عَنْ غَيْرِهِ. فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا أَوْ مُكَاتَبًا فَلَا أَثَرَ لِلِاشْتِرَاكِ وَالْخُلْطَةِ بَلْ إنْ كَانَ نَصِيبُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ نِصَابًا زَكَّاهُ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ دَوَامِ الِاشْتِرَاكِ وَالْخُلْطَةِ جَمِيعَ السَّنَةِ. فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ ثُمَّ خَلَطَا غُرَّةَ صَفَرٍ فَلَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الْجَدِيدِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْمُحَرَّمِ شَاةٌ.
وَفِي الْقَدِيمِ نِصْفُ شَاةٍ وَتَثْبُتُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا قَطْعًا. وَإِذَا خَلَطَا عِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ بِعِشْرِينَ وَأَخَذَ السَّاعِي شَاةً مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا لَا بِنِصْفِ شَاةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ مِثْلِيَّةٍ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسُونَ فَأَخَذَ السَّاعِي الشَّاتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ الْمِائَةِ رَجَعَ بِثُلُثِ قِيمَتِهِمَا أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ رَجَعَ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهِمَا، أَوْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً رَجَعَ صَاحِبُ الْمِائَةِ بِثُلُثِ قِيمَةِ شَاتِه وَصَاحِبُ الْخَمْسِينَ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ شَاتِه، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ. (وَالْأَظْهَرُ تَأْثِيرُ خُلْطَةِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالنَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ) بِاشْتِرَاطٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ لِعُمُومِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ. وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ. وَالثَّانِي لَا تُؤَثِّرُ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ فِيهَا مَا فِي خُلْطَةِ الْمَاشِيَةِ مِنْ نَفْعِ الْمَالِكِ تَارَةً بِتَقْلِيلِ الزَّكَاةِ وَالثَّالِثُ تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الِاشْتِرَاكِ فَقَطْ. وَقِيلَ لَا تُؤَثِّرُ خُلْطَةُ الْجُوَارِ فِي النَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ (بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ) أَيْ فِي خُلْطَةِ الْجُوَارِ (النَّاطُورُ) بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ حَافِظُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ (وَالْجَرِينُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ مَوْضِعُ تَجْفِيفِ التَّمْرِ (وَالدُّكَّانُ وَالْحَارِسُ وَمَكَانُ الْحِفْظِ وَنَحْوُهَا) كَالْمُتَعَهِّدِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَفُّ نَخِيلٍ أَوْ زَرْعٍ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ، أَوْ كِيسُ دَرَاهِمَ فِي صُنْدُوقٍ وَاحِدٍ أَوْ أَمْتِعَةِ تِجَارَةٍ فِي دُكَّانٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ وَالرَّافِعِيُّ عَلَّلَ تَأْثِيرَ الْخُلْطَةِ بِالِارْتِفَاقِ بِاتِّحَادِ النَّاطُورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَزَادَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اتِّحَادَ الْمَاءِ وَالْحِرَاثِ وَالْعَامِلِ وَجَذَّاذِ النَّخْلِ وَالْمُلَقِّحِ وَاللَّقَّاطِ وَالْحَمَّالِ وَالْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَالْمِيزَانُ لِلتَّاجِرَيْنِ فِي
ــ
[حاشية قليوبي]
وَبِنَاءً يُشْتَرَطُ لِلْمَفْعُولِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي اشْتِرَاطِهِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (جَمِيعَ السَّنَةِ) فَلَوْ افْتَرَقَ مَالُهُمَا زَمَانًا طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا بِحَيْثُ يَضُرُّ لَوْ عُلِفَتْ كَمَا يَأْتِي وَعَلِمَ بِهِ أَحَدُهُمَا، أَوْ هُمَا بَطَلَتْ الْخُلْطَةُ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَالَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا خُلْطَةَ بَيْنَ غَنَمٍ وَبَقَرٍ، وَذَكَرَهُ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ أَيْضًا فِي خُلْطَةِ الشُّيُوعِ وَالْجِوَارِ وَفِيهِ فِي الشُّيُوعِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَ حَوْلَاهُمَا كَأَنْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ، وَالْآخَرُ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ صَفَرٍ، وَخَلَطَاهَا غُرَّةَ رَبِيعٍ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ شَاةٌ انْتَهَى، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَمَّا إلْغَاءُ أَوَّلِ الْحَوْلِ الثَّانِي فِي مُتَقَدِّمِ الْمِلْكِ أَوْ حُسْبَانِ آخِرِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الْآخَرِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي اخْتِلَافِ الْمِلْكِ اعْتِبَارُ كُلِّ حَوْلٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ فَيَجِبُ عَلَى الْأَوَّلِ شَاةٌ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ، وَعَلَى الْآخَرِ شَاةٌ غُرَّةَ صَفَرٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَجِبُ نِصْفُ شَاةٍ عَلَى كُلٍّ فِي غُرَّةِ حَوْلِهِ. وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَ وَقْتُ الْمِلْكِ لِوَاحِدٍ كَأَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ صَفَرٍ، ثُمَّ أَرْبَعِينَ غُرَّةَ رَبِيعٍ فَيَجِبُ فِي غُرَّةِ الْمُحَرَّمِ شَاةٌ، وَفِي غُرَّةِ صَفَرٍ نِصْفُ شَاةٍ لِوُجُودِ خُلْطَةِ الْأَوَّلِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، وَفِي غُرَّةِ رَبِيعٍ ثُلُثُ شَاةٍ لِوُحُودِ خُلْطَةِ الْأَوَّلَيْنِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ثُلُثُ شَاةٍ فِي غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَأَخَذَ السَّاعِي إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نِيَّةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ كَافِيَةٌ عَنْ نِيَّةِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهِ فِي الدَّفْعِ بِخِلَافِ إخْرَاجِهِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرَكِ وَلَوْ عَنْ الْمُشْتَرَكِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ أَرْبَعُونَ مِنْ الْبَقَرِ، وَلِعَمْرٍو ثَلَاثُونَ مِنْهَا فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ زَيْدٍ مُسِنَّةً، وَمِنْ عَمْرٍو تَبِيعًا فَلَا تُرَاجَعُ عَلَى الرَّاجِحِ. قَوْلُهُ: (خُلْطَةِ الثَّمَرِ إلَخْ) بِاشْتِرَاكٍ أَوْ مُجَاوَرَةٍ كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ. كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَرَاجِعْهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ: لَا تُؤَثِّرُ إلَخْ) حَكَاهُ بِقِيلِ إشَارَةً إلَى أَنَّهَا طَرِيقَةٌ مُقَابِلَةٌ لِلطَّرِيقَةِ الْأُولَى الْحَاكِيَةِ لِلْأَقْوَالِ.
قَوْلُهُ: (مَوْضِعُ تَجْفِيفِ الثَّمَرِ) هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ شَامِلٌ لِلزَّبِيبِ وَلِلتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ فَهُوَ مُرَادِفٌ لِلْمِرْبَدِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ دَالٌ مُهْمَلَةٌ، وَقِيلَ: الْجَرِينُ لِلزَّبِيبِ وَالْمُرِيدُ لِلتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ) قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَحَدٌ إلَّا النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ. قَوْلُهُ: (وَالْعَامِلَ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ: وَالْمُطَالِبُ بِالْأَمْوَالِ. قَوْلُهُ:
[حاشية عميرة]
تَقُولَ هَذَا قَدْ يُشْكَلُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُ قَصْدِ السَّوْمِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ السَّوْمَ لَمَّا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ أَصْلُ الْوُجُوبِ، اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ بِخِلَافِ الْخُلْطَةِ، وَلَا يُنْقَضُ بِمِثْلِ خَلْطِ عِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ بِعِشْرِينَ أُخْرَى لِأَنَّهُ فَرْدٌ نَادِرٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute