للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرِهِمَا «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ وَفِي رِوَايَةٍ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَالْمُرَادُ الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ لِحَدِيثِ ابْنِ حِبَّانَ «إذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَالْإِفْضَاءُ لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ. وَمَسُّ الْفَرْجِ مِنْ غَيْرِهِ أَفْحَشُ مِنْ مَسِّهِ مِنْ نَفْسِهِ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا لَا يَتَعَدَّى النَّقْضُ إلَيْهِ، وَقِيلَ فِيهِ خِلَافُ الْمَلْمُوسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ: وَقُبُلُ الْمَرْأَةِ النَّاقِضُ مَسُّهُ مُلْتَقَى شُفْرَيْهَا، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، قَالَ: فَإِنْ مَسَّتْ مَا وَرَاءَ الشُّفْرَيْنِ لَمْ يُنْتَقَضْ بِلَا خِلَافٍ. (وَكَذَا فِي الْجَدِيدِ حَلْقَةُ دُبُرِهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ قِيَاسًا عَلَى قُبُلِهِ بِجَامِعِ النَّقْضِ بِالْخَارِجِ مِنْهُمَا، وَالْقَدِيمُ لَا نَقْضَ بِمَسِّهَا وُقُوفًا مَعَ ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْقُبُلِ. وَعَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالدُّبُرِ وَقَالَ: الْمُرَادُ بِهِ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ. أَمَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ بَاطِنِ الْأَلْيَتَيْنِ فَلَا يَنْقُضُ بِلَا خِلَافٍ، انْتَهَى. وَلَامُ حَلْقَةٍ سَاكِنَةٌ (لَا فَرْجُ بَهِيمَةٍ) أَيْ لَا يَنْقُضُ مَسُّهُ فِي الْجَدِيدِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهَا فِي ذَلِكَ، وَالْقَدِيمُ، وَحَكَاهُ جَمْعٌ جَدِيدًا أَنَّهُ يَنْقُضُ كَفَرْجِ الْآدَمِيِّ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ حَكَى الْخِلَافَ فِي قُبُلِهَا وَقَطَعَ فِي دُبُرِهَا بِعَدَمِ النَّقْضِ، وَتَعَقَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ فِي فَرْجِ الْبَهِيمَةِ فَلَمْ يَخُصُّوا بِهِ الْقُبُلَ (وَيَنْقُضُ فَرْجُ الْمَيِّتِ وَالصَّغِيرِ وَمَحَلُّ الْجَبِّ وَالذَّكَرُ الْأَشَلُّ وَبِالْيَدِ الشَّلَّاءِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ مَحَلَّ الْجَبِّ فِي مَعْنَى الذَّكَرِ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْأَشْخَاصِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيهِمَا مِنْ حَيْثُ الْأَوْصَافُ، وَالْعَمَلُ فِيهَا مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: سِتْرٌ وَلَا حِجَابٌ، وَعَطْفُهُ تَفْسِيرٌ بِالْأَعَمِّ لِيَشْمَلَ نَحْوَ الزُّجَاجِ فَإِنَّهُ حَاجِبٌ لَا سَاتِرٌ، وَسَتْرٌ بِفَتْحِ السِّينِ إنْ أُرِيدَ الْمَصْدَرُ، وَبِكَسْرِهَا إنْ أُرِيدَ السَّاتِرُ، وَحِجَابٌ تَفْسِيرٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. قَوْلُهُ: (وَالْإِفْضَاءُ) أَيْ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا مَرَّ، فَفِي الْقَامُوسِ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى الْأَرْضِ مَسَّهَا بِرَاحَتِهِ، وَإِلَى الْمَرْأَةِ اخْتَلَى بِهَا وَإِنْ لَمْ يُجَامِعْهَا، وَأَفْضَى الْمَرْأَةَ خَلَطَ مَسْلَكَيْهَا.

قَوْلُهُ: (بِبَطْنِ الْكَفِّ) وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: بِجَمِيعِهَا ظَهْرًا وَبَطْنًا، وَلَعَلَّهُ مَهْجُورٌ، فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَفْحَشُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَوْ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (لِهَتْكِهِ إلَخْ) هُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَفْحَشُ، فَعِلَّةُ النَّقْضِ فِي نَفْسِهِ وَفِي غَيْرِهِ الْفُحْشُ، وَكَانَ بِقِيَاسِ الْفَحْوَى فِي غَيْرِهِ لِلْهَتْكِ لَا لِلَّذَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ لِانْتِفَائِهَا فِي مَسِّ نَفْسِهِ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ، وَلِأَنَّهُ أَشْهَى لَهُ غَيْرُ لَائِقٍ بَلْ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، قِيلَ: وَلَعَلَّهَا عِبَارَةُ مَنْ يَعْتَبِرُ اللَّذَّةَ جَرَتْ عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَتَأَمَّلْ وَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (وَلِهَذَا) أَيْ الْهَتْكِ، أَيْ يَكْفِيهِ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَسِّ الْهَتْكُ، فَلَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِنَقْضِ الْوُضُوءِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِيهِ خِلَافُ الْمَلْمُوسِ) نَظَرُ الْأَصْلِ اللَّذَّةُ، وَفِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ.

قَوْلُهُ: (مُلْتَقَى شَفْرَيْهَا) لَمْ يَقُلْ كَغَيْرِهِ عَلَى الْمَنْفَذِ لِيَعُمَّ مَا يَلْتَقِي عَلَى مَا بَيْنَ الْمَنْفَذَيْنِ وَمَا فَوْقَهُمَا كَالْبَظْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْبَظْرَ قَبْلَ قَطْعِهِ وَمَحَلَّهُ بَعْدَ قَطْعِهِ نَاقِضٌ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ، وَإِنْ وُجِدَ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِهِ، وَالنَّاقِضُ فِي الرَّجُلِ جَمِيعُ الذَّكَرِ لَا مَا نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ، وَفِي الدُّبُرِ مَا يَنْضَمُّ مِنْ دَائِرِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ. قَوْلُهُ: (قِيَاسًا) قَدَّمَهُ لِعَدَمِ النِّزَاعِ فِيهِ الَّذِي سَلَكَهُ الْقَدِيمُ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَامُ حَلْقَةٍ سَاكِنَةٌ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَحَلْقَةِ الْعِلْمِ وَنَحْوِ الْحَدِيدِ.

قَوْلُهُ (لَا فَرْجَ بَهِيمَةٍ) وَمِنْهَا الطُّيُورُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِعَدَمِ نُطْقِهَا، وَسَوَاءٌ الْأَصْلِيَّةُ وَالْعَارِضَةُ كَالْمَسْخِ وَمَا تَطَوَّرَ مِنْ الْجِنِّ كَمَا مَرَّ، وَلِذَلِكَ مَالَ شَيْخُنَا إلَى حُرْمَةِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ الْمَمْسُوخَةِ حَيَوَانًا لِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ كَمَا قَالُوهُ فِي الْعَدَدِ وَهُوَ وَجِيهٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) لَعَلَّ مَرْجِعَ الْإِشَارَةِ هَتْكُ الْحُرْمَةِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ بِوُجُوبِ سَتْرِهِ وَتَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَيْهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَحَكَاهُ جَمْعٌ جَدِيدًا) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ الْقَدِيمِ السَّابِقِ فِي دُبُرِ الْآدَمِيِّ، فَسَقَطَ مَا هُنَا مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَوَابُ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَيَنْقُضُ فَرْجُ الْمَيِّتِ) قُبُلًا أَوْ دُبُرًا. قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ الْجَبِّ) وَهُوَ هُنَا فِي الذَّكَرِ مَا حَاذَى الْمَقْطُوعَ إلَى جِهَةِ الدَّاخِلِ لَا مِنْ الْجَوَانِبِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (فِي مَعْنَى الذَّكَرِ) قَيَّدَ بِالذَّكَرِ لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْجَبِّ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَرْجِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَحَلَّ قَطْعِ قُبُلِ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ مَا حَاذَى الشُّفْرَيْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا مِنْ الدَّاخِلِ وَلَا مِنْ الْخَارِجِ، وَيَشْمَلُ الدُّبُرَ وَهُوَ مَا حَاذَى مَا كَانَ يَنْضَمُّ مِنْ دَائِرِهِ. قَوْلُهُ: (وَبِالْيَدِ الشَّلَّاءِ) خَرَجَ بِهَا الْمَقْطُوعَةُ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِبَعْضِ جِلْدِهَا إلَّا إنْ كَانَتْ الْجِلْدَةُ كَبِيرَةً بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ انْفِصَالُهَا كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ، وَخَرَجَ بِهَا الْيَدُ مِنْ نَحْوِ نَقْدٍ فَلَا نَقْضَ بِمَسِّهَا أَيْضًا.

قَوْلُهُ (وَلِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ

ــ

[حاشية عميرة]

مَعَ أَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ أَنَصُّ فِي الْمَقْصُودِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِفْضَاءَ هُوَ الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ بِخِلَافِ الْمَسِّ؟ قُلْت: كَأَنَّهُ لِكَثْرَةِ مَخْرَجَيْهِ وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَلِهَذَا لَا يَتَعَدَّى النَّقْضُ إلَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ اللَّمْسِ.

قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَالْقَدِيمُ وَحَكَاهُ جَمْعٌ جَدِيدًا أَنَّهُ يَنْقُضُ كَفَرْجِ الْآدَمِيِّ) أَيْ بِجَامِعِ وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِيلَاجِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>