للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَسْتَغْفِرَ لِلْمَيِّتِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

(وَ) يُسَنُّ (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ تَهْيِئَةُ طَعَامٍ يُشْبِعُهُمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) لِشُغْلِهِمْ بِالْحُزْنِ عَنْهُ (وَيُلَحُّ عَلَيْهِمْ فِي الْأَكْلِ) نَدْبًا لِئَلَّا يَضْعُفُوا بِتَرْكِهِ. (وَيَحْرُمُ تَهْيِئَتُهُ لِلنَّائِحَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَقَوْلُهُ لِجِيرَانِ أَهْلِهِ أَحْسَنُ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ لِجِيرَانِهِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَيِّتُ فِي بَلَدٍ وَأَهْلُهُ فِي غَيْرِهِ وَالْأَبَاعِدُ مِنْ قَرَابَتِهِ كَالْجِيرَانِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَاءَ خَبَرُ قَتْلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ «اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا فَقَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَمُؤْتَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْكَرْكِ وَقُتِلَ جَعْفَرٌ فِي جُمَادَى سَنَةَ ثَمَانٍ.

ــ

[حاشية قليوبي]

وَمِنْهُ أَنْ يَقُولَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا، وَيَجْلِسُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِ الْقَبْرِ، وَيَنْبَغِي كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَمِنْ أَقَارِبِهِ أَوْلَى. وَنِسْبَتُهُ إلَى أُمِّهِ بِقَوْلِهِ ابْنَ أَمَةِ اللَّهِ دُونَ أَبِيهِ سَتْرًا عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.

وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ دُعَاءُ النَّاسِ بِآبَائِهِمْ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَقَيَّدَهُ بِغَيْرِ وَلَدِ الزِّنَى وَالْمَنْفِيِّ قَالَ عَلِيٌّ: إنَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ ابْنُ فُلَانٍ، أَوْ فُلَانٌ ابْنُ أَمَةِ اللَّهِ انْتَهَى.

وَفِي ذَلِكَ مَيْلٌ إلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا أَوَّلًا نَظَرًا لِلسَّتْرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ يَدْعُو النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأُمَّهَاتِهِمْ سَتْرًا مِنْهُ عَلَى عِبَادِهِ» ، انْتَهَى بِلَفْظِهِ، وَهَذَا مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ عَنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ بِنَحْوِ دُعَاءِ بَعْضِ أَفْرَادٍ بِآبَائِهِمْ لِتَشْرِيفٍ أَوْ تَخْصِيصٍ أَوْ إكْرَامٍ أَوْ نَحْوِهَا

. قَوْلُهُ: (لِجِيرَانِ أَهْلِهِ) وَكَذَا لِمَعَارِفِهِ وَلَوْ غَيْرَ جِيرَانٍ. قَوْلُهُ: (يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ) أَيْ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَإِنْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ الْمَكْرُوهِ فِعْلُهَا. كَمَا فِي الرَّوْضَةِ مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِمَّا يُسَمَّى بِالْكَفَّارَةِ، وَمِنْ صُنْعِ طَعَامٍ لِلِاجْتِمَاعِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ، وَمِنْ الذَّبْحِ عَلَى الْقَبْرِ، بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ حَرَامٌ إنْ كَانَ مِنْ مَالٍ مَحْجُورٍ وَلَوْ مِنْ التَّرِكَةِ، أَوْ مِنْ مَالِ مَيِّتٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[حاشية عميرة]

وَأَنَّك رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِيهِ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لَكِنَّهُ اُعْتُضِدَ بِشَوَاهِدَ، وَأَنَّ الْمُلَقِّنَ يَجْلِسُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَأَنَّ الطِّفْلَ وَنَحْوَهُ لَا يُلَقَّنُ. زَادَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَوَائِدِ رِحْلَتِهِ عَنْ شَرْحِ الْوَسِيطِ لِفَخْرِ الدِّينِ بْنِ الْوَجِيهِ وَجْهَيْنِ: فِي أَنَّ التَّلْقِينَ قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ أَوْ بَعْدَهَا قَالَ: وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ.

وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: التَّلْقِينُ بِدْعَةٌ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ.

(فَرْعٌ) قَالَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ: يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ التَّلْقِينِ ثَلَاثًا وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢] وَنَحْوُهُ لِأَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ. قَوْلُ الْمَتْن: (وَلِجِيرَانِ أَهْلِهِ تَهْيِئَة إِلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَنْ يَقِف.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلِجِيرَانِ أَهْلِهِ تَهْيِئَةُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى أَنْ يَقِفَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>