَّعُ حَاجَةً، وَقَدْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>