أَوْ بِئْرٍ أَوْ حَوْضٍ أَوْ مِنْ مِيَاهٍ مُتَعَدِّدَةٍ. (وَالْمَسْرَحِ) الشَّامِلِ لِلْمَرْعَى أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَسْرَحُ إلَيْهِ لِتَجْتَمِعَ وَتُسَاقُ إلَى الْمَرْعَى وَالْمَوْضِعُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ لِأَنَّهَا مُسَرَّحَةٌ إلَيْهَا كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَسْرَحِ وَالْمَرْعَى كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَكَانَ أَوْضَحَ. (وَالْمُرَاحِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَأْوَاهَا لَيْلًا (وَمَوْضِعِ الْحَلَبِ) بِفَتْحِ اللَّامِ مَصْدَرٌ. وَحُكِيَ سُكُونُهَا وَهُوَ الْمَحْلَبُ بِفَتْحِ الْمِيمِ. (وَكَذَا الرَّاعِي وَالْفَحْلُ فِي الْأَصَحِّ) وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ فِي الْفَحْلِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الرَّاعِي، وَلَا بَأْسَ بِتَعَدُّدِهِ لَهُمَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْفُحُولُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أَمْ مَمْلُوكَةً لِأَحَدِهِمَا أَمْ مُسْتَعَارَةً. وَظَاهِرُ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْفَحْلِ فِيمَا يُمْكِنُ بِأَنْ تَكُونَ مَاشِيَتُهُمَا نَوْعًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (لَا نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فِي الْأَصَحِّ) وَلَا يُشْتَرَطُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْحَالِبِ وَالْمَحْلَبِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْإِنَاءِ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، فَمَجْمُوعُ الشَّرْطِ بِاتِّفَاقٍ وَاخْتِلَافِ عَشَرَةٍ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُلْطَةَ مُؤَثِّرَةٌ مَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ فِي كِتَابِ أَبِي بَكْرٍ السَّابِقِ ذِكْرُهُ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. وَفِي حَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيّ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَالْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا فِي الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي، نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ لَكِنْ ضُعِّفَ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَيَخْلِطَاهَا وَمِنْ مُقَابِلِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا أَرْبَعُونَ فَيُفَرِّقَاهَا فَخَلْطُ عِشْرِينَ بِمِثْلِهَا يُوجِبُ الزَّكَاةَ وَأَرْبَعِينَ بِمِثْلِهَا يُقَلِّلُهَا وَمِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ بِمِثْلِهَا يُكْثِرُهَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الرَّاعِي وَالْفَحْلِ يُنْظَرُ إلَى أَنَّ الِافْتِرَاقَ فِيهِمَا لَا يَرْجِعُ إلَى نَفْسِ الْمَالِ بِخِلَافِهِ فِيمَا قَبْلَهُمَا، عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ مَوْضِعِ الْإِنْزَاءِ وَالْمُشْتَرَطُ لِنِيَّةِ الْخُلْطَةِ. قَالَ: الْخُلْطَةُ تُغَيِّرُ أَمْرَ الزَّكَاةِ بِالتَّكْثِيرِ أَوْ التَّقْلِيلِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْثِرَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ وَرِضَاهُ، وَلَا أَنْ يُقَلِّلَ إذَا لَمْ يَقْصِدْهُ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ الْفُقَرَاءِ وَدُفِعَ بِأَنَّ الْخُلْطَةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ مِنْ جِهَةِ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ بِاتِّحَادِ الْمَرَافِقِ. وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِالْقَصْدِ وَعَدَمِهِ وَقَوْلُهُ أَهْلُ الزَّكَاةِ احْتِرَازٌ
ــ
[حاشية قليوبي]
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ عُيُوبَ الزَّكَاةِ خَمْسَةٌ الْمَرَضُ وَالْعَيْبُ وَالذُّكُورَةُ وَالصِّغَرُ وَرَدَاءَةُ النَّوْعِ. وَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا خِيَارًا أُخِذَ مِنْهَا الْخِيَارُ إلَّا الْحَامِلُ فَلَا تُؤْخَذُ، وَإِنْ كَانَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا حَوَامِلَ فَإِنْ رَضِيَ بِدَفْعِهَا جَازَ أَخْذُهَا هُنَا وَإِنْ لَمْ تُجْزِئْ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَلَوْ دَفَعَ الْمَالِكُ الْخِيَارَ عَنْ غَيْرِهِ فَحَسَنٌ. قَوْلُهُ: (نِصَابٍ) خَرَجَ بِهِ دُونَ النِّصَابِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ آخَرُ أَوْ مَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ فَتَلْزَمُهُ وَحْدَهُ، فَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عِشْرُونَ شَاةً فَخَلَطَاهَا إلَّا شَاتَيْنِ فَلَا خُلْطَةَ وَلَا زَكَاةَ إلَّا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عِشْرُونَ أُخْرَى، أَوْ أَكْثَرُ فَتَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَتُسَاقُ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ الْمَمَرِّ بَيْنَهُمَا أَيْضًا. وَكَذَا الْمَحَلُّ الَّذِي تُوقَفُ فِيهِ عِنْدَ إرَادَةِ سَقْيِهَا أَوْ تُنَحَّى إلَيْهِ لِيَشْرَبَ غَيْرُهَا. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ جُمْلَةَ الشُّرُوطِ عَشْرَةٌ هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا يُنَافِي مَا زَادَهُ عَلَيْهِ، وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَشَرَةِ سَبْعَةٌ الْمُشْرَعُ وَالْمَسْرَحُ وَالْمُرَاحُ، وَمَوْضِعُ الْحَلْبِ وَالرَّاعِي، وَالْفَحْلُ وَالْمَرْعَى وَالْمَحْلَبُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ وَنِيَّةُ الْخُلْطَةِ وَاتِّحَادُ الْحَالِبِ، وَإِنَاءُ الْحَلْبِ وَيُزَادُ اشْتِرَاطُ مَوْضِعِ الْإِنْزَاءِ اتِّفَاقًا وَدَوَامُ الشَّرِكَةِ وَالْخُلْطَةِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، كَمَا سَيَأْتِي عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَغَيْرِهِ. وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي مَوْضِعِ الْجُزْءِ مَثَلًا اتِّحَادُهُ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَوَاءٌ إلَخْ) فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَخْتَصَّ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ بِفَحْلٍ، وَكَذَا الرَّاعِي. قَوْلُهُ: (فِي الْحَالِبِ) وَلَا فِي جَزِّ الصُّوفِ وَلَا فِي خَلْطِ اللَّبَنِ أَوْ الصُّوفِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْمَعُ) أَنْ يُكْرَهَ ذَلِكَ فَهُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْمَالِكِ وَالسَّاعِي.
قَوْلُهُ: (خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ) أَيْ خَشْيَةَ سُقُوطِهَا أَوْ قِلَّتِهَا أَوْ وُجُوبِهَا أَوْ كَثْرَتِهَا كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (فَيَخْلِطَاهَا) أَيْ لِتَقِلَّ فَالْمَالِكُ مَنْهِيٌّ عَنْ الْجَمْعِ خَشْيَةَ الْكَثْرَةِ بِالتَّفْرِيقِ، وَلَوْ كَانَتْ مَخْلُوطَةً فَالسَّاعِي مَنْهِيٌّ عَنْ طَلَبِ التَّفْرِيقِ خَشْيَةَ الْقِلَّةِ بِدَوَامِ الْجَمْعِ. قَوْلُهُ: (فَيُفَرِّقَاهَا) أَيْ خَشْيَةَ الْوُجُوبِ بِدَوَامِ الْخَلْطِ فَالْمَالِكُ مَنْهِيٌّ عَنْ التَّفْرِيقِ الْمُسْقِطِ لَهَا، وَالسَّاعِي مَنْهِيٌّ عَنْ طَلَبِ الْجَمْعِ فِيهَا لَوْ كَانَتْ مُفَرَّقَةً خَشْيَةَ سُقُوطِهَا بِدَوَامِ التَّفْرِيقِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ لِلْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ وَيُشْتَرَطُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، فَهُوَ عِلَاوَةٌ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ إذْ كَيْفَ لَا يَقُولُ بِاتِّحَادِ الْفَحْلِ مَعَ اعْتِبَارِهِ مَوْضِعَ الْإِنْزَاءِ أَيْ طَرُوقَ الْفَحْلِ. وَيَصِحُّ جَعْلُ الضَّمِيرِ لِلشَّأْنِ
[حاشية عميرة]
قَوْلُهُ: (أَيْ مَوْضِعُ الشُّرْبِ) يُقَالُ بَعِيرٌ شَارِعٌ أَيْ وَارِدُ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَحْلَبُ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَمَوْضِعُ الْحَلْبِ. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ جَعَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ مُفَرَّعًا عَلَى الثَّانِي، وَكَذَا رَأَيْته فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ، لَكِنَّهُ قَالَ عَقِبَهُ: هَكَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ، قَالَ: أَعْنِي السُّبْكِيَّ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا قُلْنَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْفَحْلِ وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِ بِمَوْضِعِ الْحَلْبِ، أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَمَا أَنَّ مَوْضِعَ الْحَلْبِ يُشْتَرَطُ شَرْطُنَا اتِّحَادَ الْحَالِبِ أَمْ لَا اهـ.
قَوْلُهُ: (مِنْ جِهَةِ خِفَّةِ الْمُؤْنَةِ إلَخْ) لَك أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute