للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِشُمُولِ الِاسْمِ فِي غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ، وَالثَّانِي لَا تَنْقُضُ الْمَذْكُورَاتُ لِانْتِفَاءِ الذَّكَرِ فِي مَحَلِّ الْجَبِّ وَلِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ فِي غَيْرِهِ (وَلَا يَنْقُضُ رَأْسُ الْأَصَابِعِ وَمَا بَيْنَهَا) وَحَرْفُهَا وَحَرْفُ الْكَفِّ لِخُرُوجِهَا عَنْ صَمْتِ الْكَفِّ، وَقِيلَ: تَنْقُضُ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ بَشَرَةِ بَاطِنِ الْكَفِّ.

(وَيَحْرُمُ بِالْحَدَثِ الصَّلَاةُ) إجْمَاعًا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيثُ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» وَمِنْهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَفِي مَعْنَاهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ (وَالطَّوَافُ) .

قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ النُّطْقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إلَّا بِخَيْرٍ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، (وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ وَمَسُّ وَرَقِهِ) قَالَ تَعَالَى: {لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩]

ــ

[حاشية قليوبي]

الشَّهْوَةِ) لَمْ يَقُلْ لِعَدَمِ هَتْكِ الْحُرْمَةِ الْمُنَاسِبِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ هُنَا إذْ الثَّانِي لَا يُنْكِرُهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ الرَّدُّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (رَأْسُ) وَفِي نُسْخَةٍ: رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَلَوْ زَائِدَةً وَبِبَطْنِ الْكَفِّ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَا بَيْنَهَا) وَهُوَ مَا يَسْتَتِرُ مِنْ جَوَانِبِهَا عِنْدَ ضَمِّهَا وَحَرْفِهَا، وَهُوَ مَا لَا يَسْتَتِرُ الَّذِي هُوَ جَانِبُ السَّبَّابَةِ وَالْخِنْصَرِ وَجَانِبَا الْإِبْهَامِ وَحَرْفُ الْكَفِّ بِمَعْنَى جَوَانِبِ الرَّاحَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ، أَوْ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ الْمُرَادَ بِحَرْفِهَا مَا يَسْتَتِرُ مِنْهَا وَبِمَا بَيْنَهَا النُّقَرُ الَّتِي فِي أَسْفَلِهَا أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ وَخُرُوجٌ عَنْ الظَّاهِرِ بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ إلَخْ) وَقِيَاسًا عَلَى الْخُفِّ حَيْثُ أَلْحَقَ جَوَانِبَهُ بِبَاطِنِهِ وَرُدَّ بِالرُّجُوعِ إلَى الْأَصْلِ فِيهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْخُفِّ عَدَمُ صِحَّةِ الْمَسْحِ إلَّا مَا ثَبَتَتْ الرُّخْصَةُ فِيهِ، وَالْأَصْلَ فِي الْبَدَنِ عَدَمُ النَّقْضِ إلَّا مَا ثَبَتَ النَّصُّ بِالنَّقْضِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ بِالْحَدَثِ) الْمُرَادُ بِالْحُرْمَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَلَوْ سَهْوًا، وَفِي غَيْرِهِمَا إثْمُهُ إنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا، وَتَعَمُّدُ الصَّلَاةِ مَعَهُ كَبِيرَةٌ، وَاسْتِحْلَالُهَا مَعَهُ كُفْرٌ، وَتَرَدَّدَ شَيْخُنَا فِي الطَّوَافِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ فَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ صَحِيحَةٌ، إذْ لَا يَقُولُ أَحَدٌ بِصِحَّةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَهُ، وَلَا يَرِدُ صَاحِبُ الضَّرُورَةِ وَالْمُتَيَمِّمُ وَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ لِوُجُودِ الرُّخْصِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَنْعُ لِتَهَافُتِ الْعِبَارَةِ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى: وَيَمْتَنِعُ بِالْمَنْعِ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَتَعْبِيرُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِالْأَحْدَاثِ مُرَادُهُ بِهَا الْأَسْبَابُ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا تَعَدُّدَ فِيهِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا، قِيلَ: وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ عَدَمُ صِحَّةِ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِيهَا لَا يُرَادُ نَحْوُ اللَّمْسِ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْجِنْسُ أَوْ الْمَجْمُوعُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْكُلِّيَّةِ وَالْوَجْهُ أَنَّ الْكُلِّيَّةَ صَحِيحَةٌ مِنْ حَيْثُ الْحَدِيثُ بِمَعْنَى أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى حُرْمَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ سَبَبٍ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ حَدَثًا أَوْ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ الِاعْتِبَارِيُّ مَعَ أَنَّ ذِكْرَ الْكُلِّيَّةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ تَوَقُّفِ الْحُرْمَةِ عَلَى وُجُودِ جَمِيعِهَا، وَإِنَّمَا جَاءَ الْإِشْكَالُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ إلَى الْأَفْرَادِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَرَتُّبِ الْحَدَثِ عَلَيْهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ وَاضِحٌ جَلِيٌّ.

