للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيَأْتِي، وَالْقَدِيمُ لَا يُؤْخَذُ عَنْهَا إلَّا كَبِيرَةٌ لَكِنْ دُونَ الْكَبِيرَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْكِبَارِ فِي الْقِيمَةِ. وَحَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ أَيْضًا وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجْتَهِدُ السَّاعِي فِي غَيْرِ الْغَنَمِ وَيَحْتَرِزُ عَنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَيَأْخُذُ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَصِيلًا فَوْقَ الْمَأْخُوذِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ فَوْقَ الْمَأْخُوذِ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ.

وَلَوْ انْقَسَمَتْ الْمَاشِيَةُ إلَى صِغَارٍ وَكِبَارٍ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وُجُوبُ كَبِيرَةٍ فِي الْجَدِيدِ، وَفِي الْقَدِيمِ تُؤْخَذُ كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ (وَلَا) تُؤْخَذُ (رُبَّى وَأَكُولَةٌ) وَهُمَا كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ الْحَدِيثَةُ الْعَهْدُ بِالنِّتَاجِ وَالْمُسَمَّنَةُ لِلْأَكْلِ (وَحَامِلٌ وَخِيَارٌ إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ) بِذَلِكَ. وَالرُّبَى يُطْلَقُ عَلَيْهَا الِاسْمُ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ وِلَادَتِهَا. وَالْجَوْهَرِيُّ عَنْ الْأُمَوِيِّ: إلَى شَهْرَيْنِ. وَحُكِيَ خِلَافًا فِي أَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْمَعْزِ أَوْ تُطْلَقُ عَلَى الضَّأْنِ أَيْضًا. قَالَ: وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْإِبِلِ قَالَ غَيْرُهُ وَالْبَقَرُ

(وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ فِي مَاشِيَةِ) نِصَابٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ. (زَكَّيَا كَرَجُلٍ) وَاحِدٍ (وَكَذَا لَوْ خَلَطَا مُجَاوَرَةً) لَكِنْ (بِشَرْطِ أَنْ لَا تَتَمَيَّزَ) مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا عَنْ مَاشِيَةِ الْآخَرِ (فِي الْمُشْرَعِ) أَيْ مَوْضِعِ الشُّرْبِ بِأَنْ تُسْقَى مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ نَهْرٍ أَوْ عَيْنٍ

ــ

[حاشية قليوبي]

فِي الْمَعْزِ وَاضِحٌ، وَفِي غَيْرِهِ بِمَوْتِ الْأُمَّهَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ، وَمَحَلُّ إجْزَاءِ الصَّغِيرَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْجِنْسِ. أَمَّا الشَّاةُ الْمَأْخُوذَةُ عَنْ الْإِبِلِ الصِّغَارِ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا تُجْزِئُ عَنْ الْكِبَارِ. قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْغَنَمِ) أَمَّا الْغَنَمُ فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالْعَدَدِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَسْوِيَةٍ بَيْنَ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ.

قَوْلُهُ: (وُجُوبُ كَبِيرَةٍ) أَيْ مَعَ رِعَايَةِ الْقِيمَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الْقِيَاسِ، وَإِنْ لَمْ تُوفِ تَمَّمَ بِنَاقِصَةٍ. كَذَا فِي الْمَنْهَجِ، وَلَعَلَّهُ فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ مَا يُخْرِجُهُ وَنَقَصَتْ قِيمَةُ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ الصِّحَاحِ عَنْ الْوَاجِبِ فَيُكْمِلُ بِجُزْءٍ مِنْ مَرِيضَةٍ، وَلَوْ غَيْرَ مُتَوَسِّطَةٍ لِأَنَّ التَّوَسُّطَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا انْفَرَدَتْ فَتَأَمَّلْ. وَمَعْنَى رِعَايَةِ الْقِيمَةِ عَنْ الْجَدِيدِ أَنْ تُعْرَفَ قِيمَةُ الْكَبِيرَةِ مِنْهَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا كِبَارًا، أَوْ قِيمَةُ الصَّغِيرَةِ مِنْهَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا صِغَارًا. وَيُؤْخَذُ كَبِيرَةٌ تُسَاوِي مَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ فِي الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَعَلَى الْقَدِيمِ بِاعْتِبَارِ نِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ جُمْلَةِ الْكِبَارِ مَعَ قِيمَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الصِّغَارِ فَافْهَمْ. قَوْلُهُ: (رُبَّى) بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُرَبِّي وَلَدَهَا وَجَمْعُهَا رُبَّاتٌ، وَمَصْدَرُهَا رِبَّاتٌ بِالْكَسْرِ، وَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا كَذَلِكَ أُخِذَ مِنْهَا كَمَا عُلِمَ.

