للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَبْلُغْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا نِصَابًا ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِتَمَامِ النِّصَابِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْعُشْرُ فِي الْأَوَّلِ وَنِصْفُهُ فِي الْآخَرِ وَضُمَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَى الزَّرْعِ فِي ذَلِكَ التَّمْرِ.

(وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ فِيمَا تَقَدَّمَ (بِبُدُوِّ صَلَاحِ التَّمْرِ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ثَمَرَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَلَحٌ وَحِصْرِمٌ. (وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طَعَامٌ وَهُوَ قَبْلَ ذَلِكَ بَقْلٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الِاشْتِدَادِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الصَّلَاحِ فِي التَّمْرِ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِهِ كَبُدُوِّهِ فِي الْجَمِيعِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَاشْتِدَادُ بَعْضِ الْحَبِّ كَاشْتِدَادِ كُلِّهِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ قَوْلُهُ وَبُدُوُّ صَلَاحِ الثَّمَرِ ظُهُورُ مَبَادِئُ النُّضْجِ وَالْحَلَاوَةِ فِيمَا لَا يَتَلَوَّنُ، وَفِي غَيْرِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ فِي الْحُمْرَةِ أَوْ السَّوَادِ. وَأُسْقِطَ قَوْلُ الْمُحَرَّرِ هُنَا تَفْرِيعًا عَلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى أَوْ وَرِثَ نَخِيلًا مُثْمِرَةً وَبَدَا الصَّلَاحُ عِنْدَهُ كَانَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ لَا عَلَى مَنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِتَفْرِيعِهِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ بِمَا ذُكِرَ وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ فِي الْحَالِ، بَلْ الْمُرَادُ انْعِقَادُ سَبَبِ وُجُوبِ إخْرَاجِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْحَبِّ الْمُصَفَّى عَنْ الصَّيْرُورَةِ كَذَلِكَ وَلَوْ أُخْرِجَ فِي الْحَالِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ مِمَّا يَتَتَمَّرُ وَيَتَزَبَّبُ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَلَوْ أَخَذَهُ السَّاعِي لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَمُؤْنَةُ جِدَادِ التَّمْرِ وَتَجْفِيفُهُ وَحَصَادُ الْحَبِّ وَتَصْفِيَتُهُ مِنْ خَالِصِ مَالِ الْمَالِكِ لَا يُحْسَبُ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ.

(وَيُسَنُّ خَرْصُ الثَّمَرِ) الَّذِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ (إذَا بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ) لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَرْصِهِ فِي حَدِيثِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَوَّلَ الْبَابِ فَيَطُوفُ الْخَارِصُ بِكُلِّ نَخْلَةٍ وَيُقَدِّرُ مَا عَلَيْهَا رُطَبًا ثُمَّ تَمْرًا، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَعْضِ وَقِيَاسُ الْبَاقِي بِهِ وَإِنْ اتَّحَدَ النَّوْعُ جَازَ أَنْ يُخْرَصَ الْجَمِيعُ رُطَبًا ثُمَّ تَمْرًا (وَالْمَشْهُورُ إدْخَالُ جَمِيعِهِ فِي الْخَرْصِ) وَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ وَجَدِيدٍ يُتْرَكُ لِلْمَالِكِ ثَمَرُ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُهُ وَمُخْتَلِفُ ذَلِكَ بِقِلَّةِ عِيَالِهِ وَكَثْرَتِهِمْ وَيُقَاسُ بِالنَّخْلِ فِي ذَلِكَ كُلُّهُ الْكَرْمُ (وَأَنَّهُ يَكْفِي خَارِصٌ) وَاحِدٌ لِأَنَّ الْخَرْصَ يَنْشَأُ عَنْ اجْتِهَادٍ. وَفِي قَوْلٍ: لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ لِلْمَالِ فَيُشْبِهُ التَّقْوِيمَ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ. (وَشَرْطُهُ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ اثْنَيْنِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخَرْصِ. (الْعَدَالَةُ) فِي الرِّوَايَةِ. (وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ

ــ

[حاشية قليوبي]

مِقْدَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَوْ عُلِمَ كَثْرَةُ أَحَدِهِمَا وَجُهِلَتْ عَيْنُهُ، فَالْوَاجِبُ دُونَ الْعُشْرِ وَفَوْقَ نِصْفِهِ فَيَجِبُ إخْرَاجُ جُزْءٍ مُتَمَوَّلٍ زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ وَيُوقَفُ مَا زَادَ إلَى تَبَيُّنِ الْحَالِ.