قَوْلُهُ: (الصَّلَاةُ) سَوَاءٌ الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ، وَكَذَا الطَّوَافُ. قَوْلُهُ: (لَا يَقْبَلُ اللَّهُ) أَيْ قَبُولَ صِحَّةٍ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ لَا قَبُولَ كَمَالٍ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى صَارِفٍ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ) نَصَّ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَا تَشْمَلُهَا الصَّلَاةُ عُرْفًا، وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَرَدًّا عَلَى الشَّعْبِيِّ وَالطَّبَرِيِّ الْقَائِلَيْنِ بِصِحَّتِهَا مَعَ الْحَدَثِ. قَوْلُهُ (سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ) وَكَذَا سَجْدَةُ الشُّكْرِ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: صُورَةُ الرُّكُوعِ الْوَاقِعَةُ مِنْ الْعَوَامّ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ حَرَامٌ وَيَأْثَمُ فَاعِلُهَا وَلَوْ بِطَهَارَةٍ وَإِلَى الْقِبْلَةِ، وَهِيَ مِنْ الْعَظَائِمِ، وَأَخْشَى أَنْ تَكُونَ كُفْرًا، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: ١٠٠] أَيْ رُكَّعًا إمَّا مَنْسُوخٌ أَوْ أَنَّهُ شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَسَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ) وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ فِيهِ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُسَمَّى مُصْحَفًا عُرْفًا وَلَوْ قَلِيلًا كَحِزْبٍ، وَلَا عِبْرَةَ فِيهِ بِقَصْدِ غَيْرِ الدِّرَاسَةِ. قَوْلُهُ: (وَمَسُّ وَرَقِهِ)

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّغِيرُ) أَيْ لِشُمُولِ الِاسْمِ وَهَتْكِ الْحُرْمَةِ بِخِلَافِ لَمْسِ الصَّغِيرَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يَنْقُضُ رَأْسُ الْأَصَابِعِ) .

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ نَبَتَتْ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ فِي ظَاهِرِ الْكَفِّ فَلَا نَقْضَ بِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَبَتَتْ عَلَى اسْتِوَاءِ الْأَصَابِعِ فِي بَاطِنِ الْكَفِّ، كَذَا رَأَيْته عَلَى هَامِشِ الْقِطْعَةِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَحَرْفُهَا وَحَرْفُ الْكَفِّ) لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا إلْحَاقُ حَرْفِ الرِّجْلِ بِالْأَسْفَلِ فِي مَسْحِ الْخُفِّ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُنَا بَقَاءُ الطَّهَارَةِ، وَهُنَاكَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْحُ عَلَى الظَّاهِرِ فَاسْتُصْحِبَ الْأَصْلُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ بِمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ اللَّحْمِيَّةُ الْفَاصِلَةُ بَيْنَ أُصُولِ الْأَصَابِعِ، وَالْمُرَادُ بِحَرْفِ الْأَصَابِعِ مَا يَسْتَتِرُ إذَا انْضَمَّ الْأُصْبُعَانِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ إلَى الْأَفْهَامِ تَفْسِيرُ مَا بَيْنَهُمَا بِهَذَا الْأَخِيرِ، قُلْت: سَبَبُ هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَحَرْفُهَا وَحَرْفُ الْكَفِّ فَإِنَّ حَرْفَ الْخِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ يَدْخُلَانِ فِي حَرْفِ الْكَفِّ لِأَنَّهُ الرَّاحَةُ مَعَ بُطُونِ الْأَصَابِعِ، قِيلَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِحُرُوفِ الْأَصَابِعِ جَوَانِبَهَا الْمُسْتَطِيلَةَ الَّتِي تَلِي ظَهْرَ الْكَفِّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَسُّ وَرَقِهِ) أَيْ كَانَ لِبَاطِنِ الْكَفِّ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>