للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقَامَ فِيهَا لَا يَطُولُ وَالْخَطَرَ فِيهَا لَا يَعْظُمُ، (وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْبَذْرَقَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْخِفَارَةُ، لِأَنَّهَا مِنْ أُهُبِ الْحَجِّ فَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِهِ الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي يَقُولُ: هِيَ خُسْرَانٌ لِدَفْعِ الظُّلْمِ، فَلَا يَجِبُ الْحَجُّ مَعَ طَلَبِهَا، وَالْخِلَافُ وَجْهَانِ وَالتَّصْحِيحُ لِلْإِمَامِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَالْخُرَاسَانِيِّي نَ أَنَّهُ إذَا احْتَاجَ إلَى خَفَارَةٍ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ، وَحَمَلَهُ عَلَى إرَادَةِ مَا يَأْخُذُهُ الرَّصَدِيُّونَ فِي الْمَرَاصِدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

(وَيُشْتَرَطُ) فِي وُجُوبِ الْحَجِّ (وُجُودُ الْمَاءِ وَالزَّادِ فِي الْمَوَاضِعِ الْمُعْتَادِ حَمْلُهُ مِنْهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَهُوَ الْقَدْرُ اللَّائِقُ بِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ) ، فَإِنْ كَانَ لَا يُوجَدُ بِهَا لِخُلُوِّهَا مِنْ أَهْلِهَا، وَانْقِطَاعِ الْمِيَاهِ أَوْ كَانَ يُوجَدُ بِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ لَمْ يَجِبْ الْحَجُّ، (وَعَلْفُ الدَّابَّةِ فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ) . لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَعْظُمُ بِحَمْلِهِ لِكَثْرَتِهِ، وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِيهِ كَالْمَاءِ، (وَ) يُشْتَرَطُ (فِي الْمَرْأَةِ) لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا (أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ) بِنَسَبٍ أَوْ غَيْرِ نَسَبٍ. (أَوْ نِسْوَةٌ ثِقَاتٌ) لِتَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ مَحْرَمٍ لِإِحْدَاهُنَّ) لِأَنَّ الْأَطْمَاعَ تَنْقَطِعُ بِجَمَاعَتِهِنَّ، وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ لِيُكَلِّمَ الرِّجَالُ عَنْهُنَّ، وَيُعِينَهُنَّ إذَا نَابَهُنَّ أَمْرٌ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ، وَقَدْ عَطَفَهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَوْ، (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أُجْرَةُ الْمَحْرَمِ إذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِهَا) لِأَنَّهُ مِنْ أُهْبَةِ سَفَرِهَا فَفِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ: «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ» ، فَيُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا قُدْرَتُهَا عَلَى أُجْرَتِهِ وَالثَّانِي يَقُولُ: مِنْ حَقِّهِ الْخُرُوجُ مَعَهَا فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِأُجْرَةٍ، لَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَيْهَا وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أُجْرَةِ الْبَذْرَقَةِ وَأَوْلَى بِاللُّزُومِ وَيَظْهَرُ أَنَّ أُجْرَةَ الزَّوْجِ كَأُجْرَةِ الْمَحْرَمِ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْمَحْرَمِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ نِسْوَةٌ مِنْ مَحَارِمَ كَإِخْوَانِهِ، وَعَمَّاتِهِ جَازَ وَإِنْ كُنَّ أَجْنَبِيَّاتٍ فَلَا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهِنَّ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ اهـ.

وَقَالَ قَبْلَ هَذَا بِيَسِيرٍ الْمَشْهُورُ جَوَازُ خَلْوَةِ رَجُلٍ

ــ

[حاشية قليوبي]