قَوْلُهُ: (وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ إلَخْ) سَوَاءٌ تَأَخَّرَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا حَيْثُ اتَّحَدَ الْعَامُّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ، كَمَا بَحَثَهُ الْبُرُلُّسِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَحَرِّرْهُ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ: وَمُرَادُ الشَّارِحِ بِذِكْرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بُدُوِّ الصَّلَاحِ بُدُوُّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ إذْ لَيْسَ هُنَا غَيْرَ مُتَلَوِّنٍ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حَتَّى لَوْ اشْتَرَى) أَيْ شِرَاءً بِلَا خِيَارٍ أَوْ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ الْمَالِكُ لِلْمُشْتَرِي وَأَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُمَا وَقَفَتْ، فَمَنْ تَمَّ لَهُ الْمِلْكُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ. وَتَعَلُّقُ الزَّكَاةِ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ قَهْرًا فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَبَدَا صَلَاحُهَا قَبْلَهُ حَرُمَ الْقَطْعُ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهَا. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ نَحْوُ مُكَاتَبٍ وَبَدَا الصَّلَاحُ حِينَئِذٍ فَلَا زَكَاةَ عَلَى أَحَدِ قَوْلِهِ: (لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) أَيْ لِفَسَادِ الْقَبْضِ وَإِنْ تَتَمَّرَ أَوْ تَزَبَّبَ عِنْدَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ أَوْ بَدَلُهُ إنْ تَلِفَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْوَاجِبُ وَلَا مُشْتَمِلًا عَلَيْهِ، وَبِهَذَا فَارَقَ إجْزَاءَ تِبْرٍ فِيهِ قَدْرَ الْوَاجِبِ وَإِجْزَاءَ زَرْعٍ فِي سُنْبُلِهِ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ بِقَصْدِ الزَّكَاةِ لِنَحْوِ شَاعِرٍ أَوْ فَقِيرٍ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْوَاجِبِ، وَيَكُونُ نَحْوُ التِّبْنِ مُتَبَرِّعًا بِهِ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ بَعْضِهِمْ.

قَوْلُهُ: (خَرْصُ) وَالْخَرْصُ هُوَ الْقَوْلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَلْ بِالظَّنِّ وَالْحَزْرِ. قَوْلُهُ: (الثَّمَرِ) هُوَ بِالْمُثَلَّثَةِ الشَّامِلُ لِلْعِنَبِ وَالنَّخْلِ وَلَوْ مِنْ نَخِيلِ الْبَصْرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، سَوَاءٌ جَمَعَ أَنْوَاعَهُ أَوْ نَوْعًا مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بُدُوِّ صَلَاحِ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ. قَوْلُهُ: (يَكْفِي

ــ

[حاشية عميرة]

إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ وَيُشْتَرَطُ بُدُوُّ الِاشْتِدَادِ. قَوْلُهُ: (وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي بَعْضِهِ كَبُدُوِّهِ فِي الْجَمِيعِ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ إدْرَاكُ بَعْضِهَا جِدًّا بِسَبَبِ اخْتِلَافِ جِهَاتِ الْأَرْضِ، أَوْ أَنْوَاعِ الثِّمَارِ أَيْ إذَا كَانَ الضَّمُّ ثَابِتًا فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ أَنْوَاعًا مِنْ الثِّمَارِ وَاحِدٌ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا مَانِعَ مِنْ الْقَوْلِ بِهِ، إلَّا أَنَّهُ هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْبُسْتَانِ الْوَاحِدِ الظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ نَعَمْ. قَوْلُهُ: (وَفِي غَيْرِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الثِّمَارِ خَاصَّةً بِالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مِمَّا يَتَلَوَّنُ، وَلَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ عَلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ مِنْ حَيْثُ هُوَ

. قَوْلُ الْمَتْنِ: (خَرْصُ الثَّمَرِ) هُوَ فِي اللُّغَةِ الْقَوْلُ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَلْ بِالظَّنِّ وَالْحَزْرِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات: ١٠] وَفِي الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ حَزَرَ مَا يَجِيءُ عَلَى النَّخْلِ، أَوْ الْعِنَبِ تَمْرًا وَزَبِيبًا، وَالْمُرَادُ بِالثَّمَرِ فِي عِبَارَةِ الْكِتَابِ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ. قَوْلُهُ: (جَازَ أَنْ يُخْرَصَ إلَخْ) أَيْ يُخْرَصُ كُلُّ نَخْلَةٍ رُطَبًا ثُمَّ يُقَدَّرُ الْجَمِيعُ تَمْرًا هَذَا مُرَادُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>