للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا إنْ عَادَ لَيْلًا فِي الْأَصَحِّ) وَرُجِّحَ الْقَطْعُ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَالثَّانِي يَجِبُ الدَّمُ لِأَنَّ النُّسُكَ الْوَارِدَ الْجَمْعُ بَيْنَ آخِرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِ اللَّيْلِ وَقَدْ فَوَّتَهُ. وَالْخِلَافُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْوُجُوبِ فِي عَدَمِ الْعَوْدِ (وَلَوْ وَقَفُوا الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا) لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ التَّاسِعُ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ هِلَالُ ذِي الْقَعْدَةِ فَأَكْمَلُوهُ ثَلَاثِينَ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الْهِلَالَ أَهَلَّ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ. إمَّا فِي أَثْنَاءِ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ (أَجْزَأَهُمْ) وُقُوفُهُمْ (إلَّا أَنْ يَقِلُّوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ) فِي الْحَجِيجِ (فَيَقْضُونَ) هَذَا الْحَجَّ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَضَائِهِمْ مَشَقَّةٌ عَامَّةٌ، وَالثَّانِي لَا يَقْضُونَ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْمَنُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ وَلَوْ بَانَ الْأَمْرُ قَبْلَ الزَّوَالِ مِنْ الْعَاشِرِ فَوَقَفُوا بَعْدَهُ، قَالَ فِي التَّهْذِيبِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ لَا يُجْزِئُهُمْ لِأَنَّهُمْ وَقَفُوا عَلَى يَقِينِ الْفَوَاتِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ عَامَّةَ الْأَصْحَابِ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ وَهُمْ بِمَكَّةَ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ حُضُورِ الْمَوْقِفِ بِاللَّيْلِ يَقِفُونَ مِنْ الْغُدُوِّ، وَيُحْسَبُ لَهُمْ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ الْغُرُوبِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ. نَصَّ عَلَى أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ مِنْ الْغَدِ الْعِيدَ فَإِذَا لَمْ نَحْكُمْ بِالْفَوَاتِ بِقِيَامِ الشَّهَادَةِ لَيْلَةَ الْعَاشِرِ لَزِمَ مِثْلُهُ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَسَكَتَ عَلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ وَقَفُوا الْيَوْمَ الْحَادِيَ عَشَرَ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُمْ بِحَالٍ (وَإِنْ وَقَفُوا فِي) الْيَوْمِ (الثَّامِنِ وَعَلِمُوا قَبْلَ فَوْتِ الْوَقْتِ وَجَبَ الْوُقُوفُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ عَلِمُوا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ فَوْتِ الْوُقُوفِ (وَجَبَ الْقَضَاءُ) لِهَذَا الْحَجِّ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَجِبُ كَمَا فِي الْغَلَطِ بِالتَّأْخِيرِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِسَابِ مِنْ

ــ

[حاشية قليوبي]

وَيُوَافِقُهُ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (وَرَجَحَ الْقَطْعُ إلَخْ) فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَذْهَبِ أَنْسَبُ. قَوْلُهُ: (غَلَطًا) حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ كَوْنُهُ مَفْعُولًا لِأَجْلِهِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى.

وَقَالَ شَيْخُنَا: بَلْ هُوَ مُتَعَيِّنٌ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ فَقْدُ بَعْضِ شُرُوطِ الْمَفْعُولِ لَهُ كَمَا قِيلَ، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ ظَهَرَ لَهُمْ الْغَلَطُ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ فَوَقَفُوا بَعْدَ زَوَالِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُمْ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لِظَنِّهِمْ إلَى دَفْعِ قَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنَّ التَّصْوِيرَ الْمَذْكُورَ جَهْلٌ لَا غَلَطٌ. قَوْلُهُ: (هِلَالُ ذِي الْقَعْدَةِ) أَيْ الْمُتَّصِلِ بِهَا، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ وَكَانَ الْأَصْوَبُ التَّعْبِيرَ بِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (أَجْزَأَهُمْ وُقُوفُهُمْ) أَيْ بَعْدَ زَوَالِ الْعَاشِرِ لَا قَبْلَهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ وَتَكُونُ لَيْلَةُ الْعِيدِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَيُجْزِئُ الْوُقُوفُ فِيهَا وَلَا تَدْخُلُ أَعْمَالُ الْحَجِّ إلَّا بَعْدَ نِصْفِهَا. وَيَجِبُ مَبِيتُ مُزْدَلِفَةَ فِيهَا وَالْيَوْمُ الَّذِي بَعْدَهُ هُوَ يَوْمُ الْعِيدِ فَلَا تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ قَبْلَ طُلُوعِ شَمْسِهِ، وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ، وَتَكُونُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلَاثَةً بَعْدَهُ تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ فِيهَا وَيَحْرُمُ صَوْمُهَا. وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاجِّ دُونَ غَيْرِهِمْ فِيمَا يَظْهَرُ. نَعَمْ مَنْ رَأَى أَوْ أَخْبَرَهُ مَنْ رَأَى وَصَدَّقَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ وَحْدَهُ كَمَا فِي الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (قَالَ فِي التَّهْذِيبِ إلَخْ) هُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَسُكُوتُهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ارْتَضَاهُ. قَوْلُهُ: (يَقِفُونَ مِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

وَدَلِيلُ الثَّانِي هُوَ الْعَمَلُ. قَوْلُهُ: (وَرُجِّحَ الْقَطْعُ بِهِ) وَمِنْ ثَمَّ اعْتَرَضَ الْإِسْنَوِيُّ عَدَمَ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ، ثُمَّ التَّعْبِيرُ بِالْأَصَحِّ دُونَ الصَّحِيحِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (غَلَطًا) مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ فَتَشْمَلُ الْعِبَارَةُ مَا لَوْ انْكَشَفَ الْحَالُ قَبْلَ الزَّوَالِ، ثُمَّ وَقَفُوا عَلَى يَقِينِ الْفَوَاتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أُعْرِبَ حَالًّا. قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَفْعُولَ لِأَجْلِهِ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ مَعَ الْمُعَلَّلِ بِهِ فِي الْوَقْتِ. قَوْلُهُ: (لِظَنِّهِمْ) حَاوَلَ بِهِ تَصْحِيحَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْغَلَطِ عَلَى التَّصْوِيرِ الْآتِي، لِيَدْفَعَ قَوْلَ الْإِسْنَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّهُ يُسَمَّى جَهْلًا لَا غَلَطًا قَالَ: نَعَمْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ غَلِطُوا فِي الْحِسَابِ، وَهُوَ غَيْرُ مُغْتَفَرٍ فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ الْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَمَا الْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ لَا يَقْتَضِيهِ.

قَوْلُهُ: (هِلَالُ ذِي الْقَعْدَةِ) عَبَّرَ غَيْرُهُ بِذِي الْحِجَّةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَأَمَّا عِبَارَةُ الشَّيْخِ فَكَأَنَّهُ أَرَادَ نِسْبَتَهُ إلَيْهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تُطْلَبُ رُؤْيَتُهُ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهَا، فَلَهُ بِهَا نَوْعُ ارْتِبَاطٍ مُصَحِّحٌ لِلْإِضَافَةِ أَوْ مُرَادُهُ أَنَّ هِلَالَهَا غُمَّ عَلَيْهِمْ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَوَّالٍ، فَأَكْمَلُوا عِدَّةَ شَوَّالٍ وَعِدَّةَ الْقَعْدَةِ، وَشَرَعُوا فِي الْحِجَّةِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ ثُمَّ ثَبَتَ فِي التَّاسِعِ مِنْ الْحِجَّةِ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ فِي لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَوَّالٍ، فَيَكُونُ التَّاسِعُ عَاشِرًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَجْزَأَهُمْ) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. .

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَيَقْضُونَ) أَيْ فَإِنَّهُمْ يَقْضُونَ وَلَا يَصِحُّ نَصْبُهُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلَوْ وَقَفُوا قَبْلَ الزَّوَالِ يَوْمَ الْعَاشِرِ غَلَطًا، ثُمَّ انْكَشَفَ الْحَالُ قَبْلَ الزَّوَالِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْوُقُوفِ بَعْدَ الزَّوَالِ. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ عَلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ) صَحَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْإِجْزَاءَ ثُمَّ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ وَقَضِيَّةُ رَمَضَانَ عَدَمُ سَمَاعِهَا فَمَا الْفَرْقُ؟ . قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>