كَالْبَحْرِ. قَوْلُهُ: (أُجْرَةُ الْبَذْرَقَةِ) وَهِيَ كَلِمَةٌ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ وَيَجُوزُ فِيهَا إهْمَالُ الذَّالِ وَوَزْنُهَا مِفْعَلَةٌ كَمِنْطَقَةٍ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فَأَقَلُّ. قَوْلُهُ: (الْخِفَارَةُ) بِتَثْلِيثِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) هَذَا شَرْطٌ رَابِعٌ فِي ضِمْنِ الثَّالِثِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ فِي وُجُودِ مَا ذُكِرَ بِالْفِعْلِ مَعَهُ، وَهَذَا فِي وُجُودِهِ بِثَمَنِهِ فِي مَحَالِّهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ) نَعَمْ تُغْتَفَرُ هُنَا الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا بِخِلَافِ مَا هُنَا. قَوْلُهُ: (وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَرْأَةِ) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا) وَيَكْفِي فِي الْجَوَازِ لِلْوَاجِبِ مِنْ السَّفَرِ، وَلَوْ لِغَيْرِ الْحَجِّ امْرَأَةٌ وَأَمْنُهَا عَلَى نَفْسِهَا وَيَجُوزُ لَهَا النَّفَلُ مَعَ الزَّوْجِ أَوْ مَعَ مَحْرَمٍ لَا مَعَ نِسْوَةٍ، وَإِنْ كَثُرْنَ كَسَفَرِهَا، وَإِنْ قَصُرَ لِغَيْرِ وَاجِبٍ. وَلَوْ مَاتَ الْمَحْرَمُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ إحْرَامِهَا لَزِمَهَا الْإِتْمَامُ إنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا وَحَرُمَ عَلَيْهَا التَّحَلُّلُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا جَازَ أَوْ قَبْلَ إحْرَامِهَا لَزِمَهَا الرُّجُوعُ إنْ أَمِنَتْ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَحْرَمٌ) وَلَوْ مُرَاهِقًا وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بَصِيرًا فَالْأَعْمَى كَالْمُعْدِمِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: إلَّا إنْ كَانَ فَطِنًا حَاذِقًا فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ لَكِنَّ اشْتِرَاطَهُمْ مُصَاحَبَةَ نَحْوِ الْمَحْرَمِ لَهَا لِيَمْنَعَ عَنْهَا أَعْيُنَ النَّاظِرِينَ إلَيْهَا يُنَافِي ذَلِكَ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ ثِقَةً كَالزَّوْجِ وَكَالْمَحْرَمِ عَبْدُهَا الثِّقَةُ وَالْمَمْسُوحُ الثِّقَةُ وَالْأَمْرَدُ كَالْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (نِسْوَةٌ) أَقَلُّهُنَّ ثِنْتَانِ وَلَوْ إمَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ غَيْرَ بَالِغَاتٍ حَيْثُ لَهُنَّ حِذْقٌ. قَوْلُهُ: (ثِقَاتٌ) أَيْ إنْ كُنَّ غَيْرَ مَحَارِمَ وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ كُنَّ أَجْنَبِيَّاتٍ فَلَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَأَنَّ الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فِي الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (بِلَا مَشَقَّةٍ

ــ

[حاشية عميرة]

فَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ إلَخْ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَخْ) بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الْقَدْرَ الْيَسِيرَ الزَّائِدَ فِيهَا عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ يُغْتَفَرُ. قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ) زَادَ الْإِسْنَوِيُّ وَبِالْمُهْمَلَةِ أَيْضًا، وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهَا أَعْجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ. قَوْلُهُ: (وَالْخِلَافُ وَجْهَانِ) اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي عَطْفِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَلِذَا لَمْ يُقَدِّرْهُ الشَّارِحُ فِيمَا سَلَفَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِثَمَنِ الْمِثْلِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ غَالِيًا أَوْ رَخِيصًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ) اسْتَشْكَلَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، فَإِنْ أُرِيدَ الْمَرْعَى فَرُبَّمَا يَقْرُبُ. قَوْلُهُ: (لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهَا) خَرَجَ الْجَوَازُ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ إذَا وُجِدَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَأَمَّا سَفَرُ النَّفْلِ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهَا، وَإِنْ وَجَدَتْ عَدَدًا مِنْ النِّسْوَةِ هَذَا، وَلَكِنْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّ السَّفَرَ الْوَاجِبَ، يُكْتَفَى فِيهِ بِوَاحِدَةٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ مَحْرَمٌ) شَرَطَ الْعَبَّادِيُّ فِي الْمَحْرَمِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا وَيُقَاسُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>