للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إذَا اشْتَدَّ الزِّحَامُ فَلْيَسْجُدْ أَحَدُكُمْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ، وَلَا بُدَّ فِي إمْكَانِهِ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى رِعَايَةِ هَيْئَةِ السَّاجِدِ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى مُرْتَفَعٍ، وَالْمَسْجُودُ عَلَيْهِ فِي مُنْخَفَضٍ، وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ الْخُرُوجُ عَنْ هَيْئَةِ السَّاجِدِ لِلْعُذْرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ السُّجُودُ عَلَى شَيْءٍ مَعَ الْإِمَامِ (فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ) التَّمَكُّنَ مِنْهُ (وَلَا يُومِئُ بِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي يُومِئُ بِهِ أَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ كَالْمَرِيضِ لِلْعُذْرِ وَالثَّالِثُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا (ثُمَّ) عَلَى الصَّحِيحِ (إنْ تَمَكَّنَ) مِنْهُ (قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ) فِي الثَّانِيَةِ (سَجَدَ فَإِنْ رَفَعَ) مِنْ السُّجُودِ (وَالْإِمَامُ قَائِمٌ قَرَأَ) فَإِنْ رَكَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ إتْمَامِهِ الْفَاتِحَةَ رَكَعَ مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي فِي قَوْلِهِ (أَوْ رَاكِعٌ فَالْأَصَحُّ يَرْكَعُ) مَعَهُ (وَهُوَ كَمَسْبُوقٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ، وَالثَّانِي لَا يَرْكَعُ مَعَهُ لِأَنَّهُ مُؤْتَمٌّ بِهِ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ فَيَتَخَلَّفُ وَيَقْرَأُ وَيَسْعَى خَلْفَهُ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بِعُذْرٍ (فَإِنْ كَانَ إمَامُهُ فَرَغَ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَمْ يُسَلِّمْ وَافَقَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ) كَالْمَسْبُوقِ (ثُمَّ صَلَّى رَكْعَةً بَعْدَهُ) وَبِهَذَا قَطَعَ الْإِمَامُ وَحَكَى غَيْرُهُ مَعَهُ الْوَجْهَ السَّابِقَ أَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِتَرْتِيبِ صَلَاةِ نَفْسِهِ (وَإِنْ كَانَ سَلَّمَ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ) لِأَنَّهُ لَمْ تَتِمَّ لَهُ رَكْعَةٌ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ فِي الْحَالِ فَيُتِمُّ فِي هَذَا الْجُمُعَةَ وَفِيمَا قَبْلَهُ الظُّهْرَ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُ السُّجُودُ حَتَّى رَكَعَ

ــ

[حاشية قليوبي]

