للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَشَى نَحْوَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي أَوْ نَحْوَ الْبَابِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ مَشَى قَهْقَرَى نَحْوَ الرُّكْنِ الْيَمَانِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ (وَلَوْ مَشَى عَلَى الشَّاذَرْوَانِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْجِدَارُ الْبَارِزُ عَنْ عُلُوِّهِ بَيْنَ رُكْنِ الْبَابِ وَالرُّكْنِ الشَّامِيِّ (أَوْ مَسَّ الْجِدَارَ) الْكَائِنَ (فِي مُوَازَاتِهِ) أَيْ الشَّاذَرْوَانِ (أَوْ دَخَلَ مِنْ إحْدَى فَتْحَتَيْ الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَخَرَجَ مِنْ الْأُخْرَى) وَهُوَ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ عَلَيْهِ جِدَارٌ قَصِيرٌ (لَمْ تَصِحَّ طَوْفَتُهُ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ فِيهَا طَائِفٌ فِي الْبَيْتِ لَا بِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] وَالْحَجَرُ قِيلَ جَمِيعُهُ مِنْ الْبَيْتِ وَالصَّحِيحُ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ فَقَطْ (وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَسِّ وَجْهٌ) أَنَّهُ تَصِحُّ طَوْفَتُهُ فِيهَا لِأَنَّ مُعْظَمَ بَدَنِهِ خَارِجٌ فَيَصْدُقُ أَنَّهُ طَائِفٌ بِالْبَيْتِ (وَأَنْ يَطُوفَ سَبْعًا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) وَلَوْ فِي أُخْرَيَاتِهِ وَلَا بَأْسَ بِالْحَائِلِ فِيهِ كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي وَالْأَصْلُ فِيمَا ذِكْرُ الِاتِّبَاعِ. مِنْهُ مَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَى الْحَجَرَ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ مَشَى عَلَى يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا» ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ إلَّا الْمَشْيَ عَلَى يَمِينِهِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ " عَنْ جَابِرٍ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُومِئُ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» .

ــ

[حاشية قليوبي]

غَيْرِهَا حَادِثٌ فَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ فَوْقَهُ وَلَا مَسُّ الْجِدَارِ فَوْقَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الطَّائِفِ فِي هَوَاءِ الْبَيْتِ. وَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ عَنْ النَّوَوِيِّ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. قَوْلُهُ: (أَوْ مَسَّ الْجِدَارَ) أَيْ يُجْزِئُ مِنْ بَدَنِهِ وَلَا يَضُرُّ مَسُّهُ بِمَلْبُوسِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِي يَدِهِ كَمَا لَا يَضُرُّ مَسُّ جِدَارِ الشاذروان مِنْ أَسْفَلِهِ بِبَدَنِهِ وَلَا مَسُّ جِدَارِ الْبَيْتِ فِي غَيْرِ جِهَةِ الشاذروان كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ الْحَجَرُ وَفَتْحَتَاهُ مُلَاصِقَتَانِ لِجِدَارِ الْبَيْتِ فَهُمَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ اسْتِقْبَالُ الْمُصَلِّي لَهُمَا قَالُوا لِعَدَمِ الْيَقِينِ فِي كَوْنِهِمَا مِنْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ جِدَارٌ قَصِيرٌ) وَحُكْمُ هَذَا الْجِدَارِ حُكْمُ جِدَارِ الْبَيْتِ فَيَضُرُّ جَعْلُ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ فَوْقَهُ أَوْ فِي رَفْرَفِهِ، وَلَوْ فِيمَا زَادَ عَلَى السِّتَّةِ أَذْرُعٍ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ كَمَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (وَالْحِجْرُ) أَيْ بِكَسْرِ الْحَاءِ كَمَا مَرَّ، وَيُسَمَّى الْحَطِيمَ لِمَا قِيلَ إنَّهُ حُطِّمَ أَيْ مَاتَ فِيهِ أُلُوفٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَفِيهِ قَبْرُ إسْمَاعِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ وَكَانَ مَحَلُّ مَأْوَى غَنَمِهِ لَيْلًا. وَيُسَمَّى مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْمَقَامِ حَطِيمًا أَيْضًا كَمَا فِي اللِّعَانِ.

قَوْلُهُ: (سِتَّةِ أَذْرُعٍ) فَقَطْ أَيْ تَقْرِيبًا لِمَا قِيلَ إنَّهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَنَحْوُ شِبْرٍ وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا بَيْنَ صَدْرِهِ وَجِدَارِ الْبَيْتِ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا تَقْرِيبًا وَعَرْضُ جِدَارِهِ ذِرَاعَانِ وَثُلُثُ ذِرَاعٍ، وَارْتِفَاعُهُ فَوْقَ ذِرَاعَيْنِ وَسَعَةُ كُلِّ فَتْحَةٍ مِنْهُ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَذْرُعٍ. قَوْلُهُ: (دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَإِنْ وَسِعَ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْحِلَّ، وَلَا يَضُرُّ ارْتِفَاعُ الطَّائِفِ عَلَى الْبَيْتِ كَسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَأَوَّلُ مَنْ حَوَّطَ عَلَى الْمَسْجِدِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ وَسَّعَهُ بَعْدَهُ الْإِمَامُ الْخَلِيفَةُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ بَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ

ــ

[حاشية عميرة]

فِيهِ، وَصُورَتُهَا أَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْحَجَرَ بِوَجْهِهِ بَلْ يَجْعَلُهُ عَلَى يَسَارِهِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْحَجَرُ فِي سَمْتِ عَرْضِ بَدَنِهِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْمَنْكِبَ وَنَحْوَهُ مِمَّا هُوَ فِي جِهَةِ الْعَرْضِ دُونَ جُرْمِ الْحَجَرِ، وَقَوْلُهُ: إنَّ الْمُرَادَ إلَخْ هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَقَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى الشَّاذَرْوَانِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ التَّرْتِيبَ يُعْتَبَرُ بَيْنَ الْأَشْوَاطِ وَكَذَا بَيْنَ أَجْزَاءِ كُلِّ شَوْطٍ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجِدَارُ إلَخْ) كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي تَرَكَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ عَرْضِ الْأَسَاسِ خَارِجًا عَنْ عَرْضِ الْجِدَارِ، فِيمَا عَدَا جِهَةَ الْحَجَرِ غَيْرُ صَوَابٍ، وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْبِنَاءَ الَّذِي يُشْبِهُ الشاذروان الْكَائِنَ الْآنَ مِنْ الْأَسْوَدِ إلَى الْيَمَانِيِّ، ثُمَّ مِنْهُ إلَى الشَّامِيِّ مُحْدَثٌ، وَلَعَلَّهُ مَنْشَأُ وَهْمِ شَارِحِ الْإِرْشَادِ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَالَهُ هُوَ مَا فِي نُفُوسِ النَّاسِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، وَقَدْ يُعْتَذَرُ لَهُ بِأَنَّهُ فِي تَيْنَكِ الْجِهَتَيْنِ أَيْضًا، وَلَكِنَّ جِهَةَ الْبَابِ أَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْت الْعِرَاقِيَّ تَعَرَّضَ لِلْمَسْأَلَةِ. وَقَالَ: إنَّ اخْتِصَاصَهُ بِجِهَةِ الْبَابِ. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُشَاهَدِ مِنْ تَعْمِيمِ الْجُدُرِ الثَّلَاثِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ اهـ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي مُوَازَاتِهِ) اُحْتُرِزَ عَنْ مَشْيِهِ لَا فِي مُوَازَاةِ الشَّاذَرْوَانِ كَمَا فِي الْجِهَةِ الَّتِي بَيْنَ الْيَمَانِيِّ وَالرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، وَكَذَا الَّتِي بَيْنَ الْيَمَانِيِّ وَالشَّامِيِّ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ قَدْرُ سِتَّةِ أَذْرُعٍ) إلَى آخِرِ الْفَتْحَةِ مِنْهَا.

فَرْعٌ: لَوْ اسْتَقْبَلَ هَذَا الْمِقْدَارَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَصِحَّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ قَطْعِيٍّ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ الْمُسْلِمِينَ لَهُ بَعْدَ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَإِنْ قِيلَ: ذَلِكَ إجْمَاعٌ قِيلَ فَهَلَّا دَامَ حُكْمُهُ بَعْدَ هَدْمِ الْحَجَّاجِ لَهُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجْهٌ) هُوَ وَجِيهٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْمَسْجِدِ لَا إثْمَ عَلَيْهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَبْعًا) هُوَ فِي طَوَافِ النُّسُكِ أَمَّا النَّفَلُ فَحَاوَلَ فِي الْخَادِمِ جَوَازَ التَّطَوُّعِ بِطَوْفَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>