للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ (فَلَوْ أَحْدَثَ فِيهِ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَفِي قَوْلٍ اسْتَأْنَفَ) كَمَا فِي الصَّلَاةِ. وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الطَّوَافَ يُحْتَمَلُ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الصَّلَاةِ كَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَالْكَلَامِ. وَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَإِنْ قُلْنَا فِي التَّعَمُّدِ يَبْنِي فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَقَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا الْبِنَاءُ. وَسَوَاءٌ عَلَى الْبِنَاءِ طَالَ الْفَصْلُ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي أَنَّ مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ مُوَالَاتُهُ.

وَفِي قَوْلٍ إنَّهَا وَاجِبَةٌ فَيَسْتَأْنِفُ فِي الطُّولِ بِلَا عُذْرٍ عَلَى هَذَا، وَحَيْثُ لَا نُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ نَسْتَحِبُّهُ (وَأَنْ يَجْعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ) وَيَمُرَّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ (مُبْتَدِئًا) فِي ذَلِكَ (بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مُحَاذِيًا) بِالْمُعْجَمَةِ (لَهُ فِي مُرُورِهِ) عَلَيْهِ ابْتِدَاءً (بِجَمِيعِ بَدَنِهِ) بِأَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ.

وَفِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُهُ.

وَيَجُوزُ جَعْلُهُ عَنْ يَسَارِهِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: أَنَّ الْمُرَادَ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ جَمِيعُ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ (فَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ لَمْ يُحْسَبْ فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ) وَلَوْ حَاذَاهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ وَبَعْضُهُ مُجَاوِزٌ إلَى جَانِبِ الْبَابِ فَالْجَدِيدُ لَا يُعْتَدُّ بِهَذِهِ الطَّوْفَةِ. وَلَوْ حَاذَى بِجَمِيعِ الْبَدَنِ بَعْضَ الْحَجَرِ دُونَ بَعْضٍ أَجْزَأَهُ. ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْعِدَّةِ وَغَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَوْلَيْنِ انْتَهَى. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُحَاذَاةِ الْحَجَرِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اسْتِقْبَالُهُ وَأَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى لِعَدَمِ الْمُرُورِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ عَلَى الْحَجَرِ فَلَا بُدَّ فِي اسْتِقْبَالِهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْحَجَرِ، الْمَذْكُورُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَإِنْ عَبَّرَ فِيهِ يَنْبَغِي، وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ أَوْ اسْتَدْبَرَهُ وَجَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

يَتَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ رُطُوبَةٌ وَأَنْ لَا يَجِدَ مَكَانًا خَالِيًا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَحْدَثَ) أَيْ أَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ أَوْ تَنَجَّسَ.

قَوْلُهُ: (وَبَنَى) إلَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونَ فَيَسْتَأْنِفَانِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَيَمُرُّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) وَلَوْ مُنَكَّسًا أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ وَجْهِهِ أَوْ مَحْمُولًا عَلَى دَابَّةٍ مَثَلًا. نَعَمْ الْمُعْتَبَرُ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْمُولِ الْوَلِيُّ دُونَهُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ) وَمَحَلُّهُ مِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ إلَخْ) أَشَارَ بِأَنْ إلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْمُحَاذَاةِ وَإِنْ كَانَ بَدَنُهُ أَصْغَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَجَرِ أَوْ أَكْبَرَ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الطَّوَافِ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا الظَّاهِرُ بِظَاهِرٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا بِالشِّقِّ الْأَيْسَرِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْغَزَالِيِّ إذْ مَعَ طَلَبِ الِاسْتِقْبَالِ لَا بُدَّ مِنْ انْحِرَافِهِ إلَيْهِ بِشِقِّهِ الْأَيْسَرِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ. فَقَوْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ الْمُرَادُ إذَا قَرُبَ مِنْ مُجَاوَزَتِهِ، وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى إلَخْ. وَإِنْ كَانَ فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ مَا يُوَافِقُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الطَّوَافِ إذْ أَوَّلُهُ مِنْ انْفِتَالِهِ. وَلَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ مِنْ كَوْنِ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِدَارُ الْبَارِزُ إلَخْ) وَارْتِفَاعُهُ مُطْلَقًا رُبْعُ وَثُمْنُ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهُ فِي جِهَةِ الْبَابِ نِصْفُ وَرُبْعُ ذِرَاعٍ وَفِي غَيْرِهَا نِصْفُ ذِرَاعٍ، وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَيْتِ شاذروان قَدِيمٌ غَيْرُ الَّذِي فِي جِهَةِ الْبَابِ، فَالْمَوْجُودُ فِي

ــ

[حاشية عميرة]

فَرْجِهَا سُيُورًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَلَوْ أَحْدَثَ إلَخْ) نَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، وَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ وَالْوُضُوءُ وَعَلَّلَهُ بِزَوَالِ التَّكْلِيفِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِغَيْرِهِ.

فَرْعٌ: حُكْمُ الْخَارِجِ لِحَاجَةٍ حُكْمُ الْخَارِجِ لِلْحَدَثِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ: (وَيَمُرُّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ) مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِهَذَا أَنْ يُدَارَ بِالْمَرِيضِ، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَشِقُّهُ الْأَيْسَرُ لِجِهَةِ الْبَيْتِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُبْتَدِئًا إلَخْ) هُوَ حَالٌ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى يَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ فِي حَالِ ابْتِدَائِهِ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ وُجُوبَ الِابْتِدَاءِ، بَلْ وَلَا وُجُوبَ الْجَعْلِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الِابْتِدَاءِ، كَذَا أَوْرَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي مُحَاذِيًا. قَوْلُهُ: (بِأَنْ لَا يُقَدِّمَ جُزْءًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْجُزْءُ جَاوَزَ الْحَجَرَ إلَى جِهَةِ الْبَابِ، فَهَذَا هُوَ الْمُضِرُّ لَا تَقَدُّمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ عَنْ أَوَّلِ الْحَجَرِ، الَّذِي فِي جِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ يَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْبَعْضِ الْآتِيَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ، لَكِنْ قَدْ ذُكِرَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَ النِّصْفَ الثَّانِيَ عَمْدًا ثُمَّ قَرَأَ الْأَوَّلَ لَا يَبْنِي عَلَيْهِ، بَلْ يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ وَكَانَ قِيَاسُهُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إذَا ابْتَدَأَ مِنْ الْبَابِ وَدَارَ حَتَّى انْتَهَى إلَيْهِ، لَا يُحْسَبُ لَهُ مُرُورُهُ مِنْ الْحَجَرِ إلَيْهِ حَتَّى يَعُودَ إلَى الْحَجَرِ ثَانِيًا، وَإِذَا لَمْ تُحْسَبْ تِلْكَ الْمَسَافَةُ فَلَا يُحْسَبُ مَا بَعْدَهَا، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى طَوْفَةٍ قَدْ عَادَ فِيهَا مِنْ الْبَابِ إلَى الْحَجَرِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (ابْتَدَأَ مِنْهُ) أَيْ مَعَ النِّيَّةِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ. قَوْلُهُ: (وَظَاهِرٌ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: قَدْ تَكَلَّفُوا لِتَصْوِيرِهَا وَلَا وَقْفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>