للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالتَّالِفِ فَيُعْطَى صَاحِبُهُ قِيمَتَهُ (أَوْ وَقَعَ فِيهِ) أَيْ فِي الْقَبْرِ (مَالٌ) خَاتَمٌ أَوْ غَيْرُهُ فَيَجِبُ نَبْشُهُ لِأَخْذِهِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَكَذَا أَطْلَقَهُ أَصْحَابُنَا وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا طَلَبَهُ صَاحِبُهُ، وَلَمْ يُوَافِقُوهُ عَلَى التَّقْيِيدِ. (أَوْ دُفِنَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) فَيَجِبُ نَبْشُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ وَتَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. (لَا لِلتَّكْفِينِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ السَّتْرُ وَقَدْ سَتَرَهُ التُّرَابُ، وَالِاكْتِفَاءُ بِهِ أَوْلَى مِنْ هَتْكِ حُرْمَتِهِ بِالنَّبْشِ، وَالثَّانِي يَقِيسُهُ عَلَى الْغُسْلِ.

(وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ جَمَاعَةٌ بَعْدَ دَفْنِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ سَاعَةً يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثْبِيتَ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ» . وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْكُثَ عَلَى الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ سَاعَةً يَدْعُو لِلْمَيِّتِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَالرَّافِعِيُّ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْ يَقِفَ عَلَى الْقَبْرِ

ــ

[حاشية قليوبي]

كَانَ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مَا يُكَفَّنُ فِيهِ، لَوْ نُبِشَ غَيْرُ الثَّوْبِ الَّذِي كُفِّنَ فِيهِ لَمْ يَجُزْ نَبْشُهُ. قَوْلُهُ: (وَقَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ قَيَّدَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ الْوُجُوبَ بِالطَّلَبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَعِنْدَ عَدَمِ الطَّلَبِ يَجُوزُ وَلَا يَجِبُ، وَحَمْلُ الشَّارِحِ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ الْإِطْلَاقِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَلَوْ بَلَعَ مَالَ نَفْسِهِ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حَرُمَ نَبْشُهُ، وَحَرُمَ شَقُّ جَوْفِهِ لِإِخْرَاجِهِ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَطْلُبْهُ صَاحِبُهُ وَإِلَّا وَجَبَ أَوْ إنْ ضَمِنُوهُ لِصَاحِبِهِ، وَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِنْ عَدَمِ النَّبْشِ مَعَ الضَّمَانِ لَمْ يُوَافِقْ هُوَ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ) وَمِنْهُ الِاسْتِلْقَاءُ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ دُفِنَ فِي مَسْجِدٍ نُبِشَ مُطْلَقًا وَأُخْرِجَ مِنْهُ، وَيَحْرُمُ نَبْشُ لَحْدِ مَيِّتٍ، أَوْ فَتْحُ فَسْقِيَّةٍ لِدَفْنِ مَيِّتٍ آخَرَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَيَحْرُمُ إزَالَةُ عِظَامِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ عَنْ مَحَلِّهَا كَذَلِكَ، أَمَّا بَعْدَ الِانْدِرَاسِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا وَلَوْ ظَهَرَ عِظَامُ مَيِّتٍ قَبْلَ تَمَامِ حَفْرِ الْقَبْرِ وَجَبَ رَدْمُهُ وَسِتْرُهَا، أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ وُضِعَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (لَا لِلتَّكْفِينِ) أَيْ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ لَهُ وَلَا لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَلَا لِدَفْنِهِ فِي الْحَرِيرِ وَإِنْ حَرُمَ.

(فَرْعٌ) قَدْ يُنْبَشُ الْمَيِّتُ فِي صُوَرٍ: كَحَامِلٍ رُجِيَ حَيَاةُ جَنِينِهَا فَتُنْبَشُ وَيُشَقُّ جَوْفُهَا مِنْ غَيْرِ إخْرَاجٍ لَهَا مِنْ الْقَبْرِ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ، وَيُخْرَجُ الْجَنِينُ وَكَذَا قَبْلَ دَفْنِهَا، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ حَيَاتُهُ تُرِكَ دَفْنُهَا حَتَّى يَمُوتَ، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: يُوضَعُ عَلَى بَطْنِهَا شَيْءٌ ثَقِيلٌ لِيَمُوتَ، وَكَتَعْلِيقِ طَلَاقٍ، أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَذْرٍ عَلَى مَوْلُودٍ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ، وَدُفِنَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهَا، وَكَدَعْوَى زَوْجِيَّةٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ عَلَى مَيِّتٍ دُفِنَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِحَالِهِ فَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً، فَإِنْ ظَهَرَ خُنْثَى قُدِّمَتْ زَوْجِيَّةُ الرَّجُلِ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ. وَكَلُحُوقِ نَدَاوَةٍ أَوْ سَيْلٍ، وَكَاخْتِلَافِ وَرَثَةٍ فِي ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ لِلْإِرْثِ، وَكَدَعْوَى جَانٍ شَلَلَ عُضْوٍ كَإِصْبَعٍ خِلْقَةً، وَكَتَدَاعِي اثْنَيْنِ مَجْهُولًا لِعَرْضِهِ عَلَى قَائِفٍ، وَكَزِيَادَةِ كَفَنٍ فِي الْعَدَدِ لَا فِي الصِّفَةِ إذَا طَلَبَهُ الْوَرَثَةُ، وَكَوَضْعِ الْأَمْوَاتِ عَلَى بَعْضِهَا كَالْأَمْتِعَةِ، وَلَا يُنْبَشُ لِشَهَادَةٍ عَلَى صُورَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(تَنْبِيهَاتٌ) يَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَسْبُوقِ بِالْحُضُورِ مَعَهُ مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهِ قِيرَاطٌ مِنْ الْأَجْرِ. وَفِي الْحَدِيثِ: " إنَّهُ كَجَبَلٍ " أُحُدٍ أَوْ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ، فَإِنَّ اسْتَمَرَّ مَعَهُ إلَى تَمَامِ الدَّفْنِ لَا الْمُوَارَاةِ فَقَطْ حَصَلَ لَهُ قِيرَاطٌ آخَرُ مِثْلُهُ، وَيَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ مَعَ الْحُضُورِ مَعَهُ إلَى تَمَامِ الدَّفْنِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ قَبْلَهَا قِيرَاطٌ فَقَطْ، وَلَا يَحْصُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْحُضُورِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا قِيرَاطٌ دُونَ قِيرَاطِ مَنْ حَضَرَ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ بَلْ نَقَلَ أَنَّ تِلْكَ النُّسْخَةَ مَرْجُوعٌ عَنْهَا.

وَفِي ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ مُوَافَقَةُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى عَلَى جَنَائِزَ صَلَاةً وَاحِدَةً تَعَدَّدَ الْقِيرَاطُ بِعَدَدِهِمْ، انْتَهَى. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ: وَمَحَلُّهُ إنْ شَيَّعَ كُلًّا مِنْهُمْ إلَى تَمَامِ دَفْنِهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحَاضِرِ لَا الْغَائِبِ وَالْقَبْرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ.

(فَرْعٌ) لَا يُسْأَلُ غَيْرُ بَالِغٍ وَلَا شَهِيدٌ وَلَا نَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَكْلِيفٌ، وَغَيْرُ هَؤُلَاءِ يُسْأَلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ دَفْنِهِ) وَبَعْدَ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ أَوْلَى، وَكَذَا التَّلْقِينُ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ عَلَى مَنْ يُسْأَلُ فِي قَبْرِهِ وَإِنْ كَانَ بِدْعَةً، وَإِعَادَتُهُ ثَلَاثًا مَنْدُوبَةٌ أَيْضًا.

ــ

[حاشية عميرة]

شَيْئًا وَلَا شَكَّ فِي نَبْشِهِ إنْ ضَيِّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ وَنَحْوِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُضَيِّقْ فَفِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ النَّبْشُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ إلَخْ) يُسَنُّ أَيْضًا التَّلْقِينُ فَيُقَالُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مِنْ فِي الْقُبُورِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>