مَسْبُوقٌ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي صَلَّاهَا بِهِمْ صَحَّتْ لَهُ الْجُمُعَةُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَ الظُّهْرِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَتَصِحُّ جُمُعَتُهُمْ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ لَهُمْ الِانْفِرَادَ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَضُرُّ اقْتِدَاؤُهُمْ فِيهَا بِمُصَلِّي الظُّهْرِ. وَقَوْلُهُ لِيُفَارِقُوهُ إلَى آخِرِهِ عِلَّةٌ غَائِبَةٌ لِلْإِشَارَةِ أَيْ فَيَكُونُ بَعْدَهَا وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنْهَا كَمَا قِيلَ: أَمَّا غَيْرُ الْجُمُعَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِيهَا غَيْرَ مُقْتَدٍ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ فِي تَرْتِيبِ صَلَاتِهِ كَأَنْ يَسْتَخْلِفُهُ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ الرَّبَاعِيَةِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ أَوْ الْأَخِيرَةِ لِاحْتِيَاجِهِ بَعْدَهُمَا إلَى الْقِيَامِ وَهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى الْقُعُودِ. وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مُقْتَدِيًا بِهِ فِي غَيْرِ الْأُولَى جَازَ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَيُرَاعِي الْخَلِيفَةُ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَفِي اسْتِخْلَافِهِ فِي ثَانِيَةِ الصُّبْحِ يَقْنُتُ فِيهَا وَيَقْعُدُ لِلتَّشَهُّدِ وَيَأْتِي بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ثُمَّ يَقْنُتُ فِي ثَانِيَتِهِ لِنَفْسِهِ وَعِنْدَ قِيَامِهِ إلَيْهَا يُفَارِقُونَهُ بِالنِّيَّةِ، وَيُسَلِّمُونَ أَوْ يَنْتَظِرُونَ سَلَامَهُ بِهِمْ وَهُوَ الْأَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ. وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَسْبُوقُ نَظْمَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَفِي اسْتِخْلَافِهِ قَوْلَانِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَرْجَحُهُمَا دَلِيلًا وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَقْيَسُهُمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ.
وَفِي التَّحْقِيقِ أَظْهَرُهُمَا صِحَّتُهُ، وَيُرَاقِبُ الْمَأْمُومِينَ إذَا أَتَمَّ الرَّكْعَةَ فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ (وَلَا يَلْزَمُهُمْ اسْتِئْنَافُ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ) أَيْ أَنْ يَنْوُوهَا بِالْخَلِيفَةِ (فِي الْأَصَحِّ) فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا لِتَنْزِيلِ الْخَلِيفَةِ مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ فِي دَوَامِ الْجَمَاعَةِ، وَالثَّانِي يَقُولُ بِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ صَارُوا مُنْفَرِدِينَ
(وَمَنْ زُوحِمَ عَنْ السُّجُودِ) عَلَى الْأَرْضِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ (فَأَمْكَنَهُ عَلَى إنْسَانٍ) مَثَلًا كَظَهْرِهِ أَوْ رِجْلِهِ (فَعَلَ) ذَلِكَ لُزُومًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ سُجُودٍ يُجْزِئُهُ، وَقَدْ رَوَى
ــ
[حاشية قليوبي]
مُرَاعَاةً لِلْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ عَلَى أَنَّ جُلُوسَهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ، إمَّا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا فَهُمْ قَدْ وَافَقُوهُ فِي جُلُوسٍ مَطْلُوبٍ لَهُ فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ كَذَا قِيلَ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ) عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ مِنْ أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَتِمُّ لَهُ أَوْ رَكْعَةٍ عَلَى مُقَابِلِهِ.
قَوْلُهُ: (فِي الرَّكْعَةِ إلَخْ) وَكَذَا فِي الَّتِي بَعْدَهَا مِنْ بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ حَيْثُ انْتَظَرَ الْقَوْمُ سَلَامَهُ حَتَّى لَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي ثَانِيَتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقِيَامُ مَعَهُ فِي رَابِعَتِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نِيَّةُ الْمُفَارَقَةِ عَيْنًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ جُلُوسِ الْخَلِيفَةِ وَلَا الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ وَيُسَلِّمُ لِنَفْسِهِ لِتَمَامِ جُمُعَتِهِ.
وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ عَلَيْهِ كَالرَّيْمِيِّ وَغَيْرِهِ زَاعِمِينَ بِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ الْحُكْمِيَّ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا إنْ سَبَقَهُ اقْتِدَاءٌ حَقِيقِيٌّ، وَلَوْ جَاءَ مَسْبُوقٌ فَرَأَى الْإِمَامَ قَدْ سَلَّمَ وَالْقَوْمُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الِاقْتِدَاءُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَتَتِمُّ لَهُ الْجُمُعَةُ.
كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ حَجَرٍ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ، فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ أَوْ غَفْلَةٌ. قَوْلُهُ: (وَقَوْلُهُ لِيُفَارِقُوهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ التَّخْيِيرُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ نَاشِئًا عَنْ الْإِشَارَةِ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهَا خُصُوصًا مَعَ الْبُعْدِ وَعَدَمِ الِاسْتِقْبَالِ فَكَيْفَ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ نَاشِئًا عَنْهَا انْتَهَى. قَوْلُهُ: (فِيهَا) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَهُوَ قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (غَيْرَ مُقْتَدٍ بِهِ) أَيْ وَهُوَ يُصَلِّي أَيْضًا وَهَذَا يُرَاعِي نَظْمَ صَلَاةِ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ. فَلَا حَاجَةَ لِمَا تَرَدَّدَ فِيهِ بَعْضُهُمْ هُنَا وَمُوَافَقَةُ النَّظْمِ وَالْفَوْرِيَّةُ هُنَا شَرْطٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِمْ لِنِيَّةِ اقْتِدَاءٍ فَيَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ وَبُعْدِ طُولِ الْفَصْلِ لَكِنْ، يَحْتَاجُونَ فِي جَوَازِ الْمُتَابَعَةِ إلَى نِيَّةِ اقْتِدَاءٍ كَمَا مَرَّ.
وَلَا عِبْرَةَ بِمُخَالَفَةِ نَظْمِ الْمَأْمُومِينَ حَيْثُ تَوَافَقَ نَظْمُ الْإِمَامِ وَالْخَلِيفَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ اسْتَخْلَفَ) أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ الْمُقَسَّمُ وَالظَّرْفُ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ الْأُولَى مُتَعَلِّقٌ بِاسْتَخْلَفَ. قَوْلُهُ: (جَازَ اتِّفَاقًا) أَيْ بِلَا خِلَافٍ سَوَاءٌ وَافَقَ فِي نَظْمِ الصَّلَاةِ أَمْ لَا فَلَيْسَ كَغَيْرِ الْمُقْتَدِي الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: (وَيُرَاعِي الْخَلِيفَةُ) أَيْ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ كَانَ مُقْتَدِيًا بِهِ قَبْلَ اسْتِخْلَافِهِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (يَقْنُتُ فِيهَا) وَلَوْ تَرَكَ هَذَا الْقُنُوتَ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ. قَوْلُهُ: (وَيَقْعُدُ لِلتَّشَهُّدِ) أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَيَأْتِي بِهِ) أَيْ نَدْبًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَظْهَرُهُمَا صِحَّتُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيُرَاقِبُ الْمَأْمُومِينَ إلَخْ) أَيْ لِيَرْجِعَ إلَيْهِمْ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَبْلَهُ، فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي صَلَاتِهِ إلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ.
قَوْلُهُ: (فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَنْ زُحِمَ) أَيْ مُنِعَ
ــ
[حاشية عميرة]
الْمُفَارَقَةُ بَعْدَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْ الْجُمُعَةِ فَهَذَا أَوْلَى وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَيْضًا أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ. قَوْلُهُ: (بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا تَحْصُلُ لِلْخَلِيفَةِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (كَمَا قِيلَ) يُرِيدُ الْإِمَامَ الْإِسْنَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَيْثُ اعْتَرَضَ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ لَا يُفْهَمُ مِنْ الْإِشَارَةِ لَا سِيَّمَا مَعَ الِاسْتِدْبَارِ وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ. قَوْلُهُ: (اتِّفَاقًا) أَيْ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ كَمَا سَلَفَ الْخِلَافُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَيَقْعُدُ وَيَأْتِي بِهِ) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا سَلَفَ نَقَلْنَا لَهُ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ فِي بَحْثِهِ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي خَلِيفَةِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (مُنْفَرِدِينَ) أَيْ بِدَلِيلِ تَحَمُّلِهِ سَهْوَهُمْ الْعَارِضَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَبْلَ اسْتِخْلَافِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ زُحِمَ) قَالَ الْإِمَامُ لَيْسَ فِي الزَّمَانِ مَنْ يُحِيطُ بِأَطْرَافِ مَسْأَلَةِ الزِّحَامِ. قَوْلُهُ: (فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى) حَمَلَهُ عَلَى هَذَا التَّقْيِيدِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَمَّا إذَا كَانَ فِي الثَّانِيَةِ فَيَسْجُدُ