للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَّةَ، (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى الْمَشْيِ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ) وَلَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ وُجُودُ الرَّاحِلَةِ

(فَإِنْ ضَعُفَ) عَنْ الْمَشْيِ (فَكَالْبَعِيدِ) عَنْ مَكَّةَ فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ وُجُودُ الرَّاحِلَةِ، وَالْمَحْمِلُ أَيْضًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّكُوبُ بِدُونِهِ، وَبِحَيْثُ اُعْتُبِرَ وُجُودُهُمَا فَالْمُرَادُ التَّمَكُّنُ مِنْ تَحْصِيلِهِمَا بِشِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ) بِمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا (فَاضِلَيْنِ عَنْ دِينِهِ وَمُؤْنَةِ مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ) وَالْمُؤْنَةُ تَشْمَلُ النَّفَقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهَا، كَالْكِسْوَةِ وَسَوَاءٌ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ، لِأَنَّهُ نَاجِزٌ وَالْحَجُّ عَلَى التَّرَاخِي وَالْمُؤَجَّلِ لِأَنَّهُ إذَا صَرَفَ مَا مَعَهُ إلَى الْحَجِّ، فَقَدْ يَحِلُّ الْأَجَلُ وَلَا يَجِدُ مَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنَ، وَقَدْ تَخْتَرِمُهُ الْمَنِيَّةُ فَتَبْقَى ذِمَّتُهُ مَرْهُونَةً، وَلَوْ كَانَ مَالُهُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهُ فِي الْحَالِ فَكَالْحَاصِلِ، وَإِلَّا فَكَالْمَعْدُومِ، (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ الْفَاضِلِ عَمَّا ذُكِرَ. (فَاضِلًا) أَيْضًا (عَنْ مَسْكَنِهِ وَعَبْدٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِخِدْمَتِهِ) لِزَمَانَتِهِ أَوْ مَنْصِبِهِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ بَلْ عَلَيْهِ بَيْعُهُمَا، وَيَكْتَفِي بِالِاكْتِرَاءِ، وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ مُسْتَغْرِقَةً لِحَاجَتِهِ، وَكَانَتْ سُكْنَى مِثْلِهِ وَالْعَبْدُ عَبْدَ مِثْلِهِ، فَأَمَّا إذَا أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِ الدَّارِ وَوَفَّى ثَمَنُهُ بِمُؤْنَةِ الْحَجِّ، أَوْ كَانَا نَفِيسَيْنِ لَا يَلِيقَانِ بِمِثْلِهِ، وَلَوْ أَبْدَلَهُمَا لَوَفَّى التَّفَاوُتُ بِمُؤْنَةِ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ جَزْمًا وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَأْتِيَ فِي النَّفِيسَيْنِ الْمَأْلُوفَيْنِ الْخِلَافُ فِيهِمَا فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ مُعْتَرَضًا بِهِ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ لَا بُدَّ مِنْ عَوْدِهِ هُنَا.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَرْفُ مَالِ تِجَارَتِهِ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ بِمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا وَفَارَقَ الْمَسْكَنَ وَالْعَبْدَ، لِأَنَّهُمَا مُحْتَاجٌ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ وَهُوَ إنَّمَا يُتَّخَذُ ذَخِيرَةً لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ لِئَلَّا يَلْتَحِقَ بِالْمَسَاكِينِ وَلَوْ كَانَ لَهُ مُسْتَغَلَّاتٌ يُحَصِّلُ مِنْهَا نَفَقَتَهُ لَزِمَهُ بَيْعُهَا وَصَرْفُهَا إلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأَصَحِّ أَيْضًا وَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيهَ بَيْعُ كُتُبِهِ لِلْحَجِّ فِي الْأَصَحِّ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ كُلِّ كِتَابٍ نُسْخَتَانِ، فَيَلْزَمُهُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَلَوْ مَلَكَ مَا يُمْكِنُهُ بِهِ الْحَجُّ وَاحْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ لِخَوْفِهِ الْعَنَتَ، فَصَرْفُ الْمَالِ إلَى النِّكَاحِ أَهَمُّ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ نَاجِزَةٌ وَالْحَجُّ

ــ

[حاشية قليوبي]