قَوْلُهُ: (وَخِيَارٌ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ.

ــ

[حاشية عميرة]

إلَخْ) دَلِيلُهُ وَدَلِيلُ نَحْوِهِ مِمَّا سَلَفَ قَوْله تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] وَيَخُصُّ مَسْأَلَتَنَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُوا مِنِّي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ لَقَاتَلْتهمْ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الثَّلَاثِ) يُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ، لَكِنْ فِي الْمَعْزِ وَالْبَقَرِ، لِأَنَّ وَاجِبَهَا مَا لَهُ سَنَتَانِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمُرَادُهُ فِي الْبَقَرِ أَنْ يَبْلُغَ قَدْرًا، يَكُونُ الْوَاجِبُ فِي أَصْلِهِ مُسِنَّةً كَالْأَرْبَعِينَ، وَإِلَّا فَالثَّلَاثُونَ فَيَجِبُ فِيهَا تَبِيعٌ وَهُوَ مَا لَهُ سَنَةٌ، وَحِينَئِذٍ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْبَقَرِ يُتَصَوَّرُ فِي الْإِبِلِ أَيْضًا، كَانَ بِمِلْكِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ أَوْلَادَ مَخَاضٍ فَيَجِبُ صَغِيرَةٌ أَزْيَدَ قِيمَةً مِنْ الْمَأْخُوذَةِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَكَ أَنْ تَعْتَذِرَ عَنْ اقْتِصَارِ الشَّارِحِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ عَلَى التَّصْوِيرِ بِالْمَوْتِ، بِأَنَّ غَرَضَهُمْ صِغَارٌ لَيْسَتْ مِنْ أَسْنَانِ الزَّكَاةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إلَّا بِمَوْتِ الْأُصُولِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ الْغَنَمِ) أَيْ أَمَّا الْغَنَمُ فَلَا يُؤَدِّي فِيهَا ذَلِكَ إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهَا بِالْعَدَدِ. وَلِذَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّ الْجُمْهُورَ قَطَعُوا فِيهَا بِالْأَخْذِ. قَوْلُهُ: (وُجُوبُ كَبِيرَةٍ) أَيْ بِالْقِسْطِ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّصْحِيحِ لِابْنِ قَاضِي عَجْلُونٍ، وَحِينَئِذٍ فَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ. قَوْلُهُ الْمَتْنِ: (وَخِيَارٌ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَتْ الْمَاشِيَةُ كُلُّهَا خِيَارًا أُخِذَ مِنْهَا الْفَرْضُ إلَّا الْحَوَامِلَ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا الْحَامِلُ، وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ حَوَامِلَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزَّكَاةِ إلَخْ) تُسَمَّى هَذِهِ خُلْطَةُ الشُّيُوعِ وَخُلْطَةُ الْأَعْيَانِ، وَالْآتِيَةُ خُلْطَةُ جِوَارٍ وَخُلْطَةُ أَوْصَافٍ. قَوْلُهُ: (وَاحِدٍ) بِقِيَاسِ الْأُولَى عَلَى خُلْطَةِ الْجُوَارِ ثُمَّ الْخُلْطَةِ قَدْ تُفِيدُ تَخْفِيفًا، كَمَا فِي ثَمَانِينَ شَاةً بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ تَثْقِيلًا كَأَرْبَعِينَ كَذَلِكَ، أَوْ تَخْفِيفًا عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَثْقِيلًا عَلَى الْآخَرِ، كَأَنْ مَلَكَا سِتِّينَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَاهَا وَلِلْآخَرِ ثُلُثُهَا، وَقَدْ لَا تُفِيدُ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَمِائَتَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَتْنِ الْخُلْطَتَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا لَوْ خَلَطَا مُجَاوَرَةً) اسْتَدَلَّ عَلَى صِدْقِ اسْمِ الْخُلْطَةِ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي} [ص: ٢٤] الْآيَةَ عَقِبَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} [ص: ٢٣] قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِشَرْطِ إلَخْ) أَيْ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْمُجَاوَرَةِ فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>