وَاخْتِلَاطُ الشُّهَدَاءِ بِغَيْرِهِمْ كَاخْتِلَاطِ الْكُفَّارِ (وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ غُسْلِهِ وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ فَلَوْ مَاتَ بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَأَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ (وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ وَغُسْلُهُ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِفَقْدِ الشَّرْطِ، وَقَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ قَبْلَ تَكْفِينِهِ زَادَهُ وَجَوَازُهَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الرَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: تَصِحُّ وَتُكْرَهُ، صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَآخَرُونَ. (وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ وَلَا الْقَبْرِ) فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) وَالرَّافِعِيُّ قَالَ: حَرُمَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْقَبْرِ لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَالرَّافِعِيُّ هُنَا اقْتَصَرَ عَلَى التَّقَدُّمِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَقَالَ: قَالَ فِي النِّهَايَةِ: خَرَّجَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ، وَنَزَّلُوا الْجِنَازَةَ مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: تَجْوِيزُ التَّقَدُّمِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَوْلَى فَإِنَّهَا لَيْسَتْ إمَامًا مَتْبُوعًا يَتَعَيَّنُ تَقَدُّمُهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إشَارَةٌ إلَى تَرْتِيبِ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ انْتَهَى. فَأَقَامَ النَّوَوِيُّ بَحْثَ الْإِمَامِ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِالْجَوَازِ، وَطَرَدَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مُقْتَضَى اصْطِلَاحِهِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي تَقَدُّمِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ أَصَحُّهُمَا بُطْلَانُ صَلَاتِهِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَجَمَاعَةٌ: إنْ جَوَّزْنَا تَقَدُّمَ الْمَأْمُومِ عَلَى الْإِمَامِ جَازَ هَذَا وَإِلَّا فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَاحْتَرَزُوا بِالْحَاضِرَةِ عَنْ الْغَائِبَةِ عَنْ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَتْ خَلْفَ ظَهْرِ الْمُصَلِّي لِلْحَاجَةِ إلَى الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِنَفْعِ الْمُصَلِّي وَالْمُصَلَّى عَلَيْهِ.
(وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ (فِي الْمَسْجِدِ) بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا صَرَّحَ
ــ
[حاشية قليوبي]
الدُّعَاءَ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ جَائِزٌ، إلَّا إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْعُمُومَ يَشْمَلُ ذَنْبَ الْكُفْرِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.
قَوْلُهُ: (وَاخْتِلَاطُ الشُّهَدَاءِ إلَخْ) . نَعَمْ هُنَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِالْمَغْفِرَةِ لِلْجَمِيعِ، وَيُدْفَنُونَ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُدْفَنُ غَيْرُهُمْ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَيَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ وَإِسْلَامِهِ كَتَعَارُضِ بَيِّنَتَيْنِ مَثَلًا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الثَّانِيَةِ. قَوْلُهُ: (كَاخْتِلَاطِ الْكُفَّارِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ غُسْلِ كُلٍّ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَغُسْلُ الشَّهِيدِ حَرَامٌ كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَ وُجُوبَ الْغُسْلِ عَلَى حُرْمَتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وُجُوبُ الْغُسْلِ مَعَ أَنَّ بَابَ الْغُسْلِ أَوْسَعُ، بِدَلِيلِ غُسْلِ الْكَافِرِ وَغُسْلِ النَّجَاسَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى زَوَالِ دَمِ الشَّهَادَةِ، وَلَا تَعَارُضَ فِي الصَّلَاةِ لِتَقَيُّدِ نِيَّتِهَا بِغَيْرِ الشَّهِيدِ مِنْهُمْ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَغُسْلُهُ) أَيْ طُهْرُهُ وَلَوْ بِالتَّيَمُّمِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفَارَقَ صِحَّةَ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ فِي الصَّلَوَاتِ بِحُرْمَةِ الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (وَجَوَازَهَا) مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى ضَمِيرِ زَادَهُ دُفِعَ بِهِ مَا مَرَّ بِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (مَنْزِلَةَ الْإِمَامِ) عُلِمَ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْمَسَافَةِ وَعَدَمُ الْحَائِلِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ تُكْرَهُ الْمُسَاوَاةُ. وَتَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ مَا الْمُرَادُ بِالْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ؟ وَكَيْفِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا سَائِرَةٌ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) لَوْ قَدَّمَ الشَّارِحُ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَجَعَلَهُ جَوَابًا عَنْ الْمُصَنِّفِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا.
قَوْلُهُ: (مُسْتَحَبَّةٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
ــ
[حاشية عميرة]
فَعَنْ الْحَاضِرِ. وَفِي الصَّوْمِ كَأَنْ يَنْوِيَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إنْ كَانَ مِنْهُ، وَفِي الْحَجِّ كَأَنْ يَنْوِيَ إحْرَامًا كَإِحْرَامِ زَيْدٍ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ تَتَعَيَّنُ الْكَيْفِيَّةُ الْأُولَى إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ لِاجْتِمَاعِهِمْ يُخْشَى مِنْهُ التَّغَيُّرُ، وَاعْتَرَضَ مَسْأَلَةَ اخْتِلَاطِ الشُّهَدَاءِ بِأَنَّ غُسْلَهُ حَرَامٌ فَدَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ فِعْلٍ حَرَامٍ وَتَرْكٍ وَاجِبٍ، قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ امْتِنَاعُ الْغُسْلِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَاخْتِلَاطُ الشُّهَدَاءِ إلَخْ) أَيْ وَلَكِنْ فِي الدُّعَاءِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَيُطْلِقُ، وَلَا يَقُولُ: إنْ كَانَ غَيْرَ شَهِيدٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَقَدَّمَ غُسْلُهُ) أَيْ كَصَلَاةِ الْمَيِّتِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ الْمَأْثُورُ. قَوْلُهُ: (لِفَقْدِ الشَّرْطِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ مُشْكِلٌ وَالْقِيَاسُ وُجُوبُ الْمُمْكِنِ كَمَا فِي الْحَيِّ.
قَوْلُهُ: (وَجَوَازَهَا) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْجِنَازَةِ الْحَاضِرَةِ) فِي الْقُوتِ لَوْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ وَهِيَ سَائِرَةٌ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَفِي صِحَّتِهَا وَجْهَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ طَرِيقَيْنِ أَصَحُّهُمَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَقَدُّمِ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ، وَالثَّانِيَةُ الْقَطْعُ بِالْجَوَازِ.
(فَرْعٌ) لَوْ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ لِكَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ اعْتِبَارًا بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ. قَوْلُهُ: (قَالَ: وَلَا تَنْفُذُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَجَمَاعَةٌ) لَعَلَّ الْإِمَامَ مِنْهُمْ، فَإِنَّ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا سَلَفَ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