للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى التَّرَاخِي، وَصَرَّحَ الْإِمَامُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَصَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ بِوُجُوبِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ. (الثَّالِثُ) مِنْ الشُّرُوطِ (أَمْنُ الطَّرِيقِ) ظَنًّا بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ. (فَلَوْ خَافَ) فِي طَرِيقِهِ (عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ سَبُعًا أَوْ عَدُوًّا أَوْ رَصَدِيًّا وَلَا طَرِيقَ) لَهُ (سِوَاهُ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ) عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الرَّصَدِيُّ يَرْضَى بِشَيْءٍ يَسِيرٍ وَيُكْرَهُ بَذْلُ الْمَالِ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى التَّعَرُّضِ لِلنَّاسِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِينَ يَخَافُهُمْ مُسْلِمِينَ أَمْ كُفَّارًا، لَكِنْ إنْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَطَاقُوا مُقَاوَمَتَهُمْ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لِلْحَجِّ وَيُقَاتِلُوهُمْ، لِيَنَالُوا ثَوَابَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يُسْتَحَبَّ الْخُرُوجُ وَالْقِتَالُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ آمِنٌ لَزِمَهُ سُلُوكُهُ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ إذَا وَجَدَ مَا يَقْطَعُهُ بِهِ

(وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ رُكُوبِ الْبَحْرِ) لِمَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ سِوَاهُ، (إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ) فِي رُكُوبِهِ كَسُلُوكِ طَرِيقِ الْبَرِّ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّ عَوَارِضَ الْبَحْرِ عَسِرَةُ الدَّفْعِ، فَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ لِخُصُوصِ ذَلِكَ الْبَحْرِ أَوْ لِهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، لَمْ يَجِبْ رُكُوبُهُ جَزْمًا وَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَوَجْهَانِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ، وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ اُسْتُحِبَّ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ، وَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ حَرُمَ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَفِي التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي لُزُومِ رُكُوبِهِ مُطْلَقًا لِلُزُومِ الظَّوَاهِرِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْحَجِّ، وَعَدَمُ اللُّزُومِ لِمَا فِي رُكُوبِهِ مِنْ الْخَوْفِ وَالْخَطَرِ هَذَا كُلُّهُ فِي الرَّجُلِ، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِيهَا خِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ لِضَعْفِهَا عَنْ احْتِمَالِ الْأَهْوَالِ، وَلِأَنَّهَا عَوْرَةٌ مُعَرَّضَةٌ لِلِانْكِشَافِ وَغَيْرِهِ لِضِيقِ الْمَكَانِ، فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ عَلَيْهَا لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهَا، وَقِيلَ: يَطَّرِدُ الْخِلَافُ وَلَيْسَتْ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ كَجَيْحُونَ وَنَحْوِهِ فِي حُكْمِ الْبَحْرِ لِأَنَّ

ــ

[حاشية قليوبي]

حِرْفَتِهِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا، وَمِثْلُهَا خَيْلُ الْجُنْدِيِّ (وَ) سِلَاحُهُ وَبَهَائِمُ الزُّرَّاعِ وَمِحْرَاثُهُ. قَوْلُهُ: (أَهَمُّ) هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ حَاجَةَ النِّكَاحِ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ لَكِنَّ تَقْدِيمَ النِّكَاحِ أَوْلَى وَعَلَيْهِ لَوْ مَاتَ بَعْدَ تَقْدِيمِ النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا وَيَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ فَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُ الْحَجِّ وَفِي هَذِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَهُ كَانَ عَاصِيًا. كَذَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ خَافَ) أَيْ وَإِنْ اخْتَصَّ الْخَوْفُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (مَالِهِ) أَيْ الَّذِي يَبْذُلُهُ لِلْحَجِّ لَا نَحْوُ مَالِ تِجَارَةٍ. وَشَرَطَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ الْأَمْنَ عَلَى مَالِهِ فِي الْحَضَرِ لَوْ سَافَرَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ لَوْ كَانَ إذَا سَافَرَ لَهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى مَا يَبْقَى مِنْ أَمْوَالِهِ فِي بَلَدِهِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ رَصَدِيًّا) وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَإِسْكَانِهَا، مَنْ يَرْقُبُ الطَّرِيقَ لِيَأْخُذَ مِنْ الْمَارَّةِ شَيْئًا نَعَمْ لَوْ كَانَ الْبَاذِلُ لِلرَّصَدِيِّ الْإِمَامُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ عَنْ جَمِيعِ الرَّكْبِ لَا عَنْ وَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ لَمْ يَسْقُطْ الْوُجُوبُ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَخْرُجُوا) وَإِذَا خَرَجُوا وَالْتَقَتْ الصُّفُوفُ حَرُمَ الِانْصِرَافُ. وَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وُجُوبُ رُكُوبِ الْبَحْرِ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَهُ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي أَقَلَّ خَوْفًا أَوْ مَشَقَّةً، سَوَاءٌ اسْتَوَتْ الْمَسَافَةُ أَمْ لَا. قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْبَرِّ. قَوْلُهُ: (لِمَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ سِوَاهُ) يَحْتَمِلُ أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ أَصْلًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ يَأْمَنُ فِيهِ. وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ: تَعَيَّنَ يُشْعِرُ بِالثَّانِي وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مَالٌ يَبْقَى بِالْبَحْرِ دُونَ الْبَرِّ فَهَلْ هُوَ مِنْ التَّعَيُّنِ أَوْ لَا. حَرِّرْهُ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْبَرَّ كَالْبَحْرِ. فَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ: أَمْنُ الطَّرِيقِ أَيْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجِبُ) أَيْ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

قَوْلُهُ: (فَفِيهَا خِلَافٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ فِيمَا ذُكِرَ فِيهِ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَتْ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا فِي وَقْتِ هَيَجَانِهَا

ــ

[حاشية عميرة]

الدَّوَامِ؟ . قَوْلُهُ: (مَا يَلِيقُ بِهِ) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِلطَّرِيقِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ أَمْنُ الطَّرِيقِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ رَصَدِيًّا) لَوْ كَانَ الْبَاذِلُ لَهُ الْإِمَامُ لَمْ يَمْنَعْ الْوُجُوبَ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: الْقِيَاسُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِلْمِنَّةِ وَالرَّصَدِيِّ بِسُكُونِ الصَّادِ وَفَتْحِهَا الْمُتَرَتِّبُ لِلشَّيْءِ، وَالْمُرَادُ الْأَمْنُ الْعَامُّ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْخَوْفِ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْوَاحِدِ، وَلَوْ كَانَ الْخَوْفُ بِسَبَبِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ فَكَالْعَدِمِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَتْنِ: (وُجُوبُ رُكُوبِ الْبَحْرِ) بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ تَحْرِيمَ السَّفَرِ بِالْوَلَدِ فِيهِ لِلْعُذْرِ، وَاعْتَرَضَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ التَّغْرِيرُ وَهُوَ جَائِزٌ مُحَافَظَةً عَلَى الْأَجْرِ لِلْوَلَدِ، كَمَا فِي إحْضَارِهِ فِي الْغَزْوِ وَالرَّضْخِ لَهُ. قَوْلُهُ: (فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يُلَائِمُ غَلَبَةَ الْهَلَاكِ. قَوْلُهُ: (فَفِيهَا خِلَافٌ مُرَتَّبٌ) أَيْ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>