للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنِسْوَةٍ لَا مَحْرَمَ لَهُ فِيهِنَّ، مُعْتَرِضًا بِهِ قَوْلَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ فَاسْتُغْنِيَ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ عَنْ مِثْلِهِ فِي الْخُنْثَى الْمُلْحَقِ بِالرَّجُلِ احْتِيَاطًا. (الرَّابِعُ) مِنْ الشُّرُوطِ (أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ) فِي مَحْمِلٍ فَمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهَا أَصْلًا أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهَا فِي مَحَلٍّ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَنْ انْتَفَتْ عَنْهُ الْمَشَقَّةُ فِي الْمَحْمِلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَعَلَى الْأَعْمَى الْحَجُّ إنْ وَجَدَ قَائِدًا) مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ يَقُودُهُ وَيَهْدِيهِ عِنْدَ النُّزُولِ، وَيُرْكِبُهُ وَيُنْزِلُهُ (وَهُوَ) فِي حَقِّهِ (كَالْمَحْرَمِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ) . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَيَكُونُ فِي وُجُوبِ اسْتِئْجَارِهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْوُجُوبُ. (وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ) فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ، (لَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ) لِتَبْذِيرِهِ (بَلْ يَخْرُجُ مَعَهُ الْوَلِيُّ أَوْ يُنَصِّبُ شَخْصًا لَهُ) لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ أُجْرَتَهُ كَأُجْرَةِ الْمَحْرَمِ.

تَنْبِيهٌ: يَدْخُلُ فِي شَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ مَا ذَكَرَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ رُفْقَةً يَخْرُجُ مَعَهُمْ عَلَى الْعَادَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ كَانَتْ الطَّرِيقُ بِحَيْثُ لَا يَخَافُ الْوَاحِدُ فِيهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الرُّفْقَةِ، أَمَّا إمْكَانُ السَّيْرِ وَهُوَ أَنْ يَبْقَى زَمَنٌ يُمْكِنُ السَّيْرُ فِيهِ إلَى الْحَجِّ السَّيْرَ الْمَعْهُودَ، فَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ، وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ لَيَجِبَ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ، وَلَيْسَ شَرْطًا لِأَصْلِ الْوُجُوبِ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ فِي الْحَالِ كَالصَّلَاةِ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَسَعُهَا وَتَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ بِمُضِيِّ زَمَنِ التَّمَكُّنِ مِنْ فِعْلِهَا، وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ وَأَجَابَ عَنْ الصَّلَاةِ بِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِإِمْكَانِ تَتْمِيمِهَا. (النَّوْعُ الثَّانِي اسْتِطَاعَةُ تَحْصِيلِهِ بِغَيْرِهِ فَمَنْ مَاتَ وَفِي ذِمَّتِهِ حَجٌّ وَجَبَ الْإِحْجَاجُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ) كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ اُسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ أَنْ

ــ

[حاشية قليوبي]

شَدِيدَةٍ) تَقَدَّمَ الْمُرَادُ بِهَا وَتَقَدَّمَ ضَبْطُ الْمَحْمِلِ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ أَوْ عَكْسُهُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَالْعُبَابِ. قَوْلُهُ: (إنْ وَجَدَ قَائِدًا) وَإِنْ أَحْسَنَ الْمَشْيَ وَلَوْ بِغَيْرِ الْعَصَا.

فَرْعٌ: لَوْ ظَنَّ مُسْقِطًا مِنْ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِهِ اسْتَصْحَبَ الْغَالِبَ فَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ شَيْءٌ وَجَبَ الْخُرُوجُ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لِظَنِّهِ وُجُودُ الْمَانِعِ وَالْمُسْقِطِ فَبَانَ عَدَمُهُ تَبَيَّنَ الْوُجُوبُ كَعَكْسِهِ.

قَوْلُهُ: (إنَّهُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ وَيَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّهُ اسْتَطَاعَ عِنْدَ خُرُوجِ أَهْلِ بَلَدِهِ ثُمَّ أَعْسَرَ قَبْلَ عَوْدِهِمْ كَمَا مَرَّ. إلَّا أَنَّهُ مَاتَ فَعِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ وَجَبَ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ وَتَصْوِيرُ كَلَامِهِمْ بِغَيْرِ هَذَا فَاسِدٌ وَلَا يُغْتَرُّ بِقَائِلِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ الِاسْتِئْجَارُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ قُلْنَا وَجَبَ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ قَطْعًا وَإِلَّا فَفِيهِ قَوْلَانِ. وَأَمَّا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الِاسْتِطَاعَةِ فَهُوَ كَمَنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فِي زَمَنٍ لَا يَسَعُهَا وَبِهِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الْوُجُوبِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ مَاتَ) أَيْ غَيْرَ مُرْتَدٍّ وَفَارَقَ الزَّكَاةَ بِأَنَّهُ

ــ

[حاشية عميرة]

غَيْرُهُ، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُهُ حَتَّى فِي حَقِّ الْعَجُوزِ. قَوْلُهُ: (فَاسْتَغْنَى إلَخْ) خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا. وَقَالَ: إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخَلْوَةُ بِهِنَّ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُنَّ، وَالسَّفَرُ مَظِنَّةُ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي مَا سَلَفَ لَهُ مِنْ جَوَازِ خَلْوَةِ الرَّجُلِ بِنِسْوَةٍ فِي غَيْرِ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (فِي مَحْمِلٍ) دَفْعٌ لِاعْتِرَاضِ الْإِسْنَوِيِّ، بِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي الشَّرْطِ الثَّانِي فِي عِبَارَتِهِ الْقُدْرَةُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، يَعْنِي الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَحْمِلِ فَتَكُونُ هِيَ الْمُرَادَةُ هُنَا، فَيُشْكِلُ بِأَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدَرَ عَلَى الرُّكُوبِ فِي الْمَحْمِلِ وَجَبَتْ الْمُبَاشَرَةُ اهـ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْمُرَادَ الرَّاحِلَةُ الشَّرْعِيَّةُ فَلَا إيرَادَ. قَوْلُهُ: (لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ) بَلْ يَكُونُ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ يُقَالُ الْمَذْكُورُ هُنَا هُوَ الَّذِي سَلَفَ، نَعَمْ الْمَذْكُورُ هُنَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ تَصْرِيحًا بِمَا فُهِمَ مِنْ هُنَاكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ (فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَطِيعِ فِي الْحَالِ) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةَ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَسْتَقِرُّ، وَلَا يَقْضِي مِنْ تَرِكَتِهِ إلَّا إنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (كَمَا تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْحَجَّ عَنْهُ يَكُونُ قَضَاءً لِفَوَاتِ الْوَقْتِ وَهُوَ الْعُمُرُ. قَوْلُهُ: (قَالَ نَعَمْ) وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ أَشْبَهَ الْحَجَّ بِالدَّيْنِ، وَأَذِنَ لَهُ فِي الْحَجِّ عَنْهُ، وَالدَّيْنُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَا، فَكَذَا الْحَجُّ وَمِنْ ثَمَّ سَاغَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>