لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. (لَمْ تُشْتَرَطْ) فِي حَقِّهِ. (نَفَقَةُ الْإِيَابِ) الْمَذْكُورَةُ مِنْ الزَّادِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ الْبِلَادَ فِي حَقِّ مِثْلِهِ مُتَقَارِبَةٌ، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُهَا لِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ، وَلِنَزْعِ النُّفُوسِ إلَى الْأَوْطَانِ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي اشْتِرَاطِ الرَّاحِلَةِ لِلرُّجُوعِ، وَسَيَأْتِي وَلَيْسَ الْمَعَارِفُ وَالْأَصْدِقَاءُ كَالْعَشِيرَةِ، لِأَنَّ الِاسْتِبْدَالَ بِهِمْ مُتَيَسِّرٌ
(فَلَوْ) لَمْ يَجِد مَا ذُكِرَ لَكِنْ (كَانَ يَكْتَسِبُ) فِي سَفَرِهِ (مَا يَفِي بِزَادِهِ) وَمُؤْنَتِهِ. (وَسَفَرُهُ طَوِيلٌ) أَيْ مَرْحَلَتَانِ فَأَكْثَرُ (لَمْ يُكَلَّفْ الْحَجُّ) ، لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ عَنْ الْكَسْبِ لِعَارِضٍ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَنْقَطِعُ فَالْجَمْعُ بَيْنَ تَعَبِ السَّفَرِ، وَالْكَسْبِ تَعْظُمُ فِيهِ الْمَشَقَّةُ، (وَإِنْ قَصَرَ) أَيْ السَّفَرِ. (وَهُوَ يَكْتَسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ كُلِّفَ) الْحَجَّ، بِأَنْ يَخْرُجَ لَهُ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَا يَكْسِبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ إلَّا كِفَايَةَ يَوْمِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْقَطِعُ عَنْ كَسْبِهِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ فَيَتَضَرَّرُ. (الثَّانِي) مِنْ الشُّرُوطِ، (وُجُودُ الرَّاحِلَةِ لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ) سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ أَمْ لَا لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ الْحَجُّ. (فَإِنْ لَحِقَتْهُ بِالرَّاحِلَةِ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ اُشْتُرِطَ وُجُودُ مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ. (وَاشْتُرِطَ شَرِيكٌ يَجْلِسُ فِي الشِّقِّ الْآخَرِ) فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الشَّرِيكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْحَجُّ، وَإِنْ وَجَدَ مُؤْنَةَ الْمَحْمِلِ بِتَمَامِهِ قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فِي رُكُوبِ الْمَحْمِلِ اُعْتُبِرَ فِي حَقِّهِ الْكَنِيسَةُ، وَأَطْلَقَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهَا الْمَحْمِلُ، لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا (وَمِنْ بَيْنِهِ وَبَيْنِهَا) أَيْ
ــ
[حاشية قليوبي]
الرَّوْضَةِ وَشَمِلَ الْأَهْلُ أَقَارِبَ الْأُمِّ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ وَعَدَمُ تَيَسُّرِ حِرْفَةٍ لَهُ بِالْحِجَازِ كَالْأَهْلِ. قَوْلُهُ: (وَلِنَزْعِ النُّفُوسِ) أَيْ شَوْقِهَا وَطَلَبِهَا لِلْوَطَنِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَكْتَسِبُ) أَيْ بِحَسَبِ عَادَتِهِ أَوْ ظَنِّهِ. قَوْلُهُ: (فِي يَوْمٍ) أَيْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ سَفَرِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا نَظَرَ لِمَا بَعْدَهُ وَلَا لِلْكَسْبِ فِي الْحَضَرِ. قَوْلُهُ: (كِفَايَةَ أَيَّامٍ) هِيَ أَيَّامُ سَفَرِهِ وَهِيَ مَا بَيْنَ زَوَالِ سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ إلَى زَوَالِ ثَالِثَ عَشْرَةَ لِمَنْ لَمْ يَنْفِرْ النَّفَرَ الْأَوَّلَ فَهِيَ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ وَيُعْتَبَرُ فِي الْعُمْرَةِ قَدْرُ مَا يَسَعُ أَعْمَالَهَا وَهُوَ نَحْوُ ثُلُثَيْ يَوْمٍ. قَوْلُهُ: (الرَّاحِلَةِ) أَيْ مَا يَلِيقُ بِهِ وَلَوْ آدَمِيًّا.
تَنْبِيهٌ: مِنْ وُجُودِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ مَا لِأَرْبَابِ وَظَائِفِ الرُّتَبِ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (مَكَّةَ) أَيْ لَا حَرَمَهَا.
قَوْلُهُ: (لِلْقَادِرِ) وَلَوْ أُنْثَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا كَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) هِيَ مَا لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً عِنْدَ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّرِيكِ أَنْ يَلِيقَ بِهِ مُجَالَسَتُهُ وَلَيْسَ بِهِ مُشَوِّهٌ نَحْوُ بَرَصٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى مُؤْنَتِهِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (الْكَنِيسَةُ) وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِالْمَحَارَةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْكَنْسِ وَهُوَ السَّتْرُ، فَإِنْ عَجَزَ فَالْمِحَفَّةُ، فَإِنْ عَجَزَ فَسَرِيرٌ يَحْمِلُهُ الرِّجَالُ. قَوْلُهُ: (وَأَطْلَقَ الْمَحَامِلِيُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِمَا الْمَحْمِلُ وَإِنْ قَدَرَتَا عَلَى
ــ
[حاشية عميرة]
يُسْتَثْنَى مِنْهُ الرَّجْعِيَّةُ وَإِنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهَا. قَوْلُهُ: (أَيْ أَقَارِبُ) أَيْ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) دَفْعٌ لِمَا يُقَالُ قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ تَخْصِيصُ هَذَا الْوَجْهِ بِمَا إذَا انْتَفَيَا مَعًا.
فَرْعٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الْأَهْلِ وَالْعَشِيرَةِ عَدَمَ تَيَسُّرِ حِرْفَةٍ لَهُ بِالْحِجَازِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِي الْغُرْبَةِ مِنْ الْوَحْشَةِ) بِدَلِيلِ تَغْرِيبِ الزَّانِي. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَانَ يَكْسِبُ فِي سَفَرِهِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ كَانَ يَقْدِرُ فِي الْحَضَرِ أَنْ يَكْتَسِبَ فِي يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِلْحَجِّ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ؟ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ: إنْ كَانَ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَجَبَ، لِأَنَّهُمْ إذَا كَلَّفُوهُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ فَفِي الْحَضَرِ أَوْلَى، فَإِنْ كَانَ طَوِيلًا فَيَتَّجِهُ أَيْضًا الْوُجُوبُ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهِمْ عِنْدَ الْكَسْبِ فِي السَّفَرِ الطَّوِيلِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (الرَّاحِلَةِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ النَّاقَةُ الَّتِي تَصْلُحُ لَأَنْ تَرْحَلَ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هِيَ الْبَعِيرُ النَّجِيبُ ثُمَّ الْحِمَارُ وَنَحْوُهُ كَالرَّاحِلَةِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: بِأَنْ تَكُونَ مُوَازِيَةً لِلضَّرَرِ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ وَجَدَ مُؤْنَةَ الْمَحْمِلِ بِتَمَامِهِ) قَالَ فِي الْوَسِيطِ: لِأَنَّ بَذْلَ الزَّائِدِ خُسْرَانٌ لَا مُقَابِلَ لَهُ اهـ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الَّذِي يَحْتَاجُهُ مِنْ الزَّادِ يَقُومُ مَقَامَ الشَّرِيكِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الشَّرِيكِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَكَلَامُ