للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْتَهَى.

وَفِي الصَّحَاحِ اعْرَوْرَيْتُ الْفَرَسَ رَكِبْتُهُ عُرْيَانًا، وَفَرَسٌ عُرْيٌ لَيْسَ عَلَيْهِ سَرْجٌ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبِعَ جِنَازَةَ ابْنِ الدَّحْدَاحِ مَاشِيًا، وَرَجَعَ عَلَى فَرَسٍ» ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَالدَّحْدَاحُ بِمُهْمَلَاتٍ وَفَتْحِ الدَّالِ.

(وَلَا بَأْسَ بِاتِّبَاعِ الْمُسْلِمِ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ (جِنَازَةَ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ: لَا يُكْرَهُ، رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «أَتَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت: إنَّ عَمَّك الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ اذْهَبْ فَوَارِهِ» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَسَنٌ

(وَيُكْرَهُ اللَّغْطُ فِي الْجِنَازَةِ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي الْمَشْيِ مَعَهَا وَالْحَدِيثُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا، بَلْ الْمُسْتَحَبُّ الْفِكْرُ فِي الْمَوْتِ وَمَا بَعْدَهُ وَفَنَاءِ الدُّنْيَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَكْرَهُونَ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْجَنَائِزِ، وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ خَفْضَ الصَّوْتِ عِنْدَهَا.

(وَإِتْبَاعُهَا) بِسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ (بِنَارٍ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي مِجْمَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُكْرَهُ الْبَخُورُ فِي الْمِجْمَرَةِ بَيْنَ يَدَيْهَا إلَى الْقَبْرِ وَعِنْدَهُ حَالَ الدَّفْنِ لِأَنَّهُ يَتَفَاءَلُ بِذَلِكَ فَأْلَ السَّوْءِ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مَرْفُوعًا: «لَا تُتْبَعُ الْجِنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ» لَكِنْ فِيهِ مَجْهُولَانِ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ وَصَّى: لَا تُتْبِعُونِي بِصَارِخَةٍ وَلَا مِجْمَرَةٍ، وَلَا تَجْعَلُوا بَيْنِي وَبَيْنَ الْأَرْضِ شَيْئًا. وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: إذَا أَنَا مِتُّ فَلَا تَصْحَبُنِي نَارٌ وَلَا نَائِحَةٌ

. (وَلَوْ اخْتَلَطَ مُسْلِمُونَ بِكَفَّارٍ) كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ سَقْفٌ وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا (وَجَبَ) لِلْخُرُوجِ عَنْ الْوَاجِبِ (غُسْلُ الْجَمِيعِ وَالصَّلَاةُ) عَلَيْهِمْ (فَإِنْ شَاءَ، صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ) دَفْعَةً (بِقَصْدِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْهُمْ (وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ أَوْ عَلَى وَاحِدٍ فَوَاحِدٍ نَاوِيًا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) وَيُغْتَفَرُ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِلضَّرُورَةِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَالْمَنْصُوصُ، زَادَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ وَقَالَ:

ــ

[حاشية قليوبي]

مِثْلُهُ. وَصُورَتُهُ مَا يُعْهَدُ فِي بِلَادِ الرِّيفِ عِنْدَ الْعَوَامّ مِنْ كَوْنِهِ ثَوْبًا عَلَى جَرِيدٍ

. قَوْلُهُ: (وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ إلَخْ) أَفَادَ بِهِ أَنَّ الِانْصِرَافَ بَعْدَ الدَّفْنِ لَا بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا يُفْهِمُهُ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ

. قَوْلُهُ: (وَلَا بَأْسَ) فَهُوَ مُبَاحٌ، وَعَلَيْهِ حُمِلَ الْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ) لِأَنَّهُ التَّابِعُ لَا بِإِسْكَانِهَا الْمُوهِمُ أَنَّ التَّابِعَ غَيْرُهُ يَأْمُرُهُ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (قَرِيبِهِ الْكَافِرِ) وَكَالْقَرِيبِ الزَّوْجُ وَالْجَارُ وَالصَّدِيقُ وَالْوَلِيُّ وَالْعَبْدُ وَزِيَارَةُ قَبْرِهِ كَذَلِكَ، وَخَرَجَ غَيْرُهُمْ مِنْ الْأَجَانِبِ فَيَحْرُمُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ جَوَازَ زِيَارَةِ قُبُورِهِمْ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الِاتِّعَاظِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِالْحُرْمَةِ فِيهَا أَيْضًا وَضُعِّفَ.

قَوْلُهُ: (وَيُكْرَهُ اللَّغْطُ) هُوَ بِسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا: الْأَصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ. وَيُقَالُ: فِيهِ لِغَاطٌ بِوَزْنِ كِتَابٍ وَسَوَاءٌ كَانَ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيُنْدَبُ الْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ سِرًّا

. قَوْلُهُ: (بِنَارٍ) أَيْ إلَّا لِحَاجَةٍ كَسِرَاجٍ وَشَمْعَةٍ لِمَشْيٍ أَوْ دَفْنٍ لَيْلًا، وَالتَّبْخِيرُ لِنَحْوِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ. وَقَدْ مَرَّ نَدْبُ التَّبْخِيرِ عِنْدَهُ مِنْ أَوَّلِ مَوْتِهِ إلَى دَفْنِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتَمَيَّزُوا) لَيْسَ الْجَمْعُ فِي هَذَا وَمَا قَبْلَهُ قَيْدًا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، وَيَكْفِي التَّمْيِيزُ بِالِاجْتِهَادِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (لِلْخُرُوجِ عَنْ الْوَاجِبِ) أَيْ مَعَ جَوَازِ ضِدِّهِ فَلَا مُعَارَضَةِ فِيهِ، وَلَا مُعَارَضَةَ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (غَسْلُ الْجَمِيعِ) وَمَا يَجِبُ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ مِنْ كَفَنٍ وَحَمْلٍ وَدَفْنٍ فِي تِرْكَةِ كُلٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا فِي الْكَافِرِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تِرْكَةً فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، ثُمَّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا مَرَّ.

وَفِي ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قُرْعَةٍ وَأَنَّهُ يُغْتَفَرُ التَّفَاوُتُ لِلضَّرُورَةِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا. قَوْلُهُ: (اغْفِرْ لَهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ

ــ

[حاشية عميرة]

أَوْ ارْتِفَاعَهُ

قَوْلُهُ: (رَوَى أَبُو دَاوُد إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ لِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ، لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِمُؤْنَتِهِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا زِيَارَةُ قَبْرِهِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ نَقْلًا عَنْ الْأَكْثَرِينَ.

قَوْلُهُ: (بَلْ الْمُسْتَحَبُّ إلَخْ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَلَا يُرْفَعُ صَوْتٌ بِقِرَاءَةٍ وَلَا ذِكْرٍ وَلَا غَيْرِهَا.

(فَائِدَةٌ) اللَّغَطُ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَفَتْحِهَا: هُوَ الْأَصْوَاتُ الْمُرْتَفِعَةُ، وَيُقَالُ: فِيهِ لِغَاطٌ عَلَى وَزْنِ كِتَابٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اخْتَلَطَ إلَخْ) اُنْظُرْ الْمُؤْنَةَ هُنَا عَلَى مَنْ وَمَاذَا يَجِبُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ أَعْيَانِ الْمَوْتَى؟ . قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمُونَ) أَيْ وَلَوْ وَاحِدًا. قَوْلُهُ: (وَيُغْتَفَرُ) أَيْ كَمَا اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ نَحْوَ: نَوَيْت هَذَا عَنْ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>