مِنْ السُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ لِأَجْلِ الزَّحْمَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَى إنْسَانٍ) وَلَوْ رَقِيقًا وَلَمْ يَأْذَنْ وَشَقَّ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يَتْلَفْ بِسَبَبِ سُجُودِهِ كَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لُزُومًا) أَيْ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ وَنَدْبًا فِي غَيْرِهَا إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِالسُّجُودِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْشَ مِنْهُ فِتْنَةً. قَوْلُهُ: (أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُ السُّجُودُ) أَيْ بِهَيْئَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَأَطْلَقَهُ الشَّارِحُ لِيَجْرِيَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ أَيْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي زُحِمَ فِيهِ سَوَاءٌ الِاعْتِدَالُ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْلِسَ وَيَنْتَظِرَ وَالِانْتِظَارُ وَاجِبٌ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ وَفِي الْجَمَاعَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَمَنْدُوبٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ لِيُدْرِكَهُ الْمَعْذُورُ وَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ رُكُوعِ إمَامِهِ) أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي رُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ سَجَدَ عَلَى نَظْمِ نَفْسِهِ. كَذَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ انْتِصَابِهِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَمَتَى انْتَصَبَ الْإِمَامُ فِيهَا وَافَقَهُ الْمَأْمُومُ وُجُوبًا فِيهِ وَلَا يَجْرِي عَلَى نَظْمِ نَفْسِهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ كَمَسْبُوقٍ) فَيُدْرِكُ الرَّكْعَةَ إنْ اطْمَأَنَّ يَقِينًا قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ عَنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ وَتَمَّتْ جُمُعَتُهُ مَعَ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ وَإِلَّا أَتَى بِرَكْعَةٍ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ قَوْلُهُ: (فِيمَا هُوَ فِيهِ) مِنْ الِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ أَوْ جُلُوسِ التَّشَهُّدِ فَإِنْ تَبِعَهُ فِي الِاعْتِدَالِ نَزَلَ مَعَهُ سَاجِدًا وَحُسِبَ لَهُ أَوْ تَبِعَهُ سَاجِدًا سَجَدَ مَعَهُ بِالْأُولَى، سَوَاءٌ أَدْرَكَهُ فِي السَّجْدَتَيْنِ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا فَيَسْجُدُ هُوَ الثَّانِيَةَ، وَإِنْ تَبِعَهُ فِي التَّشَهُّدِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ سَجْدَتَيْهِ فَلَهُ سُجُودُهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا وَقَدْ مَرَّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ. وَفِي فَرَاغِهِ مِنْهُمَا مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (مَعَهُ) أَيْ الْإِمَامِ فِيهِ طَرِيقَانِ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ) أَيْ إمَامُهُ سَلَّمَ أَيْ شَرَعَ فِي السَّلَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ وَلَوْ احْتِمَالًا وَلَمْ يَعُدْ الْإِمَامُ لِسُجُودِ سَهْوٍ مَثَلًا كَمَا يَأْتِي فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَارَنَهُ فَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا أَنَّهَا لَا تَفُوتُهُ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ

ــ

[حاشية عميرة]

مَتَى تَمَكَّنَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ مَسْبُوقًا لَحِقَهُ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ تَمَكَّنَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ سَجَدَ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ وَإِلَّا فَاتَتْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِلَّا إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ عِنْدِي لِأَنَّهُ يَتَوَقَّعُ الْمُضِيَّ فِيهَا فَكَيْفَ يَخْرُجُ عَنْهَا عَمْدًا. كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُهَذَّبِ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إبْطَالُ الصَّلَاةِ وَيَنْتَظِرُ الْجُمُعَةَ إنْ زَالَ الزِّحَامُ اهـ. أَقُولُ الْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الشَّخْصَ لَوْ اسْتَمَرَّ فِي الِاعْتِدَالِ فَلَمْ تَزُلْ الزَّحْمَةُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ تَابَعَهُ فِي السُّجُودِ وَأَدْرَكَ الْجُمُعَةَ، وَلَوْ فُرِضَ إخْرَاجُ نَفْسِهِ فَزَالَ الزِّحَامُ كَمَا ذَكَرْنَا فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَكَيْفَ يُفْسَحُ لَهُ فِي تَفْوِيتِهَا مَعَ احْتِمَالِ تَحْصِيلِهَا بِمَا ذَكَرْنَا وَتَصْرِيحُهُمْ بِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ الْجُمُعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ فَيَعُودَ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) وَنُدُورِ هَذَا الْعُذْرِ وَعَدَمِ دَوَامِهِ. قَوْلُهُ: (لِلْعُذْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُومِئُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ رَفَعَ إلَخْ) ذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يَرْكَعُ مَعَهُ) هُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْمَتْنِ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ ثُمَّ عَلَى هَذَا الثَّانِي يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَرْكَانِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِالسُّنَنِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْوَسَطِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْإِمَامُ قَائِمٌ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَاتَتْ الْجُمُعَةُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ عَادَ الْإِمَامُ لِسُجُودِ السَّهْوِ كَانَ الْمَأْمُومُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>