للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَقَرَةُ، أَوْ نَاعُورَةٍ وَهِيَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ (أَوْ بِمَاءٍ اشْتَرَاهُ) وَفِي مَعْنَاهُ الْمَغْصُوبُ لِوُجُوبِ ضَمَانِهِ وَالْمَوْهُوبُ لِعَظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَالْفَرْقُ ثِقَلُ الْمُؤْنَةِ فِي هَذَا وَخِفَّتُهَا فِي الْأَوَّلِ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْبُخَارِيِّ: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عُشْرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» . وَحَدِيثُ مُسْلِمٍ: «فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» . وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوْ النَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» . وَالْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ مَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّيْلِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْغَيْمُ الْمَطَرُ وَالسَّانِيَةُ وَالنَّاضِحُ اسْمٌ لِلْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ الَّذِي يُسْقَى عَلَيْهِ مِنْ الْبِئْرِ أَوْ النَّهْرِ وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ. (وَالْقَنَوَاتُ كَالْمَطَرِ عَلَى الصَّحِيحِ) فَفِي الْمَسْقِيِّ بِمَا يَجْرِي فِيهَا مِنْ النَّهْرِ الْعُشْرُ.

وَقِيلَ: نِصْفُهُ لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِيهَا وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ ذَلِكَ (وَ) وَاجِبُ (مَا سُقِيَ بِهِمَا) أَيْ بِالنَّوْعَيْنِ كَالنَّضْحِ وَالْمَطَرِ سَوَاءٌ (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) أَيْ الْعُشْرِ عَمَلًا بِوَاجِبِ النَّوْعَيْنِ (فَإِنْ غُلِبَ أَحَدُهُمَا فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ) فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْمَطَرَ فَالْوَاجِبُ الْعُشْرُ أَوْ النَّضْحَ فَنِصْفُ الْعُشْرِ (وَالْأَظْهَرُ بِقِسْطٍ) وَالْغَلَبَةُ وَالتَّقْسِيطُ (بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ) أَوْ الثَّمَرِ (وَنَمَائِهِ وَقِيلَ: بَعْدَهُ السَّقِيَّاتِ) وَالْمُرَادُ النَّافِعَةُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَاحْتَاجَ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ زَمَنَ الشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ إلَى سَقِيَّتَيْنِ، فَسُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَفِي شَهْرَيْنِ مِنْ زَمَنِ الصَّيْفِ إلَى ثَلَاثِ سَقِيَّاتٍ فَسُقِيَ بِالنَّضْحِ فَإِنْ اعْتَبَرْنَا عَدَدَ السَّقِيَّاتِ فَعَلَى قَوْلِ التَّوْزِيعِ يَجِبُ خُمُسَا الْعُشْرِ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَعَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ يَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّ عَدَدَ السَّقِيَّاتِ بِالنَّضْحِ أَكْثَرُ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الْمُدَّةَ فَعَلَى قَوْلِ التَّوْزِيعِ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ وَرُبْعُ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَعَلَى قَوْلِ اعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ يَجِبُ الْعُشْرُ لِأَنَّ مُدَّةَ السَّقْيِ بِمَاءِ السَّمَاءِ أَطْوَلُ. وَلَوْ سُقِيَ الزَّرْعُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالنَّضْحِ وَجُهِلَ مِقْدَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَجَبَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ.

أَوْ قِيلَ: نِصْفُ الْعُشْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِي السَّقْيِ بِمَاءَيْنِ أَنَشَأَ الزَّرْعُ عَلَى قَصْدِ السَّقْيِ بِهِمَا أَمْ أَنْشَأَهُ قَاصِدًا السَّقْيَ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ عَرَضَ السَّقْيُ بِالْآخَرِ. وَقِيلَ: فِي الْحَالِ الثَّانِي يُسْتَصْحَبُ حُكْمُ مَا قَصَدَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالسَّاعِي فِي أَنَّهُ بِمَاذَا سُقِيَ صُدِّقَ الْمَالِكُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُسْتَحَبَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ مَسْقِيٌّ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَآخَرُ مَسْقِيٌّ بِالنَّضْحِ

ــ

[حاشية قليوبي]

مُعَرَّبٌ. وَيُقَالُ لَهُ: الْمَنْجَنُونُ وَالدَّالِيَةُ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، فَعَطْفُ الدَّالِيَةِ بَعْدَهُ مُرَادِفٌ. وَقِيلَ: الدَّالِيَةُ الْبَكَرَةُ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَسُمِّيَتْ دَالِيَةً لِأَنَّهَا تُدَلَّى إلَى الْمَاءِ لِتُخْرِجَهُ مِنْ الْأَسْفَلِ إلَى الْأَعْلَى. وَالنَّاعُورَةُ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ وَمِنْ النَّاضِحِ الْآلَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالشَّادُوفِ. قَوْلُهُ: (نِصْفَهُ) وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ كَالْعُشْرِ وَفَارَقَ النُّقُودَ بِدَوَامِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ النِّصْفُ كَمَا فِي الْمَعْلُوفَةِ لِكَثْرَةِ مُؤْنَةِ الْعَلَفِ غَالِبًا وَلِأَنَّ الْقُوتَ ضَرُورِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْقَنَوَاتُ كَالْمَطَرِ) وَمِثْلُهَا الْجُسُورُ الْمَعْرُوفَةُ، وَإِنْ احْتَاجَتْ لِلْإِصْلَاحِ كَثِيرًا. قَوْلُهُ: (عَيْشِ الزَّرْعِ) أَيْ مُدَّةَ بَقَائِهِ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ) أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحْكِيمُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَجُهِلَ

ــ

[حاشية عميرة]

فَائِدَةٌ: السَّيْحُ هُوَ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِسَبَبِ فَتْحِ مَكَان مِنْ النَّهْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا يُرِيدُهُ إلَخْ) كَأَنَّهُ عَلَى هَذَا يَرَى أَنَّ الدُّولَابَ مَا يُرِيدُهُ الشَّخْصُ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ إلَخْ) كَأَنَّهُ عَلَى هَذَا يَرَى أَنَّ الدُّولَابَ مَا يُدِيرُهُ الشَّخْصُ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَالسَّانِيَةُ) يُقَالُ: سَنَتْ النَّاقَةُ وَكَذَا السَّحَابُ يَسْنُو إذَا سَقَتْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْقَنَوَاتُ كَالْمَطَرِ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا إنَّمَا تُحْفَرُ لِإِصْلَاحِ الْقَرْيَةِ، فَإِذَا تَهَيَّأَتْ وَصَلَ مَاءُ النَّهْرِ إلَيْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْأُخْرَى بِخِلَافِ السَّقْيِ بِالنَّضْحِ.

وَقَالَ الْبَغَوِيّ: إنْ كَانَتْ تَنْهَارُ كَثِيرًا وَتَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْدَاثِ حَفْرٍ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَنِصْفُ الْعُشْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِوَى مُؤْنَةِ الْحَفْرِ الْأَوَّلِ، وَكَسَحَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَالْعُشْرُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَفِي قَوْلٍ يُعْتَبَرُ هُوَ وَالْأَظْهَرُ يُقَسَّطُ) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: هُمَا كَالْقَوْلَيْنِ فِي تَنَوُّعِ الْمَاشِيَةِ. قَوْلُهُ: (وَيُعَبَّرُ عَنْ الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْعَيْشَ هُوَ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ.

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ انْتِفَاعُ الزَّرْعِ بِالثَّلَاثِ فِي شَهْرَيْنِ، بِاعْتِبَارِ مَا حَصَلَ فِيهِ مِنْ النُّمُوِّ وَالزِّيَادَةِ مُسَاوِيًا لِمَا حَصَلَ فِي السَّنَةِ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ تَأْثِيرِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (يَجِبُ خُمُسَا الْعُشْرِ) جُمْلَةُ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْعُشْرِ وَنِصْفُ خُمُسِهِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يُشْتَرَطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>