للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ» قَالَ الْمُصَنِّفُ: نَاظِرٌ أَيْنَ تَذْهَبُ، وَقُبِضَ خَرَجَ مِنْ الْجَسَدِ، وَشَخَصَ بَصَرُهُ بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّ الرَّاءِ شَخَصَ، أَيْ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْخَاءِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ حَالَ إغْمَاضِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَشُدَّ لَحْيَاهُ بِعِصَابَةٍ) عَرِيضَةٍ تُرْبَطُ فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا يَبْقَى فَمُهُ مُنْفَتِحًا فَتَدْخُلَهُ الْهَوَامُّ. (وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ) فَيُرَدُّ سَاعِدُهُ إلَى عَضُدِهِ وَسَاقُهُ إلَى فَخْذِهِ وَفَخِذُهُ إلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ يَمُدُّهَا وَيُلَيَّنُ أَصَابِعُهُ أَيْضًا وَذَلِكَ لِيُسْهِلَ غُسْلُهُ فَإِنَّ فِي الْبَدَنِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الرُّوحِ بَقِيَّةَ حَرَارَةٍ إذَا لُيِّنَتْ الْمَفَاصِلُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَانَتْ، وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ تَلْيِينُهَا بَعْدَ ذَلِكَ. (وَسُتِرَ جَمِيعُ بَدَنِهِ بِثَوْبٍ خَفِيفٍ) بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَيُجْعَلُ طَرَفُ الثَّوْبِ تَحْتَ رَأْسِهِ وَطَرَفُهُ الْآخَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ لِئَلَّا يَنْكَشِفَ، وَاحْتَرَزَ بِالْخَفِيفِ عَنْ الثَّقِيلِ فَإِنَّهُ يَحْمِيهِ فَيُغَيِّرُهُ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «سُجِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ مَاتَ بِثَوْبِ حِبَرَةٍ» ، هُوَ بِالْإِضَافَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهُوَ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ. وَسُجِّيَ: غُطِّيَ جَمِيعُ بَدَنِهِ.

(وَوُضِعَ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ ثَقِيلٌ) كَمِرْآةٍ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَدِيدٌ فَطِينٌ رَطْبٌ، وَيُصَانُ الْمُصْحَفُ عَنْهُ. (وَوُضِعَ عَلَى سَرِيرٍ وَنَحْوِهِ) لِئَلَّا يُصِيبَهُ نَدَاوَةُ الْأَرْضِ فَتُغَيِّرَهُ. (وَنُزِعَتْ) عَنْهُ (ثِيَابُهُ) الَّتِي مَاتَ فِيهَا بِحَيْثُ لَا يُرَى بَدَنُهُ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَإِنَّهَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادَ فِيمَا حُكِيَ. (وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ كَمُحْتَضَرٍ) وَقَدْ تَقَدَّمَ كَيْفِيَّةُ تَوْجِيهِهِ (وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ) جَمِيعَهُ (أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ) بِهِ بِأَسْهَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَتَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءُ مِنْ النِّسَاءِ، فَإِنْ تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ مِنْ نِسَاءِ الْمَحَارِمِ، أَوْ النِّسَاءُ مِنْ رِجَالِ الْمَحَارِمِ جَازَ.

(وَيُبَادَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ (بِغُسْلِهِ إذَا تَيَقَّنَ مَوْتُهُ) بِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ كَأَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ فَلَا تَنْتَصِبَا أَوْ يَمِيلَ أَنْفُهُ أَوْ يَنْخَسِفَ صُدْغَاهُ، وَإِنْ شَكَّ فِي مَوْتِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ بِهِ عِلَّةٌ، وَاحْتُمِلَ عُرُوضُ سَكْتَةٍ أَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ فَزَعٍ أَوْ غَيْرِهِ أُخِّرَ إلَى الْيَقِينِ بِتَغَيُّرِ الرَّائِحَةِ أَوْ غَيْرِهِ.

(وَغُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ فُرُوضُ كِفَايَةٍ) فِي حَقِّ الْمَيِّتِ

ــ

[حاشية قليوبي]

(فَائِدَةٌ) الظَّنُّ أَقْسَامٌ وَاجِبٌ كَحُسْنِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ، وَحَرَامٌ كَسُوءِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ، وَبِالْمُسْلِمِ الظَّاهِرِ الْعَدَالَةِ، وَمُبَاحٌ كَمَنْ يُخَالِطُ الرَّيْبَ، وَيَتَجَاهَرُ بِالْخَبَائِثِ، وَمِنْ الْجَائِزِ ظَنُّ الشُّهُودِ وَتَقْوِيمُ الْأَمْوَالِ وَأَرْشُ الْجِنَايَاتِ.

قَوْلُهُ: (نَاظِرٌ) وَلَوْ أَعْمَى وَبَقَاءُ النَّظَرِ بَعْدَ مُفَارِقَةِ الرُّوحِ، غَيْرُ بَعِيدٍ لِبَقَاءِ حَرَارَةِ الْبَدَنِ، خُصُوصًا فِي عُضْوٍ أَقْرَبَ إلَى مَحَلِّ خُرُوجِ الرُّوحِ، لِأَنَّهَا تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ مِنْ الْيَافُوخِ، وَالْعَيْنُ آخِرُ شَيْءٍ، تُنْزَعُ مِنْهُ الرُّوحُ وَأَوَّلُ شَيْءٍ تَحِلُّهُ الْحَيَاةُ، وَأَوَّلُ شَيْءٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ. قَوْلُهُ: (وَلُيِّنَتْ مَفَاصِلُهُ) وَلَوْ بِنَحْوِ دُهْنٍ تُوقَفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُغَسَّلْ وَالْعِلَّةُ لِلْأَغْلَبِ قَوْلُهُ: (جَمِيعِ بَدَنِهِ) إلَّا رَأْسَ الْمُحْرِمِ وَوَجْهَ الْمُحْرِمَةِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ) وَلَوْ نَبِيًّا وَشَهِيدًا وَالْعِلَّةُ لِلْغَالِبِ، وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، بِمَا فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ، وَتُرَدُّ ثِيَابُ الشَّهِيدِ إلَيْهِ، كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (عَلَى بَطْنِهِ) أَيْ فَوْقَ مَا سُتِرَ بِهِ بَدَنُهُ أَوْ تَحْتَهُ. قَوْلُهُ: (ثَقِيلٌ) نَحْوَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَأَكْثَرَ، وَكَوْنُهُ مِنْ الْحَدِيدِ أَوْلَى كَمَا ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُصَانُ الْمُصْحَفُ عَنْهُ) وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَنَجُّسُهُ وَإِلَّا فَنَدْبًا، وَكُتُبُ الْعِلْمِ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (عَلَى سَرِيرٍ) وَإِنَّ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى أَرْضٍ وَالْعِلَّةُ لِلْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَنُزِعَتْ) أَيْ قَبْلَ سَتْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ) فَيُشَدُّ مَا ثَقُلَ بِهِ بَطْنُهُ بِنَحْوِ خِرْقَةٍ. قَوْلُهُ: (وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ جَمِيعَهُ) أَيْ التَّغْمِيضَ وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَوَلَّاهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالزَّوْجُ كَالْمُحْرِمِ، وَيَجُوزُ مِنْ الْأَجَانِبِ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ بِلَامِسٍ، وَاسْتَبْعَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.

قَوْلُهُ: (وَيُبَادَرُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِلَّا فَنَدْبًا.

قَوْلُهُ: (إذَا تَيَقَّنَ مَوْتَهُ) قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ رَاجِعٌ إلَى التَّغْمِيضِ وَمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ ظَاهِرُ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (كَأَنْ تَسْتَرْخِيَ قَدَمَاهُ) وَيَنْخَلِعَ كَفَّاهُ، وَتَتَقَلَّصَ خُصْيَتَاهُ وَتَسْتَرْخِيَ جِلْدَتَاهُمَا قَوْلُهُ: (أُخِّرَ) أَيْ وُجُوبًا.

قَوْلُهُ (فُرُوضُ كِفَايَةٍ) وَإِنْ تَكَرَّرَ مَوْتُهُ بَعْدَ حَيَاةٍ

ــ

[حاشية عميرة]

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَأَفْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْهُ لَهُ. قَوْلُهُ (إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ إلَخْ) .

(فَائِدَةٌ) قِيلَ: إنَّ الْعَيْنَ آخِرُ شَيْءٍ تُنْزَعُ مِنْهُ الرُّوحُ وَأَوَّلُ شَيْءٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنُزِعَتْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى مَا سَلَفَ اهـ. أَقُولُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى هَذَا فِيمَا سَلَفَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَغُسْلُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَسْقُطُ بِفِعْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>