الْمَشْيِ بِلَا مَشَقَّةٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (أَيْ مَكَّةَ) فَلَا يُعْتَبَرُ عَرَفَةُ وَلَا الْحَرَمُ وَفَارَقَ اعْتِبَارَهَا فِي حَاضِرِي الْحَرَمِ مِنْهُ نَظَرًا لِلتَّخْفِيفِ فِيهِمَا.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ ضَعُفَ عَنْ الْمَشْيِ) أَيْ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الزَّحْفِ أَوْ الْحَبْوِ. قَوْلُهُ: (وَالْمَحْمِلُ) هُوَ الَّذِي يُعْرَفُ الْآنَ بِالشُّقْدُفِ وَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُعَادَلَةِ بِالْأَثْقَالِ لَمْ يَكْفِ عَنْ الشَّرِيكِ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (بِمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا) كَالْمَحْمِلِ. قَوْلُهُ: (عَنْ دَيْنِهِ) وَلَوْ لِلَّهِ تَعَالَى كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ. قَوْلُهُ: (مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ) مِنْهُمْ زَوْجَاتُهُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى نَفَقَتِهِمْ ذَهَابًا وَإِيَابًا بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ، وَمِنْهَا إعْفَافُ الْأَبِ وَمِنْ الْمُؤْنَةِ أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَثَمَنُ أَدْوِيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَأُجْرَةُ مَسْكَنِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا. قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَيَحْرُمُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُمْ جَوَازَهُ. قَوْلُهُ: (يَحْتَاجُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَا ذُكِرَ وَأَمَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْخِدْمَةِ كَالْعَبْدِ وَخَرَجَ بِالْحَاجَةِ مَنْ اسْتَغْنَى بِسُكْنَى زَوْجٍ أَوْ نَحْوِ رِبَاطٍ فَيَلْزَمُهُ بَيْعُهُ وَصَرْفُهُ فِي الْحَجِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ بَيْعُهَا إلَخْ) وَسَوَاءٌ أَحْسَنَ الْكَسْبَ أَوْ لَا، وَلَوْ افْتَقَرَ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْكَسْبُ وَلَا سُؤَالُ الصَّدَقَةِ أَوْ الزَّكَاةِ لِبَقَاءِ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى التَّرَاخِي خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيهَ بَيْعُ كُتُبِهِ) وَمِثْلُهُ كُلُّ ذِي حِرْفَةٍ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُ آلَةِ

ــ

[حاشية عميرة]

الْجُمْهُورِ وَهُوَ الْوَجْهُ اهـ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَحِقَهُ إلَخْ) لَوْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوبِ فِي الْكَنِيسَةِ، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ بِالْمَحَارَةِ وَلَكِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الرُّكُوبِ فِي الْمِحَفَّةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ جَمَلَيْنِ، وَتَمَكَّنَ مِنْ مُؤْنَتِهَا فَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ، وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ عِظَمِ الْمُؤْنَةِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ) أَيْ مِنْ مَكَّةَ نَفْسِهَا، لَا مِنْ الْحَرَمِ بِخِلَافِ الْمَسَافَةِ فِيمَنْ هُوَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الْحَرَمِ رِعَايَةً لِلتَّخْفِيفِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمُؤْنَةِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هِيَ الْكُلْفَةُ تَقُولُ مَأَنْته أَمْأَنُهُ كَسَأَلْتُهُ أَسْأَلُهُ، وَمُنْت أَمُونُ كَقُلْتُ أَقُولُ، وَيَدْخُلُ فِيهَا إعْفَافُ الْوَالِدِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ لَهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ، أَقُولُ كَذَا قَالُوا لَكِنْ قَالُوا أَيْضًا: إنَّ احْتِيَاجَ الشَّخْصِ إلَى النِّكَاحِ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ، فَيَجِبُ أَنْ يُخَصَّ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَالُ إلَى أَنْ يَجِبَ إعْفَافُ نَفْسِهِ، إنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ فَإِنَّ إعْفَافَ نَفْسِهِ مُقَدَّمٌ عَلَى إعْفَافِ وَالِدِهِ. قَوْلُهُ: (فَقَدْ يَحِلُّ الْأَجَلُ) أَيْ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِآدَمِيٍّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَنْ مَسْكَنِهِ) لَوْ احْتَاجَ لِلسُّكْنَى بِأُجْرَةٍ، هَلْ تُعْتَبَرُ أُجْرَةُ الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ فَقَطْ أَمْ